صادق مجلس الوزراء أول أمس الأربعاء على الصيغة النهائية لمشروع القانون المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين عنه، بعد تنظيم استشارة بخصوصه مع المجتمع المدني ومشاورات حوله في مجلسين وزاريين سابقين، وبعد عرضه على الهيئة الوطنية ومكافحة الفساد التي يرأسها الأستاذ شوقي الطبيب عميد المحامين سابقا. على هامش هذا الحدث اتصلنا بالسيد كمال العيادي وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد فكان معه الحوار التالي : ما الجديد بعد مصادقة مجلس الوزراء على مشروع القانون الجديد الخاص بمكافحة الفساد والمبلغين عن عمليات الفساد بأنواعها؟ وهل يمكن أن يساهم في الحد من الانتهاكات للقوانين والإجراءات ومن انتشار التجاوزات والرشوة والتبييض للأموال واستغلال السلطة؟ - مصادقة البرلمان على مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الوزراء ستمكن تونس من اعتماد إجراءات مجدّدة وغير مسبوقة ضمن مشروع قانون التبليغ عن الفساد. وبعد اعتماد قانون حماية المبلغين تتطور المعركة ضد الفساد من معركة الحكومة والدولة بأجهزتها القضائية والأمنية والسياسية ضد الفاسدين إلى معركة مجتمع بكل قواه الحية ومكوناته ومواطنيه. انطلقنا من تجارب البلدان التي نجحت فيها إلى حد كبير المعركة ضد الفساد مثل بريطانيا منذ 2010 لأنها نجحت في تحويل المعركة من قضية هيئات وطنية ووزارة وقضاء إلى معركة المجتمع بأسره. المغزى الأساسي بالنسبة لنا من القانون الجديد أن الفساد ظاهرة مجتمعية ولا بد أن يشترك المجتمع بأسره في مكافحته. منظومة النزاهة الشاملة هل تعتبرون أن المناخ الآن يسمح بهذا خاصة في ظل التجاذبات السياسية والحديث عن مسلسلات جديدة من التعيينات والتحويرات الوزارية والحكومية؟ - أولا بالنسبة لي أؤمن باستمرارية الدولة وأن دور الوزير والمسؤول في الإدارة متابعة عمله ليلا نهارا في ظروف عادية والسعي إلى انجاز إصلاحات حقيقية وملموسة بما في ذلك فيما يتعلق بمكافحة الفساد وتطوير القوانين التي تحمي المبلغين. وبعد قانون النفاذ للمعلومة منذ شهرين أصبح ترتيب تونس دوليا من بين ال5 الأوائل التي تسمح بالنفاذ إلى المعلومة دون عراقيل . واليوم تبدو من بين الأولويات توفير الحماية إلى المبلغ عن الفساد وإيجاد الأطر اللازمة للتبليغ. الأهم بالنسبة للدولة التونسية اليوم أن تمضي من منظومة الجودة الشاملة (ايزو) إلى منظومة النزاهة الشاملة.. بما يعني توفير عناصر جذب جديدة للاستثمار وتحسين مناخ الإنتاج وظروف التشغيل والتنمية. سوف توضح بأمر تحدثتم عن إيجاد الأطر اللازمة للتبليغ عن قضايا الفساد والفاسدين؟ ما هي هذه الأطر؟ - سوف يوضحها أمر حكومي بعد مصادقة البرلمان على مشروع مجلس الوزراء. أوضح هنا أن مشروع القانون الجديد يهدف إلى توسيع قاعدة المبلغين.. أي أن لا تختزل في الذين تربطهم علاقات شغلية فقط بالجهة التي تشملها المطالبة بفتح تحقيق في الفساد بل تشمل كل المواطنين.. ثانيا القضايا المشمولة بالتبليغ أصبحت شاملة لكل تصرف للقوانين والتراتيب والملفات.. وهذا تطور نوعي مهم جدا.. مع التركيز على المخالفات التي تدخل في إطار تجاوز السلطة وخيانة الأمانة والتهرب الجبائي تعطيل قرارات السلطة القضائية وغسل الأموال واستغلال النفوذ.. وتضارب المصالح..الخ خطوات عملية؟ عمليا كيف يمكن للمواطن الذي لديه ملفات عن الفساد التبليغ عنها؟ - هناك إجراءات جديدة تهدف إلى نقل تونس فعلا إلى مرحلة «النزاهة الشاملة».. من بينها تطوير قنوات التبليغ التي تمكن من ضمان معالجة الملفات. سيكون أمام المواطن فرصة التبليغ عند الهيكل داخل المؤسسة المعنية ( صوناد / ستاغ/ وزارة / ولاية / بنك ...) لأن هدفنا الأول هو محاولة الإصلاح من الداخل . لكن إذا كان المبلغ ضده (أي المشتكى به) رئيس المؤسسة أو القطاع يجري التبليغ عند الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (التي يرأسها الأستاذ شوقي الطبيب). كما أحدثت قناة ثالثة:إمكانية التبليغ مباشرة لدى العموم عبر وسائل الإعلام في القضايا التي تمس الصحة والسلامة العامة والبيئة وفي حالة عدم قيام الهيكل العمومي باللازم. الوقاية..الوقاية هل تعتبرون أن الفساد في تونس يمكن أن يتراجع بفضل مثل هذه الخطوات الخاصة بالتبليغ عن الفاسدين؟ أليس المطلوب أولا إحداث آليات للوقاية من الفساد والرشوة والتهرب الضريبي ..الخ؟ - بالفعل فان من أهم ما في مشروع القانون الجديد إجبارية وضع السياسات الوقائية مع معاقبة المسؤولين الذين لا يضعون آليات وقائية ضد الفساد في مؤسساتهم. وكانت وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد قد حرصت لدى إعدادها لهذا المشروع على وضع إجراءات مجدّدة وغير مسبوقة على غرار ما قامت به البلدان الرائدة في هذا المجال مثل بريطانيا. بفضل مثل هذه الإجراءات ستنتقل تونس من تجريم الفساد ومعاقبة الفاسدين إلى تجريم انعدام التوقي منه من خلال وضع الآليات الضرورية التي شرعت الوزارة في اعتمادها وتطبيقها». هذا الإجراء قد وقع العمل به ولأول مرة في القانون البريطاني منذ أكتوبر 2010، وقد كان له وقع هام على محاربة الفساد مما دفع المؤسسات للبحث عن آليات للتوقّي منه. في نفس الوقت تقرر سنّ حوافز،تضبط بأمر، للمؤسسات التي تقبل بصفة طوعية وضع التدابير والآليات الوقائية للتوقّي من الفساد والرهان كبير على تعاون المواطنين والمجتمع المدني مع مثل هذه الجهود. حاوره كمال بن يونس