ر م ع ديوان الزّيت: تطور ب27 % في الكميات المصدرة من زيت الزّيتون المعلب    نتائج استطلاع رأي أمريكي صادمة للاحتلال    حضور جماهيري غفير لعروض الفروسية و الرّماية و المشاركين يطالبون بحلحلة عديد الاشكاليات [فيديو]    الأونروا يكذب ادعاء الاحتلال بوجود مناطق آمنة في قطاع غزة    انشيلوتي.. مبابي خارج حساباتي ولن أرد على رئيس فرنسا    اليوم: إرتفاع في درجات الحرارة    حوادث: 07 حالات وفاة و اصابة 391 شخصا خلال يوم فقط..    سيدي بوزيد: رجة أرضية بقوة 3,1    طقس اليوم.. سحب عابرة وارتفاع في درجات الحرارة    وفاة مفاجئة لنائب المستشار السويسري في الجبال    الاحتفاظ بالاعلامي مراد الزغيدي مدة 48 ساعة    مظاهرات حاشدة في جورجيا ضد مشروع قانون "التأثير الأجنبي"    حالة الطقس ليوم الأحد 12 ماي 2024    وزير الخارجية يلتقي عددا من أفراد الجالية التونسية المقيمين بالعراق    أزعجها ضجيج الطبل والمزمار ! مواطنة توقف عرض التراث بمقرين    عاجل : برهان بسيس ومراد الزغيدي بصدد البحث حاليا    وزير الشؤون الخارجية ووزير النقل العراقي يُشددان على ضرورة فتح خط جوي مباشر بين تونس والعراق    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    النادي الافريقي: فك الارتباط مع المدرب منذر الكبير و تكليف كمال القلصي للاشراف مؤقتا على الفريق    النادي الافريقي - اصابة حادة لتوفيق الشريفي    بطولة الاردن المفتوحة للقولف - التونسي الياس البرهومي يحرز اللقب    سليانة: الأمطار الأخيرة ضعيفة ومتوسطة وأثرها على السدود ضعيف وغير ملاحظ (رئيس قسم المياه والتجهيز الريفي)    عاجل/ تنفيذ بطاقة الجلب الصادرة في حق المحامية سنية الدهماني..    مع الشروق .. زيت يضيء وجه تونس    سوسة: أيّام تكوينية لفائدة شباب الادماج ببادرة من الجمعية التونسية لقرى الأطفال "أس أو أس"    6 سنوات سجنا لقابض ببنك عمومي استولى على اكثر من نصف مليون د !!....    قيادات فلسطينية وشخصيات تونسية في اجتماع عام تضامني مع الشعب الفلسطيني عشية المنتدى الاجتماعي مغرب-مشرق حول مستقبل فلسطين    مصادر إسرائيلية تؤكد عدم وجود السنوار في رفح وتكشف مكانه المحتمل    الدورة 33 لشهر التراث: تنظيم ندوة علمية بعنوان "تجارب إدارة التراث الثقافي وتثمينه في البلدان العربيّة"    تنظيم الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية من 14 إلى 21 ديسمبر 2024    مهرجان الطفولة بجرجيس عرس للطفولة واحياء للتراث    تطاوين: إجماع على أهمية إحداث مركز أعلى للطاقة المتجددة بتطاوين خلال فعاليات ندوة الجنوب العلمية    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    مدير مركز اليقظة الدوائية: سحب لقاح استرازينيكا كان لدواعي تجارية وليس لأسباب صحّية    عاجل/ الاحتفاظ بسائق تاكسي "حوّل وجهة طفل ال12 سنة "..    نحو 6000 عملية في جراحة السمنة يتم اجراؤها سنويا في تونس..    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    أسعارها في المتناول..