أسدل الستار ليلة أمس في مدينة ري ودي جانيرو البرازيلية على النسخة 31 من الألعاب الأولمبية التي شهدت كسابقاتها لحظات فرح ولحظات حزن وامتزجت فيها دموع التتويج بدموع الخيبة والفشل كما شهدت أحداث مؤلمة وفضائح بالجملة لتخرج الولاياتالمتحدةالأمريكية المستفيدة الأكبر من المسابقة بعد أن تصدرت جدول الترتيب النهائي للميداليات برصيد 121 ميدالية 46 منها من المعدن النفيس. الرياضية التونسية سجلت حضورها كالعادة حيث كانت ممثلة ب60 رياضيا ليكون الحصاد في النهاية ثلاث برونزيات تحصل عليها كل من ايناس البوبكري ومروى العمري وأسامة الوسلاتي فيما غاب التوفيق عن أسامة الملولي وحبيبة الغريبي رغم العناية الكبيرة التي وجداها من قبل اللجنة الأولمبية التي طالتها أسهم النقد من كل حدب وصوب. تراجع محيّر قبل تحوّل البعثة التونسية إلى "ريو" علّقت اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة والجماهير آمالا كبيرة على السباح العالمي أسامة الملولي والعداءة حبيبة الغريبي وذلك قياسا بالمكانة العالمية التي يحتلانها والاستعدادات الكبيرة التي سبقت تحولهما إلى "ريو" هذا دون نسيان العناية الكبيرة التي وجداها من قبل سلطة الإشراف واللجنة الأولمبية، آمال سرعان ما تبخرت بعد أن فشل الملولي في التأهل إلى نهائي سباق 1500 متر وعجزه عن الحفاظ عن ذهبية سباق ال10 كلم بعد أن حل في المركز 12، كما فشلت حبيبة الغريبي في المحافظة على لقبها بعد أن حلت في المركز 12 في نهائي سباق 3000 متر موانع. وإن كانت الخسارة واردة في عالم الرياضة فإن ما يبعث على الحيرة والاستغراب فعلا هو التراجع الكبير في ترتيب الملولي والغريبي وهو ما يقيم الدليل على التباين الكبير بين طريقة تحضير رياضيينا لهذه المسابقات وطريقة تحضير بقية رياضي العالم بما يفرض مراجعة الحسابات والتركيز على دعم بعض الرياضات الأخرى التي تألقت بشكل لافت في"ريو". اكتشافات سارة بعيدا عن العروض الباهتة لحبيبة الغريبي وأسامة الملولي اللذين يبقيان من بين أفضل ما أنجبت الرياضة التونسية ولن تنسينا مجرد عثرة ما انجازاتهما الكبيرة، شهدت الألعاب الاولمبية ميلاد بروزا لافتا لجيل جديد من الرياضيين التونسيين الذين بإمكانهم تشريف الرياضة التونسية في قادم المواعيد.البداية كانت مع ايناس البوبكري التي أهدت تونس اول برونزية في المسابقة بعد أن تألقت بشكل لافت في منافسات المبارزة بالسيف وأكدت أن هذا الاختصاص يبقى من بين الاختصاصات البارزة بتواجدها وتواجد الشقيقتين سارة وعزة بسباس وجيل شاب من المبارزين القادرين على التألق في حال خصتهم الوزارة والجامعة بمزيد من الدعم والعناية. نقطة الضوء الثانية في هذه الألعاب جاءت من الشابة مروى العمري التي أدخلت المصارعة التاريخ بحصولها على أول ميدالية برونزية في هذا الاختصاص بعد أداء رائع وقوة شخصية سهلت مهمة صعودها على بوديوم "ريو". العمري لم تلق بالا لقلة الدعم والعناية ولتجاهل اللجنة الأولمبية لهذا الاختصاص وصارعت بكل قوة من أجل أن تلتحق بكوكب المتوجين في الاولمبياد فكان لها ما أرادت في انتظار صحوة القائمين على هذا الاختصاص الذي يبقى قادرا على رفع التحدي مستقبلا في حال توفرت الإرادة. الانجاز الثالث في "ريو" كان بطله أسامة الوسلاتي الذي تحصل على برونزية في منافسات التاكواندو هذه الرياضة التي عاشت ظروفا صعبة قبل الألعاب اشتكى منها ممثلونا في الاولمبياد ولكنها لم تمنعهم من التألق و البروز. نجوم أخرى لم يكتب لها التتويج في الأولمبياد ولكنها قدمت بطاقات اعتمادها بشكل ملفت على غرار عمر بن يحيى الذي أنهى سباق 3000 متر موانع في المركز الثامن رغم تعرضه لإصابة حرمته من العدو بكامل مؤهلاته والملاكم بلال المحمدي الذي كان قريبا من التتويج لولا المظلمة التحكيمية التي تعرض لها والرباع كارم بن هنية وغيرهم من الأسماء الشابة التي تنتظر مزيدا من العناية والدعم لتفجير طاقاتها الكبيرة. الجيدو وكرة اليد خارج الخدمة خلفت مشاركة رياضيو الجيدو ومنتخب كرة اليد صدمة كبيرة للجماهير التونسية حيث عجز كل من فيصل جاب الله ونهال الشيخ روحو عن التتويج رغم العناية الكبيرة والتمويلات الضخمة التي تحصلوا عليها من قبل الجامعة ومن قبل المؤسسات الداعمة لهما. كما كانت مشاركة سواعد اليد "فضيحة" بكل ما للكلمة من معنى حيث عجز أبناء حافظ الزوابي على تحقيق أي فوز بعد اربع هزائم وتعادل مع خلافات ومشاكل كبيرة بين اللاعبين بدت ظاهرة للعيان.مشاركة مخيبة تتطلب تقييما سليما ومعمقا مع محاسبة كل من تسبب في هذا العرض المخيّب. اتهامات بالجملة اللجنة الأولمبية التونسية ورئيسها محرز بوصيان كانت في مرمى نيران النقد وذلك بسبب الاخلالات الكبيرة التي رافقت المشاركة التونسية في النسخة 31 من الألعاب،حيث وجهت لها اتهامات عديدة بإتباع سياسة التمييز والمحاباة بين الرياضيين كالسماح لوالدة أسامة الملولي بالتواجد ضمن الوفد الرسمي في حين تم إقصاء رئيس بعثة منتخب التاكواندو من الإقامة في القرية الاولمبية،هذا دون نسيان فضيحة التجهيزات "الشنوة" التي خصصت للمشاركين في المنافسة وعدم تمكين المعد البدني لمنتخب اليد من التحول مع المجموعة إلى البرازيل. هفوات وتجاوزات لم يعرها محرز بوصيان اهتماما كبيرا حيث اعتبر المشاركة التونسية في "ريو" مشرفة للغاية وهو ما يعطي فكرة واضحة عن مدى جدية عملية التقييم التي ستلي هذه المشاركة.