احيت سفارة الولاياتالمتحدةالامريكية مساء اليوم الذكرى 239 لاستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية.وقد سجل حضور رئيس الحكومة الحبيب الصيد وعدد من الوزراء والسياسيين من ضمنهم راشد الغنوشي وعلي العريض ومهدي جمعة وقد القى السفير الامريكي جاكوب والس بالمناسبة كلمة فيما يلي نصها: أودّ أن أبدأ بالإعراب عن خالص تعازيّ لأسر وأصدقاء ضحايا الهجوم الارهابي الفضيع الذي جدّ يوم الجمعة الماضي بسوسة و أودى بحياة أكثر من 30 شخصا من المملكة المتحدة، بالإضافة إلى آخرين من أيرلندا وألمانيا وبلجيكا والبرتغال وروسيا. لم يكن هذا الهجوم هجوما على تونس وضيوفها الأجانب فحسب بل كان أيضا هجوما على قيم الديمقراطية والتسامح والسلام التي تتقاسمها جميع الأمم الحرة. كأمريكيين، سيدفعنا هذا الهجوم إلى مضاعفة جهودنا لدعم تونس وإلى الوقوف جنبا إلى جنب مع أصدقائنا وحلفائنا في جميع أنحاء العالم، وإلى مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله. ويدفع هذا الهجوم الإرهابي بالمرء إلى تشديد إدانته له خاصة لتزامنه مع شهر رمضان المبارك، شهرالتضحية والتدبر بالنسبة للمسلمين. ويمثل متبنّوه أيديولوجية شريرة حرّفت قيم وتقاليد الإسلام والمؤمنين جميعا. هل لي أن أطلب من الجمع الكريم الوقوف دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا هجوم الأسبوع الماضي في سوسة، وجميع ضحايا الإرهاب في تونس وغيرها من الأماكن. اسمحوا لي أن أرحب الليلة برئيس الحكومة السيد الحبيب الصيد وبرئيس مجلس نواب الشعب السيد محمد الناصر وبوزير الشؤون الخارجية السيد الطيب البكوش، وبوزير المالية السيد سليم شاكر، وبوزيرالعدل السيد محمد صالح بن عيسى، وبوزيرالتشغيل السيد زياد العذاري. واسمحوا لي أيضا بالترحيب بضيوف مبجّلين آخرين وأخص بالذكر رئيس الحكومة السابق السيد مهدي جمعة ورئيس الحكومة الأسبق السيد علي العريض والشيخ راشد الغنوشي. وأودّ أن أشكر أيضا الجهات الراعية لهذا الحفل و منها فندق رامادا بلازا، وشركات أناداركو وجنرال الكتريك لمساهماتهم السخية. ولن أنسى بالطبع شكر موظفي السفارة المثابرين بقيادة ديني هولدر لما بذلوه من جهد وتضحية كانا لازمين لتنظيم حفل كبيركهذا. يجتمع الأميركيون في الرابع من جويلية من كل عام للاحتفال بإعلان الاستقلال الأمريكي الذي وُقّع في شهر جويلية من سنة 1776 ويستهله توماس جيفرسون بالكلمات التالية: نؤمن بأن هذه الحقائق حقائق بديهية، وهي أن جميع البشر قد خُلقوا متساوين، وأن خالقهم قد حباهم بحقوق معينة لا يمكن انتزاعها ، وأن من بينها الحق في الحياة والحرية والسعي لتحقيق السعادة وأنه لضمان هذه الحقوق تُقام الحكومات بين الناس مستمدة سلطانها العادل من موافقة المحكومين... لقد استرشد الأمريكيون منذ سنة 1776 وحتى يومنا هذا بهذه الكلمات والقيم التي تعبر عنها ولهذا السبب وفي مثل هذا الوقت من كل عام نفكر نحن الأمريكيون في معنى استقلالنا. لكلمات إعلان الاستقلال أهمية خاصة عند الأمريكيين، ولكنها أيضا تعبر عن حقائق كونية تهمّ الناس في جميع أرجاء العالم، بما في ذلك هنا في تونس. إنها