في الوقت الذي تحقق فيه قوات "البنيان المرصوص" تقدمًا ملحوظًا داخل سرت، ما تزال محاولات تنظيم "داعش" مستمرة للتمسك بمواقعه داخل المدينة وصد تقدم القوات الليبية، كما يبدو أنه لم يبق لدى التنظيم سوى الاحتماء بأنفاق وحفر مخابئ ملغمة لتحقيق تلك الغاية. وتحاصر قوات "البنيان المرصوص" عناصر "داعش" في مساحة أقل من كلم، عقب ستة أشهر من القتال المستمر وبمساعدة من حملة جوية أمريكية، لكن نجاح التنظيم في البقاء طيلة تلك الفترة يكشف الكثير عن الأساليب التي استخدمها للدفاع عن نفسه داخل المدينة، وفق تقرير نشرته وكالة "رويترز". وكشفت المنازل التي هجرتها عناصر "داعش" عن أنفاق ومخابئ حفرها التنظيم للحماية من الضربات الجوية، إلى جانب استخدام الأجهزة المنزلية وتلغيمها. وعثرت القوات الليبية على أنفاق ملغمة ومستشفى ميداني متحرك داخل أحد المنازل تركها عناصر التنظيم، وظهرت على جدران المنازل خطط وتكتيكات وضعها "داعش" للهروب والاختباء في حالة وقوع ضربات جوية. ونقل التقرير عن الناطق باسم عمليات "البنيان المرصوص"، العميد محمد الغصري، إن "كل جولة قتالية لها ظروفها الخاصة، ومن الصعب التنبؤ بموعد انتهاء المعارك. لكن نهاية (داعش) قريبة جدًا". وشهدت سرت قتالاً عنيفًا أسفر عن مقتل وجرح المئات بين صفوف "البنيان المرصوص"، بينما تقدمت القوات ببطء وحاصرت آخر معاقل "داعش" بالمدينة مما دفع التنظيم لاعتماد أسلوب "الكر والفر بالاعتماد على القنابل والأجهزة المتفجرة والهجمات الانتحارية". وأوضحت قيادات عسكرية من مصراتة أن سبب تراجع وتيرة العمليات هو القناصة والأجهزة المتفجرة التي يعتمد التنظيم على استخدامها، وأيضًا بسبب النقص الحاد في الأسلحة والمنشآت الطبية الميدانية. وتمكنت قوات "البنيان المرصوص" الخميس من تحرير خمسة أسرى أجانب، بينهم اثنان أتراك وهنديان وبنغالي. وأوضح الناطق باسم العمليات، رضا عيسى، أن وجود مدنيين وأسرى لدى التنظيم يؤدي إلى تباطؤ وتيرة العمليات في بعض الأحيان، إذ انتقلت المعارك إلى الأحياء السكنية وهذا يعني تحولها إلى ما يشبه حرب شوارع. ومن غير الواضح حتى الآن أعداد مقاتلي "داعش" المتبقين في سرت، لكن هناك تخوفات من هروب بعض القيادات خارج سرت مما ينذر بوقوع مزيد من الهجمات الانتحارية خارج المدينة. وتعد سقوط مدينة سرت خسارة كبيرة لطموحات التنظيم، خاصة في ظل الخسائر التي تكبدها في العراق وسورية نتيجة العمليات العسكرية للتحالف الدولي بقيادة الولاياتالمتحدة. واستهدفت عملية "البرق أوديسا" الأمريكية منذ انطلاقها أغسطس الماضي أجهزة وسيارات ملغمة تابعة للتنظيم، ومواقع القناصة. إضافة إلى وجود فرق غربية لتقديم المشورة إلى مجموعات مسلحة على الأرض وتوفير معلومات لتوجيه الضربات الجوية، وفق "رويترز". (وكالات)