توجه مساء الأحد رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، إلى الشعب التونسي بكلمة تطرق فيها إلى مسألة محاربة الإرهاب والسلم الاجتماعية، إلى جانب الوضع والصراعات التي تعيش على وقعها حركة نداء تونس، الحزب الأغلبي في مجلس نواب الشعب وهي مسالة استاثرت بثلثي مدة هذه الكلمة المتلفزة. وقد ربط رئيس الجمهورية، نجاح تونس في كسب المعركة ضد الإرهاب، بشرط إرساء السلم الاجتماعية ودعم تضامن وتكاتف الشعب التونسي، مؤكدا من جهة أخرى على أهمية استرجاع "نداء تونس" لمكانته الريادية في المشهد السياسي الوطني. وقد خلفت هذه الكلمة ولاسيما تركيز رئيس الدولة ومؤسس النداء، على المشاكل الداخلية لهذا الحزب، ردود فعل لدى الاحزاب السياسية التي اعتبرتها "تجاوزا في صلاحياته وحتى خرقا للدستور وتداخلا بين مؤسسات الدولة والحزب الحاكم". فقد اعتبر زياد الأخضر، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، في تصريح ل(وات)، أن كلمة رئيس الجمهورية مساء أمس، تعد "إخفاقا في الأداء وتحيل التونسيين إلى مشهد ظنوا أنه ولى دون رجعة وهو تداخل أجهزة الدولة مع الحزب الحاكم"، وفق تقديره. وأشار إلى أن تناول أزمة (نداء تونس)، على أهميتها، بهذا الشكل، "يتناقض مع ما يتطلبه تأسيس جمهورية جديدة والتأسيس لممارسات سياسية سليمة، بمنأى عن تداخل الحزب مع مؤسسات الدولة الذي كان مطلب الفصل بينها من مطالب الحركة الديمقراطية منذ عقود"، حسب تعبيره. ومن جهته، أكد عصام الشابي، الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري أن "كلمة الرئيس التي جاءت أياما قليلة بعد العملية الإرهابية بالعاصمة، كان من الأجدى أن يتم خلالها تقديم مضمون فعلي وعملي لدعم الوحدة التي تعيد الثقة في مؤسسات الدولة في مواجهتها للإرهاب". واعتبر أن كلمة رئيس الجمهورية، "تعد خيبة أمل كبيرة، بعد أن خصص قايد السبسي، الحيز الأهم من كلمته، للحديث عن أزمة نداء تونس، بما يذكر بالتداخل المقيت بين أجهزة الدولة والحزب الحاكم»، حسب قوله، مضيفا أن الرئيس "فوت فرصة أخرى لتعزيز الوحدة الوطنية والإرتقاء بأداء مؤسسات الدولة فوق الإنتماءات الحزبية"، حسب قوله. وقال الشابي إن "ما ورد في كلمة رئيس الدولة، يعد خرقا واضحا للفصل 76 من الدستور وإخلالا بالواجبات المحمولة عليه، في تعبئة المجهود الوطني، لمجابهة الإرهاب»، مطالبا الأحزاب السياسية والقوى الديمقراطية، بالتصدي لهذا «الإنحراف»، وفق تعبيره وحماية النظام السياسي التونسي والبناء الديمقراطي. كما دعا إلى "عقد مؤتمر وطني للإرهاب في أقرب الآجال، لتحديد السياسة التي يتعين اتباعها من أجل كسب المعركة ضد الإرهاب". وأما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، فقد اعتبر في بيان أصدره اليوم الإثنين، أن خطاب رئيس الجمهورية الذي يناقش شأنا حزبيا داخليا، "يعد خرقا للدستور ويضعف هيبة الدولة ويعبر عن هشاشة الوضع السياسي في البلاد وضعف القوى الوطنية والديمقراطية». وبدورها دعت حركة الشعب، في بيان لها حول الموضوع ذاته، إلى "النأي بمؤسسة الرئاسة عن التجاذبات والصراعات الحزبية" التي قالت إنها "لا علاقة لها بمشاغل واهتمامات التونسيين". وحملت الحركة، مجلس النواب «مسؤوليته التاريخية» في التصدي لما وصفته ب"الإنحراف الخطير"، مطالبة ب "مساءلة رئيس الجمهورية، بشأن تجاوز صلاحياته الدستورية". ومن ناحيتها أكدت الجامعية سلوى الحمروني، المختصة في القانون العام، في تصريح ل(وات)، أن ما احتواه خطاب رئيس الجمهورية، ليلة أمس، يعد "خرقا للدستور، باعتبار أن هذا الخطاب تطرق إلى شأن حزبي داخلي لحركة نداء تونس، لا يهم كافة التونسيين، وهو ما يتناقض مع الفصل 76 الذي يمنع رئيس الجمهورية من مواصلة رئاسة حزبه، بعد الفوز في الإنتخابات واتخاذ مواقف متعلقة بالشؤون الداخلية للحزب"، حسب تصريحها وأضافت أن "التركيز في هده الكلمة على أزمة نداء تونس والدخول في جزئيات حزبية، قد أفرغ الفصل المذكور من محتواه"، ملاحظة أن هذا الفصل تم وضعه انطلاقا من التجربة السياسية السابقة قبل الثورة وما عاناه الشعب التونسي والطبقة السياسية من تداخل بين الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة". ولم تقلل أستاذة القانون من أهمية "أزمة نداء تونس" التي قالت إنها "أثرت على العمل الحكومي والنيابي»، موضحة من جهة اخرى أنه "كان بإمكان رئيس الجمهورية، الإكتفاء بالإشارة إلى الأزمة بشكل عام والدعوة إلى إيجاد حل، دون الإعلان عن موقف وخطة بكامل تفاصيلها». يذكر أن الفصل 76 من الدستور، ينص على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية الجمع بين مسؤولياته وأية مسؤولية حزبية".