كيف تحولت مدينة حمام الأنف من ملاذ صحي ونظيف ل"البايات" ولكبار القوم إلى "مدينة الأوساخ" باستحقاق؟ مدينة لا يمكن أن تمرّ في أنهجها دون أن تلاحظ تراكم الفضلات، مدينة فقد شاطئها بريقه وأصبح عبارة عن سبخة، جزء كبير من رماله كسته الأعشاب والأوساخ. حمام الأنف اليوم غير تلك بالأمس، أوساخ وروائح كريهة في كلّ مكان، باعة ينتصبون عشوائيا فحتى الأسماك أصبحت تباع على قارعة الطريق، وسيارات رابضة على الأرصفة لا تترك للمترجل مكانا آمنا ليمرّ منه وحتى ان لم توجد السيارات ف"الحفر" في كلّ مكان، فترى المترجل يسلك طريقه في الممرات الخاصة بالسيارات، الأمر لا يقف عند هذا الحدّ فتكون الكارثة بنزول الأمطار حيث تغرق أنهج المدينة في المياه، ليبقى السؤال المطروح من يتحمل مسؤولية تدهور الوضع في حمام الأنف. "الصباح نيوز" عاينت الوضع البيئي بالصور والتقت عددا من أبناء "الهمهاما" الذين عبّروا عن استيائهم من هذا الوضع الذي وصفه البعض ب"الكارثي" وأرجعه البعض لنسيان المدينة من قبل المسؤولين الجهويين والوطنيين ورآه آخرون بأنه بسبب إهمال المسؤولين المحليين وغيابهم وبسبب الصراعات "السياسوية" في ما رأى البعض الآخر أنه بسبب تجاوزات المواطن. "دار الباي" أو "قصر الباي" بدوره لم يسلم، فبعد أن كان مقصدا للبايات أصبح وكالات لعدد من العائلات المعوزة، قصر نأسف عند المرور بجانبه للوضع الذي أصبح عليه، رغم انه يوجد أمام مقر بلدية حمام الأنف وعلى بعد أمتار من منطقة الأمن، الا انه لا يشبه القصر في شيء. الحديقة البلدية التي توجد بجانب مقر البلدية بدورها لا يمكن اعتبارها حديقة بل مكان لرمي الأوساخ، فالكراسي مهشمة والأوساخ متناثرة هنا وهناك. حتى الرصيف المحاذي لمقر المعتمدية لم يسلم بدوره، فالأوساخ متناثرة ومعلقات ممزقة مازلت تغطي جزء من حائط مقر المعتمدية، هذا إضافة إلى مختل عقليا كان يفترش أرضا. هذا وعبّر البعض من متساكني حمام الأنف عن استيائهم من مزيد تدهور الأوضاع البيئية في المدينة، وكثرة "الحشرات" خاصة مع اقتراب فصل الصيف، وينذرالوضع اليوم أيضا بتجدد هذه الظاهرة خلال فصل الصيف خاصة وأنه لم يقع التدخل من قبل البلدية لمداواة الحشرات مع بداية شهر مارس، بحيث سيصعب القضاء عليها لاحقا، وهو ما أكّده ل"الصباح نيوز" المسؤول عن مصلحة النظافة ببلدية حمام الأنف حسام الصغير. الصغير وان لم ينفي كثرة الأوساخ في أنهج المدينة إلا أنه أشار إلى أن للمواطن دور في الموضوع، خاصة أمام تعمّد البعض إلقاء الفضلات في كل مكان وعدم احترام توقيت إخراج الفضلات وقلة عدد عملة النظافة. وفي هذا السياق، أكّد نقص عدد عملة النظافة بالبلدية والبالغ عددهم 48 مكلفون برفع الفضلات والكنس وهو ما يحول دون القيام بجميع أعمال النظافة بالجهة التي يقطنها قرابة 49 ألف ساكن، مضيفا أنّ مقاومة سوسة النخيل تطلب أيضا توفير عملة في الغرض وهو ما أثر كذلك على مردودية العمل كما قال ان البلدية ستنطلق ابتداء من يوم الإثنين القادم في القيام بحملات نظافة استثنائية بالمحاور الأساسية للمدينة والأحياء وتتواصل على امتداد 3 أشهر، من خلال فريق عمل يضمّ 10 عملة، مضيفا أنه سيتم كذلك وابتداء من غرة أفريل القيام بحملة تنظيف للفسحة الشاطئية على طول 4 كلم على أن يتم تخصيص 4 عملة قارين للقيام بالتنظيف اليومي استعدادا لفصل الصيف. واضاف انه في ما يتعلق بنظافة الشاطئ فالأمر يعود بالنظر لوكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي، مشيرا إلى وجود مشروع في الغرض "ماد كوت". ومن جهته، قال محمد فاتح النفطي الكاتب العام للنيابة الخصوصية لحمام الأنف أنه سيتم تعميم مشروع حاوية فضلات لكل منزل بالجهة، بعد نجاح التجربة التي انطلقت منذ 1998 بحيين بحمام الأنف. كما أشار إلى الإشكال القائم مع أعوان الشرطة البلدية بعد تغيير صبغتهم القانونية، قائلا: "هناك إشكال في التنسيق بين البلدية والشرطة البلدية التي لم تعد ترجع بالنظر للبلدية وهو ما أثّر سلبا على تطبيق القانون عند تسجيل مخالفات تهم الشأن البيئي أو الترتيبي رغم الجهود التي يبذلونها".