طالب عدد من أعضاء المجلس التأسيسي لدى مناقشتهم مشروع القانون الأساسي المتعلق بإحداث هيئة وقتية تشرف على القضاء العدلي، باعادة نص المشروع المقترح إلى لجنة التشريع العام حتى تعيد النظر فيه لما لمسوه من ضعف في مضمون النص المعروض للتصويت بحسب قولهم. وأكدوا في تدخلاتهم خلال الجلسة العامة المنعقدة بعد ظهر الثلاثاء، أن الصيغة الحالية للمشروع لا تعكس السعي الجاد لتجسيم استقلالية فعلية للسلطة القضائية وفق تقديرهم. وأوضح أصحاب هذه الطلبات أن الصيغة المعروضة لن تحصل على اجماع صلب المجلس مما يعيق عملية المصادقة على المشروع برمته لا سيما وأن المصادقة على القوانين الاساسية يشترط الحصول على الغالبية المطلقة من النواب (109 صوتا). وبخصوص هذا الأمر، أوضح عماد الحمامي (حركة النهضة) أن المطلوب إيجاد صيغة مقبولة للنص يكون فيها تنصيص واضح على استقلالية القضاء وفقا للمعايير الدولية، لضمان حصوله على الأغلبية المطلقة من اعضاء المجلس وأضاف أن الصيغة الحالية لا يمكن لها ان تحصل على الاغلبية المطلقة مما يحتم اعادة المشروع إلى لجنة التشريع العام لمعاودة النظر ومن جهته أفاد طارق العبيدي (المؤتمر من أجل الجمهورية) أن طلبه إعادة نص المشروع إلى لجنة التشريع العام هو قرار وجيه ومنطقي وعلمي لأن مضمون النص هزيل ودون المستوى حسب وصفه، مشيرا إلى أنه توجد بالمجلس كفاءات من المناضلين الذين خاضوا معركة استقلال القضاء ضد النظام البائد لعشرات السنين ولم يشرفوا أو يكرموا أو يشركوا بالاشراف على هذا المشروع وتابع يقول عندما نقرأ التقريرالعام للجنة نجده تقريرا بلا روح وخال من كل فلسفة أو افكار أو طروحات أو حتى تذكير بالمبادئ الكبرى لاستقلال القضاء، مما أنتج نصا هزيلا، على حد قوله، موضحا أنه تحفظ ولمدة طويلة عن الافصاح عن رايه بخصوص المشروع مفضلا إرسال إشارات وتلميحات إلى رئاسة المجلس وإلى اعضاء اللجنة لتدارك الأمر إلى أن انفجر بتصريحه في جلسة يوم الثلاثاء. وتعقيبا عن هذا الجدل بخصوص التنصيص على استقلالية الهيئة الوقتية المشرفة على القضاء العدلي أشارت رئيسة جميعة القضاة التونسيين كلثوم كنو أن النقطة الخلافية التي شهدتها الجلسة العامة للمجلس التاسيسي اليوم هي نفسها النقطة الخلافية التي حصلت بين جمعية القضاة التونسيين ووزارة العدل. وأوضحت أنه عندما عرض على الجمعية مقترح صياغة مشروع توافقي بينها وبين الوزارة يتعلق بالهيئة الوقتية تمسكت الجمعية بأن تكون الهيئة مستقلة لكن ممثلي الوزارة رفضوا ذلك رفضا قطعيا إلى أن أعيد إثارة المسألة من جديد اليوم من قبل النواب الذين شددوا على ضرورة أن تكون هذه الهيئة مستقلة بأتم معنى الكلمة. وألمحت إلى أن الرافضين لم يبرروا سبب رفضهم لمبدأ التنصيص صراحة على استقلالية هذه الهيئة، مبدية استغرابها من أسباب خوف البعض من اقرار استقلالية الهيئة. وقالت في هذا السياق لا بد أن نبتعد قليلا عن الشعارات الفضفاضة وأن نعمل على تجسيدها على أرض الواقع ولاحظت أن هذا القانون يعتبر مهما جدا نظرا لكونه يحدد ما سيكون عليه المجلس الأعلى للقضاء معقبة على تحفظ بعض النواب بخصوص عدم التنصيص على استقلالية الهيئة بالقول صدمت عندما سمعت بعض النواب يعتبرون استقلالية هذه الهيئة مسألة شكلية في الوقت الذي تعتبر فيه المسألة على غاية من الاهمية. وأضافت أن النظام البائد أيضا كان كثيرا ما يتبجح بكون القضاء في تونس مستقلا، على حد تعبيرها. واشارت كلثوم كنو إلى أن المشروع المعروض للتصويت قابل للتطوير ويتضمن نقاطا مقبولة في حاجة للاثراء، مشددة على أن مبادئ استقلال القضاء والمعايير الدولية هي وحدة لا تقبل التجزئة وفق تقديرها. ومن ناحيتها بينت رئيسة لجنة التشريع العام كلثوم بدرالدين (النهضة) أن نص المشروع هو نص توافقي شفاف تضمن جميع النقاط الخلافية التي وقعت إثارتها أثناء إعداده، مشيرة على الاعضاء الذين لاحظوا ضعف المشروع المقترح على التصويت بأن يحضروا أشغال اللجنة (وات)