تعتزم وحدة البحث "تاريخ حواضر الغرب الإسلامي" بجامعة الزيتونة عقد ندوة علمية تحت عنوان:في تاريخ المذهب المالكي: المازري المهدوي (ت 536/1141) وابن رشد الجد الأندلسي (ت 520/1126) ،وذلك يومي 26 و27أكتوبر 2016. أبو الوليد بن رشد (ت 520/1126) وأبو عبد الله المازري (ت 536/1141) هما فقيهان مالكيان متعاصران، وأصوليان. وُلد الأول بقرطبة وتوفي بها، بينما وُلد المازري بمازر (صقلية)، وتوفي بالمهدية ودُفن في المنستير. شاهد ابن رشد في طفولته تقهقر نفوذ المسلمين بالأندلس إثر سقوط الخلافة الأموية وظهور ملوك الطوائف، وبالتالي توسع نصارى الشمال على حساب الأندلس، قبل أن يتدخل المرابطون هناك. كما شاهد المازري تقهقر نفوذ المسلمين بصقلية أمام النرمان، وبداية توسع هؤلاء على حساب البعض من السواحل الإفريقية. وشاهد أيضا الأزمة الحادة التي عاشتها إفريقية نتيجة للزحف الهلالي. ورغم معايشة هذين العالمين لهذه التحولات الخطيرة، فقد أصرّا على التحصيل العلمي، وضمنا تواصل السّند العلمي بالغرب الإسلامي، كما تربّعا للتدريس والإفتاء واهتمّا أيضا بالتأليف لاسيما في العلوم الدينية وخاصة الفقه المالكي، وبرعا فيه. وبذلك أصبح ابن رشد "عميد فقهاء قرطبة" "معترفا له بصحة النظر، وجودة التأليف، ودقة الفقه". بل هناك من ذهب إلى أنه بلغ درجة الاجتهاد المطلق. وعلى يديه تخرّج عدد من العلماء أشهرهم القاضي عياض. أما المازري الذي تفقه أساسا بعبد الحميد الصايغ، فقد "كان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه، ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر"، "فلم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض في وقته أفقه منه، ولا أقوم لمذهبهم". وعلى يديه أيضا تخرج عدد من العلماء. سلك المازري وابن رشد الجد، إلى جانب القاضي عياض، واللخمي "طريقة جديدة في خذمة الحُكم الشرعي وهي الطريقة النقدية، فصاروا في الفقه يتصرفون تصرف تنقيح"، وهذا يعني أن المذهب المالكي، في تطوره من الناحية الفقهية، دخل على أيدي هؤلاء العلماء دورا جديدا وهو دور التنقيح. اتفق ابن رشد والمازري في كثرة التأليف مع التركيز على شرح بعض التصنيفات. فلئن شرح ابن رشد العتبية، والمدونة التي رأى "أنها عند أهل الفقه ككتاب سيبويه عند أهل النحو"، فإن المازري "شرح كتاب مسلم، وكتاب التلقين للقاضي أبي محمد عبد الوهاب، وشَرَح البرهان لأبي المعالي الجويني وسماه إيضاح المحصول في برهان الأصول". ومن خلال هذه الشروح، يظهر توجه الرجلين العقدي القائم على المذهب الأشعري. فلئن أتت آراء المازري العقدية منطبقة كلها مع آراء الأشعرية إذ نَهَج منهج أهل السنة والاستقامة، واستنتج أن علماء المغرب كانوا "لا يرون مخالفة أبي الحسن (الأشعري) في نقير ولا قمطير"، فإن ابن رشد أبدى نوعا من التحفظ على منهج الاستدلال القائم على المنطق الشكلي لدى الأشعرية. إذن عدة نقاط للمقارنة تبدو ممكنة بين هذين العَلَمين، سواء من ناحية التكوين، أو المنهج، أو الآراء، أو البيئة التي عايشاها، مما يسمح بطرح تساؤلات يمكن تقسيمها إلى المحاور التالية: -تطور العلاقات العلمية بين إفريقية والأندلس وصقلية إلى أواخر القرن 6ه/12م. - تطور العلاقات بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي في الحوض الغربي من البحر الأبيض المتوسط على ضوء فتاوى ابن رشد والمازري. - مدى إسهام ابن رشد الجد والمازري في تطور المذهب المالكي من الناحية الفقهية. - مدى إسهامهما في تطور المذهب المالكي من الناحية العقدية وبالتالي تحديد علاقتهما بالمذهب الأشعري، وبالتصوف أيضا. -مقارنة بين ابن رشد الجد والمازري من ناحية المسيرة والإشعاع العلمي.