عندما وفق المنتخب الوطني التونسي لكرة اليد في حجز مقعده لأولمبياد ري ودي جانيرو عقب تألقه في الملحق التأهيلي الذي أقيم في بولونيا في شهر أفريل الماضي،ظننا وبعض الظن إثم أن سواعدنا الوطنية قد تغلبت على أوجاعها وعلى مشاكلها الداخلية الظاهرة للعيان والتي تفوح رائحتها من كل مكان رغم محاولة المسؤولين إقناعنا بغير ذلك،واصطففنا جميعا خلف الممثل الوحيد للرياضات الجماعية إيمانا منا بقدرة عناصرنا الوطنية على تكرار ملحمة مونديال 2005 رغم الأجواء المشحونة التي سبقت التحول إلى البرازيل والتي تمثلت في خروج عبد الحق بن صالح وانسحاب مصباح الصانعي. قناعة بدأت تترسّخ شيئا فشيئا بعد العرض القوي لزملاء مروان المقايز،الاستثناء الجميل في هذه الدورة،في المباراة الافتتاحية ضد بطل العالم وبطل الأولمبياد المنتخب الفرنسي الذي وجد صعوبة كبيرة لفرض لونه على عناصرنا الوطنية،عرض انتظرنا تدعيمه في المواجهة الثانية ضد الدانمارك ولكن الرد كان سلبيا من أبناء حافظ الزوابي الذين تكبدوا هزيمة ثانية مع عطاء هزيل واختيارات تطرح أكثر من نقطة استفهام،ورغم كل هذا فقد حافظنا على أمل التأهل وواصلنا مؤازرة السواعد التونسية وانتظرنا ثأرا في مواجهة قطر ولكن المنتخب فرط في اللحظات الأخيرة في فوز كان في متناوله واكتفى بتعادل مخيب أدخل المنتخب في دوامة شك قاتلة وأفقدت المجموعة صلابتها المتماسكة بما جعلها صيدا سهلا لمنتخب الأرجنتين المغمور الذي كان يتمنى قبل وقت غير بعيد مواجهتنا في مباراة ودية لتكون الفضيحة الكبرى أو الفضيحة "بجلاجل" على رأي الأشقاء في مصر البارحة ضد منتخب كرواتيا بعد الهزيمة المذلة بنتيجة ( 41 – 26) بعد أن انتهى الشوط الأول بنتيجة ( 25 – 10) مع غياب كلي للروح القتالية والغيرة على النجمة والهلال من جل اللاعبين وانعدام رؤية تكتيكية واضحة من المدرب حافظ الزوابي الذي لاح فاقدا للسيطرة على المجموعة وعاجزا عن مسايرة التطور الكبير للعبة وعلى إيجاد توليفة واضحة بإمكانها أن تشرف كرة اليد التونسية في المحافل الدولية. أربع هزائم وتعادل،في المحفل الرياضي الأكبر في العالم، نتائج هزيلة كشفت للجميع بأن الأمور لا تسر في المنتخب وأن الأجواء بين اللاعبين والمسؤولين ليست في أفضل أحوالها وأن عمل الجامعة يفتقد للتخطيط الواضح وللعمل القاعدي الذي من شأنه أن يضمن انتظام أداء منتخباتنا الوطنية،وعليه فإن على جامعة مراد المستيري أن تفتتح دفاترها المغلقة للمحاسبة والتقييم وأن تنير الرأي الرياضي عامة وعشاق اللعبة الشعبية الثانية في تونس بكل ما يحدث في المنتخب وأن تفسر بإطناب أسباب المشاكل الحاصلة بين اللاعبين والتي أدت إلى عزوف عدد منهم على تمثيل الراية الوطنية،ومن ثمة فسح المجال لوجوه جديدة تكون حاملة لمشاريع واضحة ولأفكار إصلاحية تنطلق من القاعدة لتصل إلى القمة التي ستواصل تهاويها إن لم يسرع أهل اللعبة في إيجاد الحلول الكفيلة بإعادة البريق للمنتخب الذي كان سببا في أفراح كثيرة للتونسيين. الجامعة ليست الوحيدة التي تتحمل مسؤولية "فضيحة ريو"، فالأندية بدورها تتحمل جزءا من الخيبة فقد توقف جلّها عن إنجاب مواهب قادرة على تقديم الإضافة وعلى الاحتراف في البطولات الأوروبية التي تبقى السبيل الوحيد لرفع جاهزية لاعبينا وجعلهم قادرين على الوقوف أمام المنتخبات القوية. كرة اليد وكغيرها من الرياضات، تعيش وضعا صعبا للغاية،سيزداد سوءا إن لم تتحرك همم المسؤولين وإن لم توضع سياسات واضحة لإنقاذها. فهل من مجيب؟ ننتظر ونتابع ...