غدا افتتاح نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك بالعاصمة    الحرس الوطني يُصدر بلاغًا بخصوص العودة الطوعية لأفارقة جنوب الصحراء    عاجل : إيلون ماسك يعلق عن العاصفة الكبرى التي تهدد الإنترنت    لويس إنريكي.. وجهة مبابي واضحة    الجامعة التونسية لكرة القدم تسجل عجزا ماليا قدره 5.6 مليون دينار    رئيس الجامعة بالنيابة جليّل: اعجاب كبير بعمل الوحيشي وسنبقي عليه    استشهاد 20 فلسطينياً في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة..#خبر_عاجل    صفاقس: الإحتفاظ بشخصين من أجل مساعدة الغير على إجتياز الحدود البحرية خلسة    القصرين: بطاقة إيداع بالسجن في حق شخص طعن محامٍ أمام المحكمة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    مهرجان ريم الحمروني للثقافة بقابس.. دورة الوفاء للأثر الخالد    مسيرة فنية حافلة بالتنوّع والتجدّد...جماليات الإبدالات الإبداعية للفنان التشكيلي سامي بن عامر    البطولة العربية لألعاب القوى تحت 20 عاما : تونس ترفع رصيدها الى 5 ميداليات    الجزائر تتوقع محصولا قياسيا من القمح    بعيداً عن شربها.. استخدامات مدهشة وذكية للقهوة!    تونس تشدّد على حقّ فلسطين في العضوية الكاملة في منظمة الأمم المتّحدة    الكريديف يعلن عن الفائزات بجائزة زبيدة بشير للكتابات النسائية لسنة 2023    في تونس: الإجراءات اللازمة لإيواء شخص مضطرب عقليّا بالمستشفى    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرزوقي ل "الأهرام‏ المصرية":‏ اشفق على مرسي لأنه إذا كنت أنا أواجه ضغطا مقداره طن واحد فهو يواجه عشرة أطنان
نشر في الصباح نيوز يوم 17 - 07 - 2012

بمناسبة زيارة المنصف المرزوقي رئيس الجمهورية المؤقت لمصر، حاورت جريدة الأهرام المصرية المرزوقي لدراسة الأوضاع في كلّ من تونس ومصر ما بعد الثورة والنظر في حضور الإسلاميين على الساحة السياسية في تونس.
وفي ما يلي النص الكامل للمقال الذي نشرته جريدة الأهرام المصرية أمس الاثنين:
في ختام زيارته للقاهرة‏,‏ التقت الأهرام الرئيس التونسي منصف المرزوقي في قصر القبة وقد بدا متفائلا علي رغم توصله الي حكم مفاده أن الثورة المصرية تواجه مشكلات ومصاعب أكبر من نظيرتها التونسية‏.
الرئيس المرزوقي المثقف الثائر ورجل الدولة يتمسك وسط الحفاوة والأبهة ورجال البروتوكول بألا يرتدي أبدا رابطة عنق كرافت, فيما يحتفظ بصورة شهيد سيدي بوزيد و أيقونة ثورات العرب في القرن الحادي والعشرين محمد البوعزيزي فوق سترته وقريبا من القلب. تحدث بصراحة عن خبرة التوافق والشراكة في الحكم بين الإسلاميين والعلمانيين في بلاده, وعن الاعتراف بالخطوط الحمراء لكلا الطرفين دون تحايل أو استغفال.
وشرح وأوضح أولويات بلاده الإقليمية بعد الثورة, ومعها مشروع إقامة اتحاد الشعوب العربية الحرة, والذي بشر به علي صفحات كتبه قبل ان يصبح رئيسا لبلاده.
ولأن للثقافة والفن المصريين مكانة لا منازع لها في ذاكرته ووجدانه, فقد توقف في خضم كل هذا الصخب السياسي عن واقع ومستقبل الثورة والدولة والوحدة العربية ليذكر بالاسم أم كلثوم و عبدالوهاب, مؤكدا أنه من جيل تشبع بهذه الثقافة وهذا الفن, وقد شكلا جانبا من هوية التوانسة منذ الصغر, وكان قد أشار الي هذا الميراث المشترك في لقائه مع المثقفين المصريين قبل ساعات من حواره مع الأهرام.
وفيما يلي نص الحوار:
في ضوء زيارتكم الي القاهرة.. ماهي أوجه الشبه والاختلاف بين التجربة المصرية والتجربة التونسية بعد الثورة ؟
الشئ نفسه, وإن كان الوضع عندكم اصعب.. الوضع لديكم اكثر تعقيدا لأن لدينا مجتمعا اكثر تجانسا( في اشارة الي ان98 في المائة من التونسيين مسلمون عرب سنة).. وفي مصر هناك عدد اكبر من السكان و هناك مسلمون واقباط, وكذلك الضغوط الخارجية, مما يجعل من عملية إيجاد الحلول الوسطية أمرا اكثر تعقيدا, واشفق علي الرئيس محمد مرسي لأنه إذا كنت أنا أواجه ضغطا مقداره طن واحد فهو يواجه عشرة أطنان, وضعكم صعب وأكثر تعقيدا لكن في الوقت نفسه الآمال الكبيرة معلقة علي مصر لأنها في قلب الأمة العربية, ووزنها وثقلها يجعل نجاحها ضرورة قصوي لنجاح التجربة الديمقراطية في الوطن العربي. إذن نتابع هذا الوضع وكلنا ثقة وأمل في أن تتخطو هذه الصعوبات, لأنه ليس لديكم خيار آخر غير النجاح, إنه النجاح أو النجاح, ولا شك ان وضعنا في تونس أسهل نسبيا, ليس لدينا مثل الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والتجاذبات الدينية التي لديكم, صحيح لدينا الكثير من المشاكل ونواجه المشاكل نفسها, ونواجه التحديات نفسها, وانطلقنا من المشاكل الناجمة عن الدولة الاستبدادية والتخلف والفقر, وشئ من عدم النضج من بعض الأطراف السياسية, ونسعي إلي الأهداف نفسها وهي بناء المجتمع الديمقراطي والدولة المدنية, لكن الشئ الثابت اننا في القارب نفسه, نجاحنا نجاحكم, ونجاحكم نجاحنا, ولا قدر الله إخفاقنا اخفاقكم والعكس بالعكس, لكن انا عندي قناعة بأن هذه الثورة ستحقق أهدافها علي رغم كل هذه الصعوبات.
ضغوط داخلية وخارجية
ماهي أنواع الضغوط التي تتعرض لها الثورة في مصر وتونس؟.. وبصراحة هناك قلق شديد من امتداد رياح التغيير والثورات الي المنطقة.. ولقد التقيتم الرئيس مرسي فور عودته من السعودية, هل تناولتم هذا الأمر ؟
الضغوط داخلية وخارجية.. الداخلية هي الوضع الاقتصادي والاجتماعي ونفاد صبر الناس ووجود بعض الأطراف التي ليس لها مصلحة في نجاح الثورة أي الثورة المضادة وعدم خبرة ونضج اطراف سياسية تقود الثورة. وخلافا مع الحالة المصرية نحن ليس لدينا ضغوط خارجية, هذا هو حال تونس بحكم انها بلد صغير و بعيد عن مناطق الزوابع والعواصف في منطقة الشرق الأوسط, وبحكم انه لا توجد رهانات كبري جيوستراتيجية, خاصة بعد تعلم الحكومات الأوروبية من تجربتها في دعم الاستبداد وتعلموا بأنه لا ينفع, وكنا قلنا لهم الف مرة ان الاستبداد هو الذي يؤدي الي الفقر ثم الي الهجرة ثم الارهاب, وإذا أراد الاوروبيون حماية حدودهم فلابد أن يكون ذلك بدول ديمقراطية نامية, لا بدول استبدادية تقمع الفقر ولا تظهره, وفي الآخر يبرز. نحن في تونس ليس لدينا مشكلات مع الجيران, لا مع الجزائر ولا مع ليبيا, وفي الحالة المصرية هناك الي جانب الضغوط الداخلية التي نعانيها معا ضغوط خارجية من قبيل العلاقة مع إسرائيل وإيران والسعودية, وكلها علاقات مصيرية. ومرة أخري أتمني لكم النجاح في مواجهة هذه الضغوط.
أما بالنسبة للأخوة في الخليج, فالأمر واضح بأن هذه الثوارت مستقلة, ولم تسهم فيها اي اياد خارجية, وستبقي مستقلة, و أنا أقول ان هذه الثورات لم تأت لنا فحسب بالديمقراطية والكرامة, وإنما أيضا بالاستقلال الوطني واستقلالية القرار, وهذا سيبقي, وعلي كل الناس احترام استقلالية قرار الشعوب, ونحن لا نريد تصدير هذه الثورات, ففي تونس نريد نجاح نموذجنا, ولا ندعي تصديره لسبب بسيط, وهو انه إذا حاولنا تصدير النموذج سنمني بمتاعب نحن في غني عنها, وكل ما نريد هو الكرامة والخبز لشعبنا, ولو وجدت شعوب اخري أفكارا تريد ان تأخذ بها فلتفعل. لكن ليس لأحد التدخل في شئوننا لإفشال تجربتنا, نحن لا نريد تصدير الثورات لكننا لا نعطي لأحد كان الحق في التدخل في شئوننا, نحن نريد نجاح الثورتين المصرية والتونسية. وعلي الشعوب الأخري اختيار طريقها الي الإصلاح كما تريد.
إسلاميون وإسلاميون
تميزون في كتاباتكم بما في ذلك كتاب إنها الثورة يامولاي بين إسلاميين ديمقراطيين وبين إسلاميين تكتيكيين.. فكيف وجدتم حلفاءكم في الحكم من حزب حركة النهضة ؟.. وكيف تقيمون تجربة الشراكة معهم؟
بعضهم تكتيكيون ولكن بعضهم استراتيجيون.. الاذكياء بينهم يدركون ان لعبة الوصاية والإقصاء اصبحت مستحيلة الآن. وانهم إذا ارادوا ان يلعبوا لعبة الحزب الحاكم السابق( يقصد التجمع الدستوري بقيادة بن علي) فيقومون بالاستيلاء علي الحكم ثم البقاء فيه وفرض نمط العيش ومعه ايديولوجيتهم فهذا تكرار لتاريخ أحزاب السلطة كالبعث والتجمع, ولن تنفعهم إسلامية الخطاب لأننا في النهاية امام أحزاب سياسية, الكثير من الإسلاميين مقتنعون بأن هذا الزمن قد ولي وانتهي. لكن هناك البعض ممن يحلمون بمثل هذه الوصاية وباقصاء الآخرين.
.. وهل هذا البعض مؤثر في المسار الانتقالي لتونس بعد الثورة ؟
الأغلبية الساحقة حسب رأيي في حركة النهضة تسير في توجه الإسلاميين الديمقراطيين ومنذ عشرين عاما. إذا رجعنا الي تاريخ حركة النهضة والي سيرة رئيسها نفسه راشد الغنوشي سنجد انها في عقد السبعينيات كانت مجرد حركة سلفية. لكنها سرعان ما تطورت شيئا فشيئا. وأظن أن ذلك جراء عاملين: الأول هو القمع الشديد الذي وحد بين العلمانيين والإسلاميين, حيث وجدوا انفسهم في نفس الخندق, وكان الكثير من المحامين العلمانيين يتولون الدفاع عن الإسلاميين, وهكذا تغيرت العقليات والمناهج, والعامل الثاني ان الإسلاميين المنفيين الي الغرب وجدوا احتضانا وحق اللجوء السياسي, وهناك تعرفوا علي المنظومة الديمقراطية وكيف تتعامل الأحزاب مع بعضها, ووصلوا الي استنتاج مفاده ان اللعبة الديمقراطية يمكن ان تدمجهم مع بقية المجتمع وانها الطريق الي الوصول للسلطة, وبالتالي هم ليسوا بحاجة الي اساليب كالانقلاب.
ولقد كنت من بين أولئك الذين لعبوا دورا فكريا علي صعيد التحالف بين العلمانيين والإسلاميين حتي يتجاوز المجتمع حالة الاستقطاب الثنائي( الإسلامي العلماني), ويبلور وفاقا سياسيا حول التعايش والهوية والحداثة. فلكل مشروعه العقائدي. وعلينا ألا نستغفل بعضنا بعضا وألا نتحايل علي بعضنا, ولنتعرف علي الخطوط الحمراء لكل منا ونحترمها, والحقيقة ان النقاش حول الخطوط الحمراء حدث بين التونسيين في عام2003. أنا شخصيا جمعت المعارضة في لقاء بفرنسا. وطرحنا هذه الموضوع. وانتهينا ان خطوطهم الحمراء هي اللغة العربية والهوية والإسلام دين الدولة. أما خطوطنا نحن الحمراء فهي حقوق الانسان والمرأة ومدنية الدولة. وهكذا اتفقنا. وعندما وصلنا معا الي الحكم كان خلفنا عشرون عاما من النقاش والعمل. والتحالف القائم في تونس الآن هو وليد هذه السنوات الطويلة السابقة. وشخصيا امضيت ساعات وساعات في نقاشات مع الغنوشي. ولا شك ان تجربة الشراكة في الحكم تضع هذا التحالف علي المحك و تختبر صدقيته. نعم هناك شد وجذب. واحيانا تشعر بان الخطوط الحمراء تم اختراقها. لكن هذه هي لعبة السياسة. و حتي الآن الخطوط الحمراء صامدة, وهناك قبول بالتعددية الحقيقية.
كيف تكون الأزمة خلاقة؟!
تحدثتم في لقائكم مع المثقفين المصريين عن أزمة خلاقة تعيشها تونس. فما المقصود؟ ولماذا يبدو وكأن مرحلة المجلس التأسيسي المقرر لها عام واحد تسير ببطء؟
استطيع ان اتخذ من الإعلام مثالا للأزمة الخلاقة. فهو الآن محل تجاذبات وضجيج. وعندما تنظر الي الأمر ستجد أن جميع الأطراف في النظام الإعلامي تتدارس وتناقش الشكل الجديد لهذا النظام الذي سيحكم تونس في العشرين عاما المقبلة, وستجد السلطة والإعلاميين و الممولين والجمهور. بصدد هيكلة القوانين, وأنا اتوقع انه خلال3 أو4 أعوام من الآن سيجري حل كل هذه الأمور. حتما سنصل الي قوانين جديدة منظمة للإعلام وميثاقا للشرف الصحفي, وسنري كيف نمنع التمويل الخفي, والأمر نفسه ينطبق علي النظامين الأمني والقضائي, فنحن في معترك صراع بين اطراف متعددة لبلورة النظام المقبل, إذن الأزمة فعلا خلاقة, ونحن ذاهبون حسب تصوري الي منظومات قابلة للعيش لعقود وليس لسنوات فقط.
أما بالنسبة للنظام السياسي فأنا أري ان الأمور تسير في طريقها, ومنذ البداية قلت إن مهلة العام الواحد من حيث المنطق مستحيلة, وطلبت تمديد المرحلة الانتقالية لثلاث سنوات, وهي فترة ضرورية لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ووضع اسس الانطلاق, وليس لمجرد كتابة الدستور الجديد فقط, وعلي اي حال نحن في ظرف عام واحد تقدمنا شوطا كبيرا في كتابة الدستور, وتقريبا بعد3 أو4 أشهر من انتهاء مهلة العام الواحد سنجري الانتخابات البرلمانية الجديدة. والمعجزة ان هذه الحكومة المطالبة في ظرف عام واحد بحل كل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية تخبطت بما فيه الكفاية لتقوم بالتشخيص الحقيقي للمشاكل, والآن بعد نحو سبعة اشهر اكتشفنا حجم هذه المشاكل وبدأنا في وضع القوانين, وسواء بقيت هذه الحكومة أو جاءت اخري جديدة فإنها ستجد اننا نظفنا الساحة امامها حتي تستطيع ان تعمل بأريحية أكثر.
مقترح من أجل سوريا
ميز الثورتان المصرية والتونسية انها سلمية.. والحالة السورية دخلت الي ساحة السلاح.. فهل انحرفت الثورة السورية ؟. وهل اعطت النظام السوري ذريعة لممارساته القمعية ؟. وكيف تري المشهد السوري؟
الثورة السورية انطلقت سلمية ككل الثورات العربية. وانحرفت بالاساس حسب رأيي بسبب القمع الوحشي الذي ارتكبه النظام, وهذا بعكس ما حدث في مصر وتونس حيث وقف الجيش بجانب الثورة, وللاسف الشديد فإن الجيش السوري وقف الي جانب النظام, لكن يظل الخطأ الذي وقعت فيه المعارضة وهو ما حذرت منه أنها قدمت هدية الي النظام بتسليح نفسها. المشكلة في السياسة انه يجب عليك تقبل أقل الحلول سوءا, وأقلها كان يتمثل في استمرار سلمية الثورة وإظهار بشاعة النظام, لكن ان يجري جرك الي ساحة لعبة السلاح فأنت الخاسر, لأنه سيرفع عنك ذلك صفة السلمية وما يصحبها من تعاطف, ولأنك لن تكون قادرا علي مواجهة هذا الجيش, وبعض الإخوة كانوا يريدون تسليح المعارضة, وقلت لهم من سيدفع الثمن؟. وهذا ما نراه الآن, لكن ما حدث حدث, ونحن لا نعيد كتابة التاريخ. ويبقي المخرج بالنسبة لي هو ممارسة الضغط علي اصدقاء النظام السوري( روسيا وإيران بالأساس) لاقناعهم بان مصداقيتهم في العالم العربي علي المحك, وأنه لو ربحوا استراتيجيا من النظام السوري سيخسرون عشرة أضعاف ما ربحوه في العالم العربي الذي لا يريد بقاء هذا النظام, و أن عليهم ان يضغطوا علي هذا الشخص كي يرحل يقصد الرئيس بشار الأسد, و يجب أن تكون هناك مرحلة انتقالية تمنع تفكك سوريا وحدوث فوضي عارمة مماثلة لما حدث في العراق. نحن نريد بقاء الدولة السورية وهذا يتطلب تسييرها من خلال نظام به جزء من المعارضة وجزء من النظام البائد خلال مرحلة انتقالية. ولقد اقترحت علي الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة إنشاء قوة حفظ أمن و سلام عربية وليست دولية ومقبولة من كل الأطراف, ويمكن لهذه القوة العربية ان تلعب دورا في تهدئة الخواطر وفي حفظ الأمن والسلام في سوريا. وهذا هو السيناريو الذي اقترحناه. وأنا علي ثقة بأن كل الأطراف بعد التحارب ستعود الي هذا السيناريو لأنه لا خيار آخر غيره, ولكنني اخشي ان نضيع المزيد من الوقت واراقة الدماء قبل هذا الحل الذي يفرضه المنطق السليم. وللأسف الشديد فإن المنطق السليم لا يسود دائما في السياسة.
وكيف هي الاستجابة لمقترحكم بشأن قوة حفظ السلام هذه من جانب الجامعة العربية والأطراف الفاعلة في الأزمة والنظام السوري نفسه؟
هذا سابق لأوانه.. لأن هذه الخطوة تدخل في نطاق منظومة كاملة يجب ان نبدأ في تحقيقها, ولا أريد ان أستبق الأحداث, بداية يجب ان يبدأ مسلسل حل الأزمة.
مشروع وحدة قابل للتحقيق
ناديتم كمثقف وكاتب ب اتحاد الشعوب العربية. والآن من موقع المسئولية من أين تري أن نبدأ؟.. وماهي الخطوات العملية؟.. وهل تري فرصة لبناء تحالف من نوع خاص بين كل من مصر وتونس وليبيا ؟
الأولوية الآن بالنسبة لنا في تونس هي الاتحاد المغاربي لأن هياكله موجودة بالأصل. ثم ان المنطقة المغاربية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية متشابهة إلي حد كبير وتشكل وحدة حقيقية منع تبلورها الخصومات بين الانظمة السياسية.
وفي اكتوبر المقبل ستنعقد قمة مغاربية, وإن شاء الله تعطي دفعة انطلاقة لهذا الإتحاد المغاربي علي طريق الاتحاد الأوروبي, وإن شاء الله بعد خمس سنوات يصبح لدينا فضاء اقتصادي موحد تتحرك فيه رءوس الأموال والبشر والأفكار, وكتوانسة فاننا بسبب موقعنا الجغرافي نعرف انفسنا بأننا مشارقة المغرب ومغاربة المشرق. ونحن ننظر الي الاتحاد المغاربي وكذا الي مصر و المشرق العربي, وبالقطع سيكون لنا توجهنا الي المشرق كتوانسة وكمغاربة. وهنا يأتي مشروع اتحاد الشعوب العربية الحرة المستقلة في مدي20 أو30 عاما. وهو مشروع يقطع مع التصور البروسي البسماركي للوحدة العربية الذي كان سائدا عند عبد الناصر والبعث.. أي دولة مركزية لها زعيم واحد وعاصمة واحدة, والنموذج الذي امامنا اليوم هو الاتحاد الأوروبي بوصفه اتحادا بين دول مستقلة وشعوب حرة, وهي تبني فضاء مشتركا واحدا يتحرك فيه البشر, ورؤيتي أنه علي الأمد المتوسط ستحدث اتحادات جهوية عربية كالاتحاد المغاربي, ثم ننتقل الي المرحلة التالية بانشاء اتحاد الشعوب العربية لدول مستقلة و شعوب حرة. اتحاد يقوم علي المصالح الاقتصادية ولا علاقة له ب النموذج البسماركي للوحدة القائمة علي القوة العسكرية.
هل يتقاطع مع هذا التصور ما يجري طرحه الآن عن خلافة اسلامية تتحول فيها الدول العربية الي ولايات داخل اطارها ؟
أنا لا علاقة لي بهذا, واعتقد ان حظوظه في النجاح معدومة, لكن اتحاد الشعوب العربية مشروع قابل للتحقيق, فكل مقومات الوحدة موجودة بعكس حال الخلافة الاسلامية التي تجمع مثلا بين ماليزيا ونيجيريا. مثل هذه الخلافة محض خيال.
تحدثتم مع الرئيس مرسي عن نفض الغبار عن ملفات التعاون والتكامل بين البلدين.. ما هو الملموس في هذا الشأن؟
الملموس ان لدينا كل الملفات موجودة, وانا انتظر زيارة الرئيس مرسي قبل نهاية هذا العام ان شاء الله, وإلي حين ذلك سنحاول تفعيل لجان تقنية من تواصل بحري وبري والتأشيرات والمشاريع المشتركة, وذلك حتي نحافظ علي الود والحرارة التي عادت الي خط السياسة مما يعود بالفائدة علي مصلحة الشعبين, وإن شاء الله سنكون عند حسن ظن الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.