لم يكن إعدام الشاب الفلسطيني عبد الفتاح شريف في الخليل قبل بضعة شهور الجريمة الأولى ولا الأخيرة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وربما كانت ستبقى طي الكتمان لولا رصدها بالكاميرا، التي تواصل فضح الاحتلال بالكشف عن جرائم مماثلة وعن اعترافات مباشرة من خلال مداولات محكمة الجندي القاتل الئور أزاريا. في المحكمة المركزية في يافا انتقل محامو أزاريا من الدفاع إلى الهجوم واصطحبوا شهودا جددا في محاولة لتعزيز رواية موكلهم الذي يزعم أنه شعر بالخطر ما دفعه لإطلاق النار. وخلال المحاكمة تظاهر عشرات الإسرائيليين قبالة مقر المحكمة دعما للجندي القاتل الذي سبق وحاز على دعم رسمي بشكل غير مباشر شارك فيه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي سارع وقتها للاتصال بوالدي الجندي وطمأنتهم بأن «يتحقق العدل». ومن ضمن شهود الدفاع ضابط الأمن في البؤرة الاستيطانية في قلب الخليل العقيد بجيش الاحتياط الياهو ليبمان الذي فضح جرائم أخرى بقوله إنه شهد بنفسه عمليات مشابهة تم فيها إطلاق الرصاص على «مخربين» فلسطينيين بالرأس بعد تحييدهم. وتابع «في حوادث أمنية شهدتها في الخليل شاهدت بعيني كيف أفرغ الجنود كل ذخائر بنادقهم وهم يصوبوّن نحو «مخربين» فلسطينيين ومنها رصاصة في الرأس من أجل التثبت من الموت وضمان عدم تفعيل أحزمة ناسفة أو الاستمرار بعمليته ولم يقدم مطلقو النار للمحاكمة». كما زعم ليبمان أن الشهيد عبد الفتاح شريف كان يرتدي يوم نفذ العملية ملابس شتوية رغم ارتفاع درجة الحرارة مما أثار شكوكا بأنه كان يخبىء عبوة ناسفة. وأضاف في شهادته «المصطلح تحييد» ليس واضحا ويسبب بلبلة. وقال «المخرب الذي تم تحييده إما وصل من أجل القيام بعملية وعندها تتم تصفيته بصلية رصاص ومن ثم التأكد من موته برصاصة برأسه كما يعملوننا في الجيش وبحسب تعليمات الفتح بالنار فإما ان يتم فحص المخرب من قبل خبير أمني ويتم توثيق يديه وقدميه». ووجه ليبمان انتقادات لوزير الأمن السابق موشيه يعلون لقوله وقتها إن رائحة كريهة تنبعث من الجندي القاتل. يشار إلى أن ثلاثة جنرالات قدموا شهادات في المحكمة بالأسبوع الماضي لصالح الجندي القاتل ومن المتوقع أن يقدم 25 شاهدا من طرف الجندي والدفاع إفادات خلال الأسبوع القادم. وحتى انتهاء المداولات وصدور الحكم قبيل نهاية العام الحالي سيبقى الجندي القاتل داخل سجن مفتوح في قاعدة عسكرية. وتتناقض هذه الشهادة مع مزاعم جيش الاحتلال حول ما يسميه «طهارة السلاح». وسبق ونشرت منظمة «يكسرون الصمت» مئات الشهادات حول جرائم اقترفها جنود بحق مدنيين فلسطينيين في الضفة وغزة المحتلتين لاسيما خلال الحروب والحملات العسكرية آخرها في حرب صيف 2014. ورغم ذلك أعلن المدعي العسكري قبل أيام أنه أغلق عشرات ملفات التحقيق بجرائم قتل تورط بها جنود إسرائيليون خلال الحرب المذكورة بدعوى عدم وجود أدلة كافية، وذلك رغم أن «يكسرون الصمت» وفرت إفادات كثيرة خاصة في يوم الجمعة الأسود الفاتح من أوت 2015 يوم ارتكبت مذبحة في رفح بعد أسر جندي إسرائيلي وتفعيل جيش الاحتلال ما يعرف بنظام «هنيبعل».(القدس العربي(