فسر الخبير الاقتصادي فتحي النوري الاجراءات المالية المتخذة اخيرا والمتمثلة في إجبار البنوك على تقليص القروض الشخصية بأنها ضرورية. وقال لل"الصباح نيوز"أنّه بعد اندلاع الثورة في تونس أصبح هناك إشكال يتمثل في التضخم المالي أي ارتفاع الأسعار الذي أثّر مباشرة على المقدرة الشرائية للمواطن والقدرة التنافسية الاقتصادية، وأنّه للحدّ من ارتفاع الأسعار يمكن للبنك المركزي انتهاج سياسة