تنقيح قرار ضبط قواعد تمويل الحملة الانتخابية محور جلسة عمل بين هيئة الانتخابات ومحكمة المحاسبات    بنزرت: حريق بمستودع الحجز البلدي والسلطات تحقّق    عاجل/ هذا ما تقرّر في حق بشير العكرمي والحبيب اللوز من اجل جرائم إرهابية    تسهيل منح التأشيرات الإلكترونية لفائدة الأجانب محور مجلس وزاري مُضيّق    مجلس الهايكا يطالب بإطلاق سراح الصحفيين وإلغاء المرسوم عدد 54    جلسة عمل بين وزير الدّاخليّة والمستشار الفيدرالي السويسري المكلف بالعدل والشرطة    رولان غاروس : أنس جابر تواجه لاعبة أمريكية في الدور الأول    زغوان: استعداد جهوي تامّ لتأمين سير امتحانات الباكالوريا في كافة مراحلها    بدعم من المجلس البنكي والمالي.. البنوك تمول الاقتصاد ب 106 مليارات دينار    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام مباريات الجولة الثامنة    روولان غاروس: الامريكية بيغولا تنسحب من المسابقة    قبلي: متابعة سير الموسم الفلاحي وتقدّم عملية حماية صابة التمور من الآفات والتقلّبات المناخية    محمد رمضان يحيي حفل نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي    عاجل/ استئناف الحكم الصادر في حق مراد الزغيدي    صفاقس تفكيك عصابة لترويج المخدرات وغسيل الأموال...حجز 50صفيحة من مخدر القنب الهندي    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    تونس توقّع اتفاقية تمويل مع صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي لفائدة الفلاحة المندمجة بالكاف    غرفة التجارة و الصناعة : '' ندعو إلى إنشاء خط مباشر بين بولونيا وتونس ''    تسجيل 120 مخالفة اقتصادية في هذه الولاية    الرابطة الأولى: الإتحاد المنستيري يرفض خوض الكلاسيكو إلى حين النظر في مطلبه    بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الهمم: رؤي الجبابلي يحرز ميدالية برونزية جديدة لتونس    إستعدادا لمواجهة الترجي الرياضي: مدرب الأهلي المصري يستبعد عدد من اللاعبين    هام: بشرى سارة للعاطلين عن العمل بهذه الولايات..فرص شغل في هذا القطاع..    صفاقس: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه..    الخطوط التونسية: السماح لكل حاج بحقيبتين لا يفوق وزن الواحدة 23 كغ، و5 لترات من ماء زمزم    الجزائر: شاب يطعن شقيقته بسكين خلال بث مباشر على "إنستغرام"    منزل جميل: العثور على طفل ال 16 سنة مشنوقا    الكيان الصهيوني يوبخ سفراء إيرلندا والنرويج وإسبانيا    عاجل : زلزال قوي يضرب بابوا غينيا الجديدة    اقتراب امتحانات الباكالوريا...ماهي الوجبات التي ينصح بالابتعاد عنها ؟    نقابة الصيادلة : إزدهار سوق المكملات الغذائية مع إقتراب الإمتحانات.. التفاصيل    عاجل/ السعودية تعلن عن قرار جديد يهم الحج..    رئيس الجمعية المكافحة الفساد يكشف عن انتدابات مشبوهة تتجاوز ال200 الف    مكلف بالإنتقال الطاقي : إنتاج 2200 ميغاوات من الكهرباء سيوفر 4500 موطن شغل    ايران: بدء مراسم تشييع عبد اللهيان في مقر وزارة الخارجية    علي الخامنئي لقيس سعيد : ''يجب أن يتحول التعاطف الحالي بين إيران وتونس إلى تعاون ميداني''    إحباط مخطط لعملية إجتياز للحدود البحرية خلسة وإلقاء القبض على 30 تونسيا    هلاك شاب في حادث مرور مروع..    الإبادة وهجوم رفح.. العدل الدولية تحدد موعد الحكم ضد الكيان الصهيوني    «مرايا الأنفاق» لبنت البحر .. أسئلة المرأة والحرّية والحبّ والجمال    جائزة غسّان كنفاني للرواية العربية بفلسطين ..«برلتراس» لنصر سامي في القائمة الطويلة    «حلمة ونجوم» تمدّ جسور التواصل بين تونس واليابان    ‬قصص قصيرة جدا    أتلانتا بطلا للدوري الأوروبي بعدما ألحق بليفركوزن أول هزيمة في الموسم    الإسباني بيب غوارديولا يحصد جائزة أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي    قفصة: نقطة بيع من المنتج إلى المستهلك لبيع الأضاحي    اليوم: درجات الحرارة تصل إلى 42 درجة مع ظهور الشهيلي    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    مهرجان كان : الجناح التونسي يحتضن مجموعة من الأنشطة الترويجية للسينما التونسية ولمواقع التصوير ببلادنا    قفصة: تقديرات أولية بإنتاج 153 ألف قنطار من القمح الصلب هذا الموسم    بشخصية نرجسية ومشهد اغتصاب مروع.. فيلم عن سيرة ترامب يثير غضبا    وزارة الصحة: جلسة عمل حول تركيز مختبر للجينوم البشري لتعزيز جهود الوقاية والعلاج من الأمراض الوراثية والسرطانية    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 22 ماي 2024    مسرحية "السيدة المنوبية" تفتتح الدورة الرابعة لأسبوع المسرح البلدي بتونس    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية مدير مستشفى صفاقس : المدنية في الميزان


بقلم استاذ الطب د أحمد ذياب*
يا داخل م العين يا خارج من عطيّة، مقولة شهيرة طالما ردّدها أهالي صفاقس. فمستشفى الهادي شاكر كان يدخله المريض من طريق العين، وإذا وافاه الأجل المحتوم يتمّ إخراجه من هذا الزقاق المسمى بثنية عطيّة، حتى يستر الأمر ولا يتقاطع خروجه من نفس الطريق الذي يدخل منه المرضى قصد الاستشفاء.
من ذاك الزقاق، وعلى بضعة أمتار من مشرحة وبيت الأموات، وضع الرئيس الحبيب بورقيبة حجر الأساس لمستشفى الحامل اسمه بصفاقس، في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وكان أن سأل الرئيس بورقيبة زميلا لي تغمّده الله بواسع رحمته عن صفته بالمستشفى، فذكر له أنّه رئيس قسم البدنية. لكن يبدو أن الرئيس آنذاك بدأ في انهياره الصحي وقد يكون لم يسمعه جيّدا أجابه: آه قسم المدنية(service civil)... فقلت وكنت بالقرب من الرئيس: بدنية سيدي الرئيس...
إثر ذلك بدت عدة ملاحظات ولم يكن الجميع على وفاق تام بأن يبنى هذا المشروع الضخم داخل المدينة في زقاق كان مشؤوما على بعض المرضى وأهليهم، وكان من الأجدى ألاّ يتم البناء في هذا الموقع بالذات، بل بمكان خارج المدينة يمكّن سيارات الإسعاف من الوصول خارج الزحام ويمكّن آلاف المرضى والزائرين من قضاء شؤونهم والوصول للمستشفى في ظروف أيسر... غير أنبعض الأصوات ارتفعت لتخوّف أهالي صفاقس من أنّه إذا ما لم يرضوا بذلك فقد تضطرّ الحكومة إلى تحويله إلى مدينة أخرى. هكذا هي حال مدينتنا. تأخذ السيء من القرارات. لكن الأسوأ هو أن لا يبنى أيّ شيء ويحوّلالمشروع إلى مدينة أخرى. فحين بني مشروع الحامض الفسفوري ن ب ك في قلب المدينة وحرمت أهالي صفاقس من شاطئهم الطبيعي واضطروا للهجرة صيفا بل وصيفا وشتاء إلى شواطئ أخرى عمّروها رغم أنفهم، كانت بلادالسويد قد فرضت هذا الموقع: فإما هناك عند تقاطع الخطوط الحديدية والبحرية والبرية، وإما هي بصدد النقاش في الأمر لتشييده بمدينة صافي بالمغرب الشقيق.
المهم أن هذا المستشفى قد عاش عدة فترات من الجدل العقيم بعد تشيده فقد عمرته الجرذان والخنافيس والقطط التي توحشت مثل ما توحّش بعض القياصرة فيه حيث كان يرغب في تقسيمه إلى قسمين كبيرين قسم طبي وقسم جراحيّ برئاسة نفرين ممن كانوا يركبون الحافلة العرجاء للدولة العميقة بعنجهية وديكتاتورية فضيعتين. آنذاك لم يكن للنقابة صوت ولا للعامل صوت إلاّ ضئيله، وكان الوزير في ركاب رئيسي القسمين لا يسمع ولا هو يستمع إلا لصوت الأقوى... وأجهض المشروع بفضل من كان يؤمن ببعض الديمقراطية وشيء من العدالة ومبدإالعمل لصالح البلاد والعباد... ثم غدر من غدر وغادر من غادر.. وأصبحت للنقابة كلمتها بفضل نضالات عدد من أعوان المستشفى حتى كاد بعضهم يستفرد بحكم المستشفى بأسره، وتحولنا من ديكتاتورية بعض رؤساء الأقسام إلى نوع آخر من ديكتاتورية البروليتاريا أو تكاد.. لكني وقد عملت بهذا المستشفى سنوات طويلة أكاد أجزم بأنها تصرّفات شخصية فردية لا تعطي للمشاهد الصورة الحقيقة للوضع. فالوزير اليوم قادر على أن يسمي هذه الشخصية العسكرية في الدولة المدنية. ولارأيت ممنوعا في أن يتحوّل عنصر عسكري إلى رئاسة مؤسسة مدنية ما. فالدولة المدنية محمية بكافة أبنائها من مدنيين وعسكريين، ولا معنى لجيش بدون مدنيين... والخطر كلّ الخطر أن نظنّ يوما والكلام لمحمد حسين عبد الرزاق الجزائري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن ينفرد بالصحة الأطباء أو أن ينفرد بالحكم المدنيون، أو ينفرد بالجيش العساكر، أو ينفرد بالقضاء القضاة، أو أن ينفرد بالسياسة أهل السياسة.
يحكم على الشخص بأدائه بعد أن يكون قد مارس خطتهوليس لنا أن نعطّل عمله بل نراقبه. فقد ولى عصر الديكتاتوريات من أي جهة حاولت الديكتاتورية أن تتسلّللتستقطب وتسيطر.
علينا أن نتذكّر على الأقلّ بأن ثنية عطية المشهورة بتخويف كل من كان يمرّ بها لتكاثر الجنيات والأرواح الطائرة والطاهرة قد تحوّلت إلى شارع الفردوس باقتراح من البعض منا. لعلّنا نمسك بمعنى التسمية الجديدةليعود للمستشفى بريقه.. فهو قلعة عمل واكتشاف ومبادرات جراحية يشهد لها العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.