يبدو ان الاحتفال بالذكرى 59 لإعلان الجمهورية لم تجد طريقا في الشارع التونسي ولا حتى في وسائل الاعلام وخاصة البصرية منها.. والادهى حتى قيادات البلاد لم تسجلها حضورها فلا بيانات احزاب ولا يجسياسيين تكلموا فالاحتفال بذكرى مفصلية في تاريخ البلاد يبدو أنه سيمر مرور الكرام، وكانه يوم عطلة عادي. ففي العادة فان ذكرى الاحتفال بعيد الجمهورية تشكل مناسبة للتذكر في مثل هذه اللحظة التاريخية التي قفزت بتونس من نظام ملوكي إلى نظام جمهوري مدني يحكم وفق القانون وضمن مؤسسات دولة مدنية حديثة تكون فيها كلمة للشعب وليس ل"الرعية" كما كان يطلق على الشعب التونسي ايام ملوكية البايات. بل ان ذكرى الجمهورية كانت منذ تاريخ قريب-3 سنوات تقريبا- أي فترة حكم الترويكا، لبنة للمحاججة والاحتجاج والحجة بين السياسيين وخاصة بين المعارضة "الديمقراطية" و"ترويكا النهضة" الاسلامية، فكانت المعارضة تقول أن هناك خطر "داهم" على النظام الجمهوري في ظل الحكم الاسلامي، كما كان الاسلاميون يعارضون هذه التهم باعتبار أنهم "منخرطون في هذا التمشي الجمهوري" ولا يعارضونه. وما كان هذا التناكف الا أن يشتد يوم اغتيل الشهيد محمد البراهمي على يد ارهابيين ينتمون لتنظيم أنصار الشريعة الارهابي يوم 25 جويلية 2013، اين ارتفع هذا المد، ونزل الجميع للشارع و "تعسكروا" أمام رمز الجمهورية البرلمان التونسي في اعلان عن بداية اعتصام الرحيل وذلك "دفاعا عن قيم الجمهورية وحماية للنظام المجتمعي الذي ارتآه الشعب" أمام المد الاسلامي الذي أصبح ينبأ بفناء تلك المبادئ التي تركز عليها تاريخ تونس المعاصر منذ سنة 1957. لكن اليوم بعد أن أضحى أبرز تلك الأطراف شركاء في الحكم، وتنحت تلك الحجج و"التناحر" حول قيم الجمهورية أضحى يوم الاحتفال بقيام النظام الجمهوري، يوما عاديا وأصبح ما شغل الشعب الأمس القريب "يوما عاديا" بالنسبة للسياسيين الذين يبدو أن أقلامهم جفت حتى عن كتابة كلمة لاحياء هذه المناسبة الهامة. وحده رئيس الحكومة "المغلوب على أمره" الحبيب الصيد هو الذي تقدم بكلمة للشعب التونسي نشرت على الصفحة الرسمية لرئاسة الحكومة، وتوجه بها للشعب، في ظل صمت لم يبرز ما يعكسه حتى في برنامج الاحتفال الذي وزعه مجلس نواب الشعب، حيث لا كلمة لرئيس الجمهورية ولا كذلك لرئيس مجلس نواب الشعب -الذي سيقتصر تدخله على نقطة صحفية فقط في نهاية الاحتفال.. فهل ما يزال للجمهورية معنى في عهد رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ؟