في حملة الانتخابات الرئاسية الامريكية، صورة تثير الجدل والتحليلات حاليا، وتظهر فيها المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون امام تجمع يضم بضع العشرات من مناصريها، والمدهش يكمن في ان هذا الجمع ادار ظهره لمرشحته المفضلة، ليس رفضا لها او احتجاجا عليها، وإنما لان كلا منهم كان يلتقط صورة سيلفي تظهر هيلاري كلينتون في خلفيتها، لكي ينشر هذه الصورة على صفحاته او حساباته الخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي. التقطت هذه الصورة قبل ايام في اورلاندو بولاية فلوريدا، وسارع البعض لاستنكار ما حدث منتقدا ما وصفه بجيل السيلفي، ومستغربا تصرف عشرات الشباب الذين يفضلون التقاط صورة سيلفي مع مرشحتهم المفضلة عن التوجه اليها والتواصل معها، وظهرت تحليلات كثيرة لهذه الظاهرة الجديدة، ولكن الصحفيين كشفوا ان هذه الصورة ليست عفوية، ويبدو انها كانت خبطة تسويقية من فريق المرشحة الديمقراطية، ذلك ان من التقطها هو باربارا كيني المصورة الرسمية لحملة كلينتون، وتم بثها بعد بضعة ايام عبر حساب تويتر فيكتور ان جي وهو، ايضا، احد العاملين في حملة المرشحة الديمقراطية، وهي بالتالي احدى عمليات الترويج الانتخابية لهيلاري كلينتون. وسواء ما اذا كانت المرشحة الديمقراطية قد اعتبرت ان صورة من هذا النوع ستكون مفيدة لحملتها، او ما اذا ماكان تجمع من الناخبين قد فضل إدارة الظهر لمرشحته من اجل التقاط سيلفي، فان ذلك لا يغير من حقيقة الامر، وهو ان السيلفي اصبح احد صور حملة انتخابية لرئاسة القوة العظمى في العالم، وبعد ان كان ناخبو المرشحين ياتون لرؤيتهم وللتفاعل معهم وتوجيه الأسئلة عن برامجهم الانتخابية، أصبحوا اليوم، او أصبحت الصورة الإيجابية عنهم، هي التقاط سيلفي مع هذا المرشح. ويذكرني ذلك بقصة اخرى، مختلفة بعض الشيء، وقعت في ديسمبر 2012 في مصر اثناء حكم الرئيس الاسبق محمد مرسي، عندما هاجم أعضاء جماعة الاخوان المسلمين المعتصمين المعارضين لمرسي امام قصر الاتحادية الرئاسي، وكنت اغطي الأحداث لإذاعتنا، وبينما كنت أقف على جانب الطريق امام القصر الرئاسي والتقط صورا لتجمع الاخوان لنشرها على موقع الاذاعة، فوجئت بأحد شباب الاخوان يسارع نحوي، ولم يفكر في الحديث معي كصحفي يغطي الحدث ليشرح له موقف جماعته، وإنما انصب اهتمامه على الصور التي التقطتها، واعترض على المكان الذي أقف فيه، لاعتقاده في ان اعداد الاخوان تبدو قليلة في الصورة، مصمما على ان انتقل معه الى مكان اخر وسط الجموع بحيث يظهر العدد كبيرا في الصور التي التقطها، ولم احاول، عندئذ، ان أنبهه الى انه مخطأ وان العكس هو الصحيح، والاستنتاج الرئيسي من القصتين هو ان الصورة، في عهد شبكات التواصل الاجتماعي، أصبحت العنصر الرئيسي في المعارك السياسية، على حساب الفكرة والموقف والتحليل (مونتي كارلو)