تعكس القيم العالمية ذاتها التي جاء بها دستور تونس الجديد والمصادق عليه سنة 2014 وتجسدت كذلك في الجمهورية التونسية الثانية التي وُلدت أعقاب الانتخابات الديمقراطية لاختيار مجلس للشعب ورئيس للجمهورية . إن التقدم المسجل في انتقال تونس الديمقراطي لمنارة أمل للناس في هذه المنطقة وفي العالم بأسره، ومفخرة لجميع التونسيين. وإننا لنعتز بانضمام تونس إلينا في نادي الدول الديمقراطية. وإدراكا لأهمية هذا الإنجاز، دعا الرئيس أوباما الرئيس الباجي قائد السبسي إلى واشنطن في شهر ماي الماضي لإثبات استمرار دعم الولاياتالمتحدة لتقدم تونس. وقد تحدث الرئيس أوباما في البيت الأبيض عن انتقال تونس الديمقراطي قائلا: "[تونس] ... حقا كانت المكان الذي شهدنا فيه تقدما خارقا في السماح لجميع الأطراف وجميع الفئات، بما في ذلك النساء والأقليات، بالمشاركة الكاملة في الحياة المدنية والسياسية للبلد. وهذا ما يبشر بالخير لمستقبل تونس ومستقبل أبنائها... " ثم استطرد الرئيس أوباما قائلا: "أريد من الرئيس التونسي ومن الشعب التونسي أن يعرفا أن الولاياتالمتحدة تؤمن بقدرة تونس، وتستثمر في نجاحها، وسوف تعمل كشريك مخلص لها لسنوات قادمة." لقد اتفق الرئيسان خلال اجتماعهما في واشنطن على إقامة شراكة استراتيجية بين البلدين لتوجيه تعاونهما المستقبلي. وقد جرى توقيع مذكرة تفاهم خلال الزيارة لإضفاء الطابع الرسمي على هذه الشراكة التي تمت في إطار الحوار الاستراتيجي القائم واللجنة العسكرية المشتركة الحالية ، ومن خلال إنشاء لجنة اقتصادية مشتركة جديدة. ومنذ ذلك الحين تعددت الأنشطة لتفعيل هذه الشراكة الاستراتيجية على أرض الواقع. فقد أجريت محادثات داخل اللجنة العسكرية المشتركة بشأن تعاون أمني موسع. و وافقت الولاياتالمتحدة على تقديم ضمانة قرض إضافي إن لزم الأمر لدعم الإصلاح الاقتصادي. واتفقنا كذلك على توسيع برامج التبادل والعمل معا على تمويل صندوق لدعم التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا. يكتسي تعاوننا الأمني مع تونس اليوم أهمية بالغة اكثر من أي وقت مضى، وأستطيع أن أؤكد لكم أننا نتابع هذا التعاون بصفة عاجلة مانحينه الأولوية القصوى. لحفلنا هذا بعد خاص لي، فهو المرة الأخيرة التي أستضيف فيها كسفير حفل عيد الاستقلال في تونس. إنه لشرف عظيم لي أني شغلت منصب السفير الأمريكي في تونس على مدى السنوات الثلاث الماضية. وأنا أتدبر الفترة التي انقضت، أرى أن أحداثا كثيرة قد جدت. فعندما وصلت تونس لأول مرة صيف 2012، كانت البلاد في مرحلة مبكرة من تحولها السياسي، و لم يكن من الواضح ما إذا سيتسنى لتونس النجاح في مسعاها. فكانت الاضطرابات السياسية وكان الركود اقتصادي، إلى جانب سلسلة من المشاكل الأمنية، بما في ذلك الهجوم على هذه السفارة في سبتمبر 2012. لقد راهن العديد من المراقبين إذاك على فشل تونس وقد يكون رهان البعض الآن ضدها أيضا. ولكن أصرّ الشعب التونسي على التغيير الديمقراطي، ودعمتهم في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية وبقية المجتمع الدولي، حتى خلال صيف 2014 عندما بدا الوضع قاتما جدا ولا نزال على دعمنا الآن. ولحسن حظ تونس، وجد قادتها السياسيون سبيلا للمضي قدما على أساس من التوافق والوحدة ومشاركة الجميع السياسية. وقد أثمر استعدادهم للتنازل انتقالا سلميا للسلطة، ودستورا ديمقراطيا جديدا، وانتخابات حرة أفرزت أول رئيس منتخب ديمقراطيا في تاريخ البلاد و برلمانا جديدا منتخبا بشكل ديمقراطي. هذا النهج من التوافق والوحدة وإشراك الجميع سيمكن تونس من جديد من تخطي الصعوبات الحالية ومن حماية ديمقراطيتها اليافعة. علينا جميعا الليلة أن نتدبر أهمية ما يحدث هنا في تونس. فحسب المرء النظر إلى الجارة ليبيا، أو أبعد من ذلك إلى سوريا أو اليمن، لفهم مدى صعوبة التحول السياسي وعظمة الأخطار الناجمة عن التقاعس واللامبالاة. كان يمكن لتونس اتخاذ مسارات أخرى، فالديمقراطية ليست بالضرورة الخيار الأسهل. ولكنّ الشعب التونسي اختار ولا يزال الديمقراطية بقناعة راسخة. ستحدث انتكاسات كما هو حال أي انتقال. وقد تلقت تونس ضربة قاسية من هجوم الاسبوع الماضي في سوسة ولكنها لا تزال مثالا للمنطقة تبين كيف يمكن للتغيير الديمقراطي أن يتحقق رغم العقبات. لقد لحظنا خلال السنوات الثلاث الماضية أيضا تحسنا كبيرا في العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتونس. صحيح أن علاقات وثيقة قد جمعتنا لأكثر من 200 سنة، ولكني أعتقد أيضا أننا لن نجانب الصواب بقولنا أن علاقاتنا لم تكن أبدا أقرب مما هي عليه اليوم. لقد توسع نطاق التعاون بيننا في السنوات القليلة الماضية بشكل كبير سواء كان ذلك في مجالات الأمن، أوالاقتصاد، أوالعلوم والتكنولوجيا، أوالتعليم، أو في مجالات أخرى عديدة. يعود الفضل الكبير في ذلك إلى موظفي هذه السفارة المثابرين وإلى زملائنا في الحكومة التونسية لإشرافهم على العديد من البرامج الجديدة و لفسحهم المجال لهذا التعاون. ولكني أعتقد جازما أيضا أن علاقاتنا أصبحت على ما هي عليه من قرب لأننا يمكن لنا الآن أن تتفاعل كبلدين ديمقراطيين. ديمقراطية عريقة واخرى حديثة، ولكن كلتاهما ملتزمتان بنفس قيم حقوق الإنسان، وحرية التعبير السياسي، واحترام آراء جميع المواطنين وجميع فئات المجتمع. وأعتقد أن تونس تنتهج الطريق الصحيح، ومادامت عليه فلا يمكن لعلاقاتنا إلا أن تزيد صلابة. لذلك ونحن نجتمع الليلة لنتذكر ونحتفل بهذا اليوم المهم في تاريخ الولاياتالمتحدة، أود أيضا أن ندرك أهمية هذه اللحظة في تاريخ تونس. كان لتونس أن تتخذ مسارات عديدة، ولكنها اختارت الديمقراطية. للشعب التونسي أن يفخر بالإنجازات التي تحققت وبمكانة تونس الديمقراطية الجديدة. إن تونس لقدوة للآخرين وشريك حقيقي للولايات المتحدةالأمريكية. أود وأنا أستعد لمغادرة تونس في وقت لاحق من هذا العام أن أعبر على امتناني لكم كلكم على كريم صداقتكم وجميل دعمكم خلال هذه السنوات الثلاث الماضية. لقد قطعنا سويا طريقا طويلا وقد استمتعت بكل لحظة منه. يحضرني ما كتبه الشاعر الأمريكي روبرت فروست، وهو مقطع شعري وثيق الصلة بالمسيرة التي سلكتها تونس في السنوات الأخيرة، وبمسيرتي أنا أيضا فيها. يختم فروست قصيدتهالطريق البكر قائلا: تباين دربان في الغاب فسلكت الأقل طرقا