يعتبر قطاع الطماطم المعلبة من القطاعات التي تعاني من عديد المشاكل رغم أهمية الانتاج إذ تحتل تونس المركز 9 عالميا من حيث إنتاج هذه المادة، كما يعد التونسي أول مستهلك لمادة الطماطم المحولة في العالم بمعدل استهلاك قدر ب 60 كلغ من الطماطم الموجهة للتصنيع ما يعادل 10 كلغ من الطماطم المركزة أي ما قدره بين 100 و110 آلاف طن في السنة الواحدة ليحتل بذلك المرتبة الأولى على مستوى العالم، يليه المستهلك الإيطالي في المركز الثاني باستهلاك سنوي فردي يقارب 30 كلغ من الطماطم المعدة للتحويل لتأتي الولاياتالمتحدةالأمريكية ثالثة باستهلاك يناهز 25 كلغ. فوائض ضخمة يعاني قطاع الطماطم المعلبة من مشاكل أهمها ارتفاع معدلات الانتاج حيث فاقت معدلات الانتاج المليون طن من الطماطم الطازجة ليصل حجم إنتاج الطماطم المعلبة خلال الموسم الحالي 140 ألف طن هذا بالإضافة إلى الفائض الانتاجي من السنة المنقضية والمقدر ب20 ألف طن ما يعني أن الحجم الاجمالي للطماطم المعلبة يقدر ب 160 ألف طن. وعلى هذا الأساس من المنتظر أن يرتفع هذا الرقم مع انتهاء الموسم القادم، إذ من المتوقع أن يبلغ حجم الإنتاج 160 ألف طن من الطماطم المعلبة بينما يقدر الاستهلاك المحلي بحوالي 80 ألف طن ما يعني أن نصف إجمالي الإنتاج أي 80 ألف طن سيبقى فائضا، ما يعني أن فوائض الانتاج ستتضاعف في ظل محدودية سوق الاستهلاك وتراجع صادرات بلادنا من هذه المادة. فالإشكال الذي يطرح بشدّة والذي جعل أهل القطاع يطلقون صيحة فزع يتمثل أساسا في تخمة إنتاجية كانت الأسواق الليبية في السابق المتنفس الإستراتيجي للصادرات التونسية إذ أن هذه السوق تعتبر إلى حدّ سنوات مضت قبلة استراتيجية لصادراتنا من الطماطم المعلبة، لكن تردي الوضع الأمني في القطر الليبي جعل أزمة قطاع الطماطم تصبح أكثر تعقيدا خاصة في ظل عدم وجود أسواق جديدة تصدر نحوها فوائض الانتاج التي ما فتئت تعرف تضخما من سنة إلى أخرى ومن موسم إلى آخر. كل هذا يحتم على الأطراف المتداخلة في القطاع من مصنعين ووزارات للفلاحة والصناعة والتجارة البحث عن حلول جذرية من شأنها إنقاذ القطاع من الأزمة التي تردى فيها والتي قد تدفع في حال تواصل الأمر على ما هو عليه إلى التقليص في حجم الطماطم الطازجة التي سيتم تحويلها في ظل ما تعرفه هذه المادة من وفرة في الإنتاج المتوقع خلال الموسم القادم ما من شأنه أن يحدث خللا كبيرا على مستوى المنظومة ككل. وبالنظر إلى انعدام كل السبل أمام المصنعين فإن الغلق سيتهدد عديد المصانع التي تشغل مئات العمال، وهو ما دفع بأهل القطاع إلى مطالبة الوزارات المعنية بالتدخل العاجل لإيجاد الحلول المناسبة. الحلول الممكنة ومن بين الحلول التي اقترحها أهل القطاع، معالجة المنظومة ككل وبهذا الشأن فقد تمّ إقرار ارساء منظومة تسعيرة الطماطم حسب الجودة التي تم الاعلان عنها منذ السنة المنقضية وسينطلق العمل بها خلال السنة الجارية وتحديدا انطلاقا من شهر جوان القادم. وتتلخص هذه المنظومة في إبرام عقد بين الفلاح والمصنع تتضمن عدّة معايير يجب على الفلاح احترامها وذلك من خلال إنتاج طماطم تتماشى والمعايير المتفق عليها بين الطرفين. كما تلزم هذه المنظومة مصانع تحويل وتعليب الطماطم بأن تكون مجهزة بآلة السكانار والتي ستساعد المصنع على التعرف على جودة الطماطم حيث سيتم برمجة هذه الآلة عبر إدراج المعايير المتفق عليها والتسعيرة التي تتماشى معها. ولحث المصنعين على اتباع هذه المنظومة والاعتماد على التكنولوجيا الحديثة «السكانار» أقرت سلطة الاشراف تخصيص منح بقيمة 100 ألف دينار لكل منشأة تستعمل هذه التقنيات. ومن بين الحلول التي طالب المصنعون باتخاذها واعتبروها حلا جذريا لمشاكلهم الراهنة هو تحرير القطاع بشكل كلي من خلال إلغاء كل الاجراءات المتعلقة بالتصدير وغيرها بالإضافة إلى رفع كل القيود من ذلك رفع الدعم عن الطماطم المعلبة ما عدا الكميات الموجهة إلى تغطية حاجيات السوق المحلية فيما يتم توجيه باقي المنتوج للتصدير نحو أسواق جديدة. وتحرير التصدير من شأنه خلق تقاليد انتاج جديدة على مستوى انتاج الطماطم التحويلية والطماطم المعلبة، ومن ثمّة فإن التحرير الكلي سيكون حافزا لدفع الانتاج ونشر العلامات التونسية في الأسواق العالمية التي تخضع لمنطق المنافسة والجودة ما يحتم على الشركات المصنعة التقيد بالمواصفات العالمية ما سيمكن من خلق تقاليد جديدة من حيث جودة الانتاج التي تتماشى ومنظومة جودة العالمية. وعلى هذا الاساس فإن تحرير التصدير من شأنه أن يدعم القطاع ويضمن ديمومته كما سيمكن من جلب العملة الصعبة. حنان قيراط جريدة الصباح بتاريخ 03 ماي 2016