قال النائب والقيادي في حزب «آفاق تونس» رياض المؤخّر إن تونس تحتاج رئيس حكومة سياسي بخلفية اقتصادية، لكنه أكد في المقابل أن حزبه لا يعارض بقاء الحبيب الصيد على رأس الحكومة المُقبلة، كما وصف مبادرة الرئيس الباجي قائد السبسي لتشكيل حكومة وحدة وطنية ب"مبادرة الفرصة الأخيرة" لإنقاذ البلاد، مشيرا إلى أن قائد السبسي يريد "الخروج من الباب الكبير" عبر إيجاد حل شامل للأزمة التونسية قبل مغادرته للحكم، واعتبر، من جهة أخرى، أن مطالبة حركة "النهضة" بمراعاة حجمها الانتخابي في الحكومة المقبلة ستخلق مشاكل سياسية جديدة، مؤكدا بالمقابل تمسك حزبه بالشراكة مع "النهضة" مع رفض المحاصصة الحزبية. واعتبر أن الأزمة الحالية في تونس تحتاج لشخصية سياسية بخلفية اقتصادية لرئاسة الحكومة، ورفض في الوقت ذاته الحديث عن "فشل" الحكومة الحالية في إدارة شؤون البلاد، مشيراً إلى أن حكومة الصيد نجت في "حلحلة" المشاريع الخدمية الكبرى المعطلة (كالطرق وغيرها)، فضلا عن نجاحاتها الكبيرة على الصعيد الأمني وخاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب "ولا يمكن إغفال التحسن الملحوظ للجيش التونسي في السنوات الأخيرة، حيث كان في السابق مجرد جيش كلاسيكي يقوم فقط بعمل تنموي في الجهات" وأضاف في حوار خاص مع "القدس العربي" "المطلوب من الحكومة المقبلة إعطاء رسالة قوية للشباب اليائس والضائع وخاصة الذي يعاني من مشاكل المخدرات والجريمة والتطرف والإرهاب، فهو ثروة كبيرة لتونس يجب أن نستثمرها، وأود التأكيد أن الحكومة المقبلة مطالبة فقط بتسريع نسق العمل، فهي لن تبدأ من الصفر، لأن الحكومة الحالية صادقت على قوانين ومشاريع كبرى، والمطلوب الآن، كما أسلفت، تسريع النسق وإصلاح الإدارة والتي تشكل عائق كبير للمستثمرين" وأكد، في السياق، أن "آفاق تونس" لا يعارض تشكيل رئيس الحكومة الحالية الحبيب الصيد لحكومة الوحدة الوطنية المُقبلة، مشيرا إلى أن الصيد "رجل وطني ومعروف بنزاهته وتجمعنا معه علاقة طيبة، ونحن نعتبر أن عدم الوصول إلى نتائج مرجوة لا يتحمل مسؤوليته الصيد وحده، بل إن المشكل سياسي بالدرجة الأولى (غياب السند السياسي لرئيس الحكومة). وتحدث عن ضرورة تمتع رئيس الحكومة المقبلة ب"شخصية قوية وخلفية اقتصادية ورؤية وقدرة على القيادة، إضافة إلى السند السياسي وهو أحد أبرز مقومات النجاح، وكنا تقدمنا قبل أشهر بمبادرة لتكوين كتلة موحدة في البرلمان، لإعطاء تنسيق أكبر بين الأحزاب السياسية وإيجاد سند أكبر للحكومة، لكنها رُفضت من قبل الجميع" من جهة أخرى، رفض المؤخر لجوء المعارضة لاعتبار مبادرة قائد السبسي تعبيرا عن فشل الائتلاف الحاكم ومحاولة لترميم نداء تونس، مشيراً إلى أن الرئيس الباجي قائد السبسي «يريد الخروج من الباب الكبير وترك شيء للتاريخ، عبر إيجاد حل سياسي واقتصادي للبلاد قبل مغادرته لمنصبه، واستخدام عبارات من قبيل "فشل الائتلاف الحاكم" فيها غلو كبير" ووصف مبادرة السبسي ب"مبادرة الفرصة الأخيرة" لإنقاذ البلاد، مضيفاً "بعد سنتين على تشكيل هذه الحكومة وقبل ثلاث سنوات من انتهاء فترة الحكم الحالية، نستطيع القول إنه في حال فشل هذه المبادرة، التي ما زال البعض يرفضها رغم أهميتها، فسيكون من الصعب تقديم أفكار جديدة للخروج من الأزمة الحالية" وتابع بقوله «رئاسة الجمهورية تحاول الآن إيجاد قواسم مشتركة بين الأحزاب والمنظمات الوطنية، ولكنك لا تستطيع الحكم بالحد الأدنى من القواسم المشتركة، لأنك ستدخل في توافق هشّ ولين، وأعتقد أن دور رئيس الحكومة المقبل هو أن يجد تفاهماً على ما يفرقنا، بمعنى أنه يجب أن نتوافق على ما هو صعب، وإذا وجدنا حلاً فيجب على الحكومة تطبيقه بدون تردد، فعندما لا تمضي على وثيقة واضحة المعالم ستأتيك التعطيلات لاحقاً من هنا وهناك». وكان الأمين العام لحركة «الشعب» زهير المغزّاوي أكد قبل أيام ل«القدس العربي» أن الائتلاف الحاكم في تونس يتحمل مسؤولية «فشل» الحكومة الحالية، بسبب تعامله بشكل «انتهازي» مع الصيد «إذا تحققت مكاسب فهم شركاء بها وإذا حصلت انتكاسات فالصيد يتحمل كل هذه الانتكاسات، كما أن هذا الرباعي الحاكم لم يتمكن من استغلال علاقاته (الدولية) لجلب الاستثمارات إلى البلاد». وعلّق المؤخر على تصريحات المغزاوي بقوله «لا نستطيع الحديث عن تعامل موحد للائتلاف الحاكم، لأنه ليس وحدة لا تتجزأ فهو يضم أربعة أحزاب وكل حزب لديه مواقفه السياسية وطريقة العمل الخاصة به، وأؤكد مجددا أننا في آفاق تونس نقدر العمل الكبير الذي يقوم به الحبيب الصيد». وحول مطالبة حركة «النهضة» بمراعاة حجمها الانتخابي ووزنها السياسي في الحكومة المقبلة، يعلّق المؤخر بقوله «اللي يشتهي حاجة يعملها في عشاه (من يرغب القيام بأمر فليفعله بنفسه)، نحن نرفض المحاصصة الحزبية بجميع أشكالها، وأعتقد أن الحديث عن الوزن الانتخابي والانتخابات السابقة سيصعب الأمر (تشكيل الحكومة) ويخلق مشاكل أكثر من الحلول». ويستدرك بقوله «ولكن يجب التأكيد أننا في شراكة مع حركة النهضة (ضمن الائتلاف الحاكم) ومتمسكون بهذه الشراكة، وأعتقد أننا قادرون على الاستمرار والتوافق والشراكة بين الجبهة الوسطية التقدمية أو الأحزاب غير الإسلامية وحركة النهضة، ونحن من جهة أخرى لم نناقش، لا داخل الحزب ولا خارجه، موضوع زيادة حضور آفاق تونس في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة، بل بالعكس نحن طالبنا بتمثيل أكبر عدد من الأحزاب فيها». من جهة أخرى، يرفض المؤخر ما يذهب إليه بعض الخبراء الاقتصاديين حول أن تونس تتجه إلى «الإفلاس»، مشيرا إلى أنه «ليس هناك بلد يفلس، فنحن لدينا وضع صعب ومديونية كبيرة والسنة المقبلة ستكون صعبة جدا، والتوزانات المالية مختلة، لكن هذا الوضع غير نهائي وقابل للتحسن إذا عادت قيمة العمل، فالثوابت الاقتصادية لتونس ما زالت موجودة». ويضيف «لدينا حاليا مشكلة في السياحة ومع جارنا الليبي الذي يُعتبر السوق الداخلية لتونس، فأن تخسر سياحتك وشريكاً اقتصادياً كليبيا وأن يكون لديك حجم دين خارجي كبير، فهذا يُنذر بالخطر ولكن ليس لحد الإفلاس، ولكن أؤكد مجددا أنه لدينا سنة مقبلة صعبة، ويجب على الحكومة المقبلة أن تقدم حلولاً لهذا الأمر».(القدس العربي)