● التونسي ينفق سنويا 2500 م.د على شراء الملابس والأحذية منها 300 م.د فقط للمنتوج المحلي والباقي على المنتوجات الموردة ● انخفاض مساهمة القطاع في الميزان التجاري ب16.39 بالمائة ● تراجع مساهمة قطاع النسيج في الناتج الداخلي الخام من 4.9 بالمائة إلى 2.8 بالمائة ● تقليص الأداءات على توريد السلع التركية من 30 بالمائة إلى 0 بالمائة أغرق السوق بالمنتجات التركية التي ارتفعت ب12 مرة شهر سبتمبر الفارط كان شهرا كارثيا بكل المقاييس بالنسبة لقطاع النسيج الذي تلقى ضربة جديدة قاسمة وقاسية، فقد وجد حوالي 500 عامل، في غضون شهر، أنفسهم في حالة بطالة بعد أن قررت وحدتان جديدتان غلق أبوابهما وإحالة عمالهما على البطالة الإجبارية وهما مصنع "برويال" للخياطة في منطقة جرزونة من ولاية بنزرت الذي أحال 120 عاملا على البطالة، ومصنع «اوتريكو» الهولندي ويشغل 300 عامل والذي أغلق دون سابق انذار ليؤكد اثر ذلك مديره بأن المصنع قد اضطر لإعلان إفلاسه لظروف اقتصادية ومادية بحتة 60 بالمائة تستعد للإغلاق وحول أزمة قطاع النسيج أكد رئيس الغرفة الوطنية للنسيج بلحسن غراب ل«الصباح» أن شبح الغلق مازال يخيّم على حوالي 60 بالمائة من المؤسسات بسبب ما تشهده من صعوبات لا سيما منها الصغرى والمتوسطة، مما جعلها مهددة بالغلق في أي وقت ودون سابق إنذار خاصة في ظل ما يمارسه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمصالح الجبائية من ضغوطات على هذه المؤسسات التي تمر بظروف صعبة بسبب تراجع عائداتها في السوق المحلية وحتى على مستوى التصدير والدليل أن تونس التي كانت أول مصدر للنسيج نحو الاتحاد الأوروبي قد فقدت مكانتها لتصبح المغرب اليوم أول مصدّر نحو أوروبا في هذا المجال متفوقة حتى على تركيا ومصر، بعد أن استقطبت جل المؤسسات التي غادرت بلادنا وخاصة منها الكبرى. وشدّد رئيس الغرفة الوطنية أن عددا من المؤسسات الناشطة مازالت تهدد بالمغادرة نحو المغرب وذلك على خلفية الوضع الخطير الذي يشهده القطاع في ظل غياب كلي للحكومة ولقرارات من شأنها إنقاذ هذه المؤسسات من الإفلاس والغلق، كاشفا في هذا الصدد أن عددا من الشركات تقوم يوميا بتسريح عمالها وأخرى قد عمدت إلى عدم تجديد عقودهم مما يعني استعدادها لتسريحهم ما إن تنتهي مدة العقد المبرم بينهما. وعبّر غراب عن استغرابه من تأخر الحكومة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنعاش القطاع في الوقت الذي خسر فيه هذا الأخير 15 بالمائة من مؤسساته أي أن حوالي 300 مؤسسة أغلقت أبوابها بسبب المشاكل التي تعاني منها مما أدى إلى إحالة 40 ألف عامل على البطالة، وبيّن أنه من المنتظر أن يرتفع هذا العدد مع نهاية السنة الجارية ب10 آلاف موطن شغل آخر وذلك بالنسبة للشركات المصدرة كليا والتي تشغل 150 ألف عامل إذا لم تنطلق الحكومة في تطبيق برنامج إنقاذ عاجل للقطاع، مؤكّدا على أن شركات السوق المحلية كانت تشغل 60 ألف عامل ليصبح هذا العدد اليوم حوالي 20 ألفا فقط وهو عدد معد للتراجع أكثر إذ من المرجح أن تغلق باقي الشركات وعددها 350 أبوابها بسبب ضعف استهلاك المنتوج المحلي. وواصل رئيس الغرفة الوطنية للنسيج شارحا أن صادرات تونس من الملابس الجاهزة تراجعت بحوالي 15 بالمائة خلال الأربع سنوات الأخيرة موضحا أن قيمة الصادرات تراجعت بين 2014 و2015 ب7.4 بالمائة كاملة وهو تراجع ضخم وغير متوقع. كذلك الشأن بالنسبة للواردات من المواد الأولية التي تراجعت بدورها ب 12بالمائة خلال الأربع سنوات الفارطة، مبيّنا في ذات السياق أن نسبة مساهمة القطاع في الميزان التجاري قد انخفضت بدورها ب16.39 بالمائة، كما تراجعت مساهمة قطاع النسيج في الناتج الداخلي الخام من 4.9 بالمائة إلى 2.8 بالمائة. وأكد محدثنا أن هذه الأرقام مفزعة وتحتم إطلاق ناقوس الخطر ومطالبة الحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة. مراجعة الأداءات وأوضح غراب أن تقليص الأداءات على توريد الملابس الجاهزة كبّد القطاع خسائر فادحة على اعتبار أن الحكومات المتعاقبة فتحت أبواب التوريد على مصراعيها دون قيد أو شرط مما أدى إلى ارتفاع الواردات من الملابس الجاهزة في غضون 4 سنوات بحوالي 3 بالمائة. وبيّن أن قرار تقليص الأداءات على توريد السلع التركية من 30 بالمائة إلى 0 بالمائة أغرق السوق بالمنتجات التركية التي ارتفعت ب12مرة، هذا إلى جانب التخفيض من الأداءات على السلع الآسيوية ب20 بالمائة كل هذا أدى إلى تراجع عرض المنتوج التونسي في السوق المحلية إذ بات لا يمثل سوى ما بين 10 و15بالمائة فيما تمثل المنتوجات الأجنبية أكثر من 85 بالمائة. وطالب محدّثنا الحكومة في هذا الصدد بإعادة نسبة الآداء على الواردات إلى 30 بالمائة، كما كان معمولا به سابقا على أن يتم إدراج هذا الفصل ضمن قانون المالية لسنة 2017، بالإضافة إلى استئناف الحملات التحسيسية التي تحث على استهلاك المنتجات الوطنية. الفرنشيز.. "زحف" على السوق وعبّر محدّثنا عن أسفه من فتح الحكومة التونسية المجال بطريقة غير مدروسة أمام دخول علامات تجارية جديدة في إطار ما يعرف بالفرنشيز، مؤكّدا أن هذه السياسة عمقت من أزمة القطاع خاصة وأنه يوميا يتم منح رخص جديدة لدخول علامات جديدة شارحا أنه كان من الأجدر فسح المجال فقط أمام العلامات التي عبّرت عن استعدادها للاستثمار في تونس وتصنيع منتجاتها مما يعني خلق مواطن شغل جديدة. وقد أبرز محدثنا أن غياب قوانين تحدد نسبة عرض المنتوجات المحلية والأجنبية في المحلات والمساحات الكبرى الخاصة بالملابس الجاهزة قد أدى إلى غزو الماركات الأجنبية للسوق،موضحا أن التونسي يصرف سنويا 2500 مليون دينار على شراء الملابس والأحذية منها 300 مليون دينار للمنتوج المحلي والباقي على المنتوجات الموردة أي ما يمثل 85بالمائة. وأضاف في هذا السياق أن مصر والمغرب وتركيا وضعت قيودا أمام توريد الملابس الجاهزة تصل إلى حدّ منع دخولها مبينا ان تونس وفي حال الضغط على وارداتنا من الملابس الجاهزة بنسبة 50 بالمائة فهذا سيمكن من ارتفاع عدد المؤسسات في القطاع ب700 شركة توفر حوالي 50 ألف موطن شغل. وواصل محدّثنا شارحا أن من أبرز مشاكل الشركات المصدرة عدم الاستقرار الأمني وكثرة الاحتجاجات والإضرابات مما دفع إلى غلق العديد منها فيما تبقى درجة المخاوف لدى أصحاب المؤسسات المصدرة مرتفعة مما يجعلها على أهبة الاستعداد للمغادرة تحت أي ظرف. هذا إلى جانب كثرة وصعوبة الإجراءات الإدارية الخاصة بالتصدير وتراجع الإنتاجية خلال الأربع سنوات ب12 بالمائة مقابل تطور إنتاجية كل من تركيا ومصر والمغرب ورومانيا مما ساعدها على افتكاك عديد الأسواق فالمغرب وتركيا مثلا افتكتا عديد الأسواق بفضل دعم الدولة للشركات المصدرة كذلك الشأن بالنسبة للهند والصين وبنغلادش التي تحظى بدورها بدعم الدولة. وأكد أن ارتفاع درجة مخاطر قطاع النسيج أدى إلى تخلي البنوك عنها، هذا بالإضافة إلى تفاقم مشكل السوق الموازية دون نسيان الرحلات اليومية بين تونسوتركيا والتي تأتي محملة بالسلع التركية. وطالب رئيس الغرفة الوطنية للنسيج في ختام حديثه بضرورة إسراع الحكومة باتخاذ إجراءات لحماية القطاع والمحافظة على ديمومته وذلك عبر دعم الشركات ومنحها مهلة للقيام بواجبها مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ودفع الأداءات المتخلدة بذمتها، مشددا على وجوب تحديد حصة المنتجات الأجنبية من السوق المحلية لا سيما تلك المعروضة في المساحات الكبرى، وخاصة التصدي لممارسات الدول التي لا تحترم اتفاقياتها مع تونس كما هو الشأن بالنسبة لتركيا التي أغرقت منتوجاتها السوق المحلية فيما تضع قيودا على توريد المنتوجات التونسية. حنان قيراط