أفاد البنك المركزي في تقرير صادر عنه حول أهم مستجدات الوضع الاقتصادي والمالي الدولي والوطني إلى موفى سبتمبر الماضي أنه تم التخفيض في نسبة النمو الاقتصادي المنتظرة لسنة 2015 للمرة الثالثة على التوالي إلى حدود 0,5٪ فقط. وأضاف البنك أن التخفيض كان مقابل تقديرات سابقة ب 3٪ و1,7٪ و1٪ نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد اثر نسبة نمو ب1,2٪ في السداسي الأول من السنة الجارية. وبخصوص سنة 2016، ينتظر أن يبقى نسق النمو متواضعا، أي 2,5٪. وتقلص عجز الميزان التجاري خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2015 بحوالي 1,1 مليار دينار أو 15,1٪ ليناهز 3,1 مليار دينار تحت تأثير التحسن المطرد للميزان الغذائي الذي سجل فائضا بقيمة ب 533,3 م.د مقابل عجز ب 1511 م.د قبل سنة بالعالقة مع المستوى القياسي لصادرات زيت الزيتون. ومن جانبه سجل عجز ميزان الطاقة تراجعا طفيفا ب 1٪. وبالمقابل، سجلت المداخيل السياحية، خلال نفس الفترة، تراجعا حادا ب 11,3٪ لتبلغ1.343 مليون دينار. كما تقلصت مداخيل الشغل ب 3,1٪ لتستقر في حدود 5.331 مليون دينار. وتبعا لهذه التطورات، سجل الميزان الجاري عجزا ب5.959 م.د أو 6,8٪ من الناتج المحلي الإجمالي، خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2015، مقابل 5.735 م.د و7٪ قبل سنة. وسجّل تطور مؤشّر الأسعار عند الاستهالك بحساب الانزلاق السنوي استقرارا في نسق نموه خلال شهر سبتمبر 2015 ليتقدم ب 4,2٪ للشهر الثالث على التوالي مقابل 5,6٪ قبل سنة. ومن ناحيتها، بلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية 13.118 م.د أو 117 يوم توريد بتاريخ 24 أكتوبر 2015 مقابل 13.097 م.د أو 112 يوم في موفى سنة 2012. وواصلت حاجيات البنوك من السيولة، خلال شهر سبتمبر، تراجعها مما مكن من تقليص تدخلات البنك المركزي في السوق النقدية، خلال نفس الشهر، إلى حدود 5.560 م.د في المعدل مقابل 5.862 م.د في أوت. كما سجل تباطؤ ملحوظ لنسق تطور الايداعات خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية وسجل سعر صرف الدينار، خلال شهر سبتمبر ،2015 تراجعا ب1٪ إزاء الدولار الأمريكي، وفق ما جاء في نص التقرير المنشور على الموقع الرسمي للبنك. وتؤكد مجمل المعطيات المتوفرة سالفة الذكر، والمؤشرات المتقدمة بخصوص أهم قطاعات النشاط الاقتصادي والمدفوعات الخارجية، تواصل وضعية الانكماش التي دخل فيها الاقتصاد الوطني منذ الثلاثي الثاني حيث سجل نموا سالبا خلال ثلاثيتين متتاليتين (انكماش تقني). وعرف تطور الأسعار الجملي منحى تنازليا في الأشهر الأخيرة، لاسيما بالنسبة لأسعار المواد الغذائية. وينتظر أن يتواصل هذا المسار خلال الأشهر القادمة نتيجة ضعف نسق النشاط الاقتصادي، مع بقاء التضخم الأساسي في مستويات مرتفعة. وقد يمثل تزامن هذا التطور للأسعار مع ضعف نسق النشاط الاقتصادي مصدرا لمخاطر الانكماش المالي التي عانت منها عديد الاقتصاديات خلال السنوات الأخيرة، مما يستوجب متابعة تلك التطورات عن كثب وتستدعي معالجة وضعية استمرار ضعف نسق النشاط الاقتصادي، خاصة على مستوى الاستثمار، كما يبرز ذلك من خلال تراجع الطلب على القروض، تضافر الجهود والعمل على انعاش الاستثمار ودفع النشاط الاقتصادي. وفي هذا الصدد، فإن العودة المنتظرة، في سنة 2016، لنسق نمو إيجابي مرتفع كما تم الإعلان عنه في إطار مخطط التنمية 2016-2020، وإن يبقى غير كاف، يجب أن تمهد لانطلاق دورة نمو متماسك، ويجب أن تنصبّ جهود كل الأطراف لكي تكون هذه الانتعاشة مستدامة على المدى المتوسط، وهو شرط لابد من توفره لخلق مواطن الشغل. وفي هذا السياق، ووعيا منه بأهمية التحديات والرهانات على الصعيد الاقتصادي خلال السنوات القادمة، يساهم البنك المركزي، من خلال قراره التخفيض، بصفة ملموسة، في نسبة فائدته الرئيسية بخمسين نقطة أساسية، في الجهود الرامية إلى تحفيز الانتعاشة الاقتصادية ودفع التشغيل، مع التركيز على المتابعة اليقظة لهدفه الرئيسي المتمثل في الحفاظ على استقرار الأسعار.