من المنتظر ان يعلن مكتب مجلس نواب الشعب يوم غد الاثنين تاريخ عقد جلسة عامة لمنح الثقة لحكومة يوسف الشاهد، ياتي ذلك في الوقت الذي غادر فيه نواب الشعب أسوار المجلس لقضاء عطلتهم البرلمانية. وفي هذا السياق، تحدثت "الصباح نيوز" لأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، الذي أوضح أنه ووفقا للنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فإن رئيس مكتب المجلس يدعو لاجتماع المكتب في غضون يومين من تلقيه الملف المتضمن طلب عقد جلسة عامة لمنح التقة للحكومة، على أن يتولى المكتب في اجتماعه تحديد موعد الجلسة العامة في أجل أسبوع من اجتماع المكتب، مذكّرا بأن مكتب المجلس وفي آخر اجتماع له بعد التصويت على عدم تجديد الثقة في حكومة الحبيب الصيد قرر أن يبقى في حالة انعقاد دائم بالرغم من أنه أقرّ عطلة برلمانية. كما أضاف، أنه ليس هناك أنهّ داع لدعوة المجلس للانعقاد في دورة برلمانية استثنائية كما يتيح ذلك الفصل 57 من الدستور، موضحا: "فتونس اليوم تعيش في ظل حالة طوارئ والتي تم الاعلان عنها لمدة شهرين.. وحالة الطوارئ هي من بين التدابير الاستثنائية التي يجيز الدستور لرئيس الجمهورية ان يتخذها.. وبقطع النظر عن الشروط التي يجب أن تتوفر لاتخاذ مثل هذه التدابير الاستثنائية سواء تعلقت بالأصل أو الشكل وبقطع النظر على النقاش المتصل بدستورية الأمر عدد 50 لسنة 1978 المتعلق بنظام حالة الطوارئ وبقطع النظر أيضا عن أن الأمر الأخير الذي تم بموجبه إعلان حالة الطوارئ لمدة شهرين ولم ترد في مطلعه إشارة إلى الفصل 80 بل جاء فيه أنه بعد الاطلاع على الدستور وخاصة على الفصل 77 منه الذي يحدد اختصاصات رئيس الجمهورية والتي من بينها اتخاذ التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية والإعلان عنها طبقا للفصل 80 من الدستور - مع التذكير هنا أنه لا يُعتدّ بمطلع النص في فقه القضاء الاداري بل بالنص ذاته- وبقطع النظر عن كل هذا الجدل فإن تونس تعيش في ظل تدابير استثنائية ونظامها في حالة الطوارئ.. وفي هذه الحالة ينص الفصل 80 في الفقرة الثانية منه على أن مجلس النواب يعتبر في حالة انعقاد دائم وترتيبا على ذلك ليس هناك ما يدعو إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد في دورة استثنائية اذ يكفي فقط ان يحدد المجلس تاريخ الجلسة وتتم دعوة النواب لهذه الجلسة من قبل رئيس مجلس النواب". النصاب القانوني والأغلبية المطلقة وفي ما يتعلق بمسألة النصاب القانوني لعقد جلسة منح الثقة للحكومة وضرورة حصولها على أغلبية الأصوات أي 109 حتى تتحصل على ثقة نواب الشعب، أكّد قيس سعيد انه يجب أن تتوفر الأغلبية المطلقة عندما يتعلق الأمر بمنح الثقة، مضيفا أنه إذا كانت الأغلبية المطلوبة لعقد جلسة عامة هي الأغلبية المطلقة فإن النصاب لا يمكن أن يكون دونها. وفي هذا الإطار، أشار إلى أنه من بين نقائص النظام الداخلي لمجلس النواب أنه يتحدث على النصاب والتصويت لكنه لم يتعرض الا للتصويت، حيث ان النصاب القانوني جاء في نص عام وهو الفصل 109 الذي ينص في الفقرة الثانية منه انه إذا "لم يتوفر النصاب القانوني للجلسة العامة أي الأغلبية المطلقة فإنها تنعقد صحيحة بعد نصف ساعة من الوقت الأصلي للجلسة بثلث الأعضاء على الأأقل. وأضاف: "غير ان هذا النص لا يمكن أن ينسحب على المسائل التي تقتضي اما الأغلبية المطلقة أو الأغلبية الموصوفة أو المعززة.. حيث أنه لا أقل بالنسبة لجلسة منح الثقة للحكومة من حضور الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس". حكومة الشاهد ومنح الثقة وبخصوص فرضية عدم تمكن حكومة الشاهد من الحصول على أغلبية الأصوات المطلقة، خاصة وان التصويت سيكون على الحكومة برمتها، فوصف قيس سعيد هذه الوضعية ب"القضية الشائكة"، موضحا أنه بالنسبة للفصل 89 من الدستور لا ينسحب إلا على الوضع الذي تعيشه البلاد بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات التشريعية ولكن الفصل 98 من الدستور الذي لجأ له رئيس الحكومة المستقيل الحبيب الصيد يحيل إلى الفصل 89 كما أن أمر تكليف يوسف الشاهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية الذي صدر عن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي بتاريخ 3 أوت الجاري يشير إلى نفس الفصل 89. كما قال انه في الوقت الذي تشير فيه الفقرة الثالثة من الفصل 89 من الدستور إلى أنه من تاريخ تكليفه بتكوين حكومة له أجل أقصاه شهر ثم تضيف الفقرة الرابعة من نفس الفصل انه اذا مرت 4 أشهر على التكليف الأول ولم يمنح النواب الثقة للحكومة فانه لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه 45 يوما وأقصاه 90 يوما والمقصود بالتكليف الأول في هذه الفقرة هو التكليف الذي يتم بناء على ترشيح الحزب او الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر المقاعد. وهنا تساءل قيس سعيد: "كيف سيتم احتساب الاجال لو لم تحظ حكومة الشاهد بثقة الأغلبية المطلقة داخل مجلس النواب"، مضيفا: "هنا قد تصدر الفتاوى من هنا وهناك ولكن مهما كانت التبريرات فإنها تبريرات لا تستقيم لأن الفصل 89 من الدستور لا يتعلق الاّ بالوضع الناتج عن الانتخابات التشريعية.. وللأسف تتغير الفتاوى والمواقف بتغير التوازنات والظروف". وختم قيس سعيد بالقول: "كل فتوى مهما كانت تبريراتها ومهما كانت الأساليب التي تقوم عليها ستؤدي حتما إلى خرق جديد للدستور.. ونحن اليوم لم نصل لهذا الوضع ولكن في صورة عدم حصول الحكومة على الثقة ستكون هذه الثغرات في نص الدستور من الثغرات التي يصعب تجاوزها إلا بتعسّف على النص بل وبخرق له".