شاركت اليوم الخميس وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بدار المصدر في جلسة افتتاح اليوم الوطني حول التصدير التي أشرف عليها الحبيب الصيد رئيس الحكومة .. وألقت بوشماوي كلمة في ما يلي فحواها: "يسعدني أن أشارك معكم في اليوم الوطني حول التصدير وأن أثمن هذه المبادرة التي جاءت لتؤكد الأهمية التي يحظى بها التصدير بالنسبة لاقتصادنا وأن أتقدم بجزيل عبارات الشكر لكل من شارك في إعداد وتنظيم هذه التظاهرة الهامة على جهودهم القيمة، كما يطيب لي أن أهنئ مركز النهوض بالصادرات بمناسبة احتفاله قبل أيام بالذكرى الأربعين لتأسيسه وأن أثني على جهود كل من تعاقبوا على الإشراف عليه. قبل أكثر من أربعة عقود وتحديدا في نهاية الستينات كان مجرد التفكير في التصدير عبارة عن حلم صعب المنال بالنسبة لبلادنا..ولكن حين توفرت الإرادة السياسية، وحين انخرط الجميع في تجسيد هذا الحلم لأنهم آمنوا به، ولأنهم أدركوا مدى أهميته بالنسبة لاقتصادنا الناشئ تحول الأمر شيئا فشيئا من مجرد حلم إلى واقع إلى أن أصبح التصدير مكون أساسيا في منظومتنا الاقتصادية الوطنية. وقد مر التصدير منذ بداية السبعينات بمراحل هامة أبرزها قانون 1972 ، وقانون الشركات التصديرية سنة 1984 ثم قانون شركات التجارة العالمية سنة 1988 . وخلال كل هذه المحطات كان حضور الدولة قويا حيث وضعت كل ثقلها لكسب هذا الرهان ولم تبخل على المؤسسات المصدرة بالعناية والإحاطة والمرافقة ودعمت كل المبادرات الهادفة إلى تطوير صادرات تونس نحو الخارج. بالنظر إلى الوضع الاستثنائي الذي تمر به بلادنا وبالمصاعب الاقتصادية التي نواجهها فإن التصدير يمثل أحد أهم الحلول التي يمكن لها أن تساعدنا على خلق المزيد من الثروات وبالتالي توفير فرص العمل لشباب تونس وفتح الآفاق أمامهم، وهذا يتطلب توفر الإرادة ومواصلة الدولة للعب دورها كداعم للمصدرين وللمنتجات التونسية وهو ما تقوم به كل دول العالم لأنه بدون دعم الدولة لن يتسنى لنا تحقيق النتائج التي نتطلع إليها جميعا في مجال التصدير. منذ مطلع التسعينات وحتى السنة الماضية تضاعف رقم المعاملات في مجال التصدير نحو عشر مرات. ورغم الظروف الاستثنائية والمصاعب الاقتصادية التي تحدثت عنها فقد تمكنت تونس سنة 2015 من تصدير ما قيمته 40 مليار دينار، 28 منها للمنتجات و12 للخدمات، وهو إنجاز هام ولكنني على يقين أنه بإمكاننا أن نحقق المزيد بشرط توفر الإرادة القوية والأرضية المناسبة .. فلا أحد كان يتوقع أن تصبح تونس من أكبر المصدرين في العالم لمكونات السيارات. واليوم هناك قطاعات أخرى عديدة يمكن أن نحقق فيها تقدما مهما في مجال التصدير على غرار ما تحقق لقطاع مكونات السيارات مثل المنتجات الزراعية والصناعات الغذائية وتكنولوجيا المعلومات والعديد من الخدمات وعلى رأسها القطاع الصحي. وإنني على يقين أن الخطة الوطنية لدفع التصدير التي سيقع عرضها بمنسابة هذا اليوم تمثل منطلقا جيدا لبلورة رؤية مستقبلية في مجال التصدير، ولا شك أنه سيقع في الفترة المقبلة التعمق في مختلف أبوابها وتفاصيلها وهو ما سيقوم به اتحادنا مع الجهات المعنية بحثا عن الجدوى والفائدة . إن المطروح علينا اليوم هو وضع أهداف واضحة نحققها على مدى فترات زمنية محددة للرفع أكثر قيمة التصدير. وال 40 مليارا التي تحققت السنة الماضية يمكن الوصول بها تدريجيا إلى 60 مليار دينار، ثم 80 مليار دينار، وحتى 100 مليار دينار في العشرية القادمة. فليس لنا من حل بالنظر إلى ضيق السوق الداخلية سوى التركيز على التصدير وحث كل المؤسسات مهما كان حجمها على الانخراط في هذا المجهود، ونعتقد أن النجاح في تحقيق هذه الأهداف يمر عبر التأسيس لشراكة بين القطاعين العام والخاص وإتباع سياسة عقود البرامج. إن كسب رهان التصدير يتحقق أيضا من خلال توفر مناخ عام سليم يمكن المؤسسة من التحكم في كلفة انتاجها وفي عامل الوقت وفي كل المعطيات المتصلة بالإنتاج والتخزين والنقل والتسويق حتى تفي بالتزاماتها إزاء حرفاءها في أحسن الظروف. ومن هذا المنطلق لا بد من العناية بكل النواحي اللوجستية المتصلة بالتصدير وعلى رأسها الأوضاع في الموانئ. فبعض ما جرى ولا يزال يجري أحيانا في الموانئ التونسية هو للأسف تحطيم للتصدير ولما حققناه من إنجازات في هذا المجال على مر عقود من الزمن وهذا أمر غير معقول وغير مقبول ولا بد من العمل على تلافيه. كذلك علينا أن نتوجه اليوم إلى مناطق جديدة في العالم يمكن أن تكون وجهة للصادرات التونسية وعلى رأسها القارة الإفريقية . والأكيد أن السيد رئيس الحكومة ومن رافقه في زيارته الأخيرة إلى «الكوت ديفوار» قد وقفوا على الآفاق الواعدة التي تمثلها القارة الإفريقية بالنسبة للمنتجات التونسية وما يجب العمل عليه في هذا الصدد هو مرافقة البنوك وشركات التأمين على الصادرات للمؤسسات المصدرة وكذلك فتح خطوط نقل جوية وبحرية مع هذه البلدان مثلما تفعل اليوم العديد من البلدان المنافسة لنا على السوق الإفريقية، كما أنه لا بد من التركيز على الديبلوماسية الاقتصادية واختيار الكفاءات المناسبة التي يمكنها تقديم الإضافة للاقتصاد التونسي من خلال عملها في تمثلياتنا بالخارج. علينا اليوم أن نجعل من التصدير أولوية وطنية، وواجب وطني على كل من هو قادر عليه ، خاصة وأن بلادنا تعاني من نقص في مداخيل العملة الصعبة جراء أزمة السياحة. ومن هذا المنطلق نحن نعتبر في الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية أن عدم وضع التصدير في مرتبة الأولوية الوطنية في مجلة الاستثمارات الجديدة رغم إلحاحنا على ذلك نقيصة نأمل تلافيها. كذلك علينا أن نركز على القطاعات التي يمكن أن تتمثل إضافة كبرى في مجال التصدير وأعتقد أن القطاع الزراعي والصيد البحري هو من القطاعات الواعدة التي يمكن أن تتحول إلى أهم القطاعات المصدرة، وعلينا العمل حتى تنتج أٍرضنا أكثر بالشكل الذي يمكننا من تسويق منتجاتنا الزراعية والبحرية في الخارج خاصة وأنها منتجات تحظى بسمعة طيبة من حيث النكهة والجودة . كذلك فإن وفرة الإنتاج ستمكننا أيضا من تطوير قطاع الصناعات الغذائية وتوسيع الاستثمارات فيه. واسمحوا لي أيضا أن ألفت النظر إلى ضرورة إقرار برنامج خاص بقطاع الصناعات التقليدية في مجال التصدير لمساعدته على تخطي الأزمة الخانقة التي يمر بها جراء الأوضاع التي تعرفها السياحة التونسية. إنني إذ أنوه بتنظيم هذا اليوم فإنني أتطلع إلى المواظبة على هذه العادة والتفكير في تطويرها من خلال جعل اليوم الوطني للتصدير مناسبة سنوية للاحتفاء بالمؤسسات التي حققت نتائج جيدة في هذا المجال وإسنادها جوائز شرفية لأننا بذلك نغذي روح المنافسة الشريفة في مجال التصدير . كذلك أقترح إحياء المجلس الأعلى للتصدير، ولما لا التفكير في بعث وزارة خاصة بالتجارة الخارجية يكون التصدير من أهم أولوياتها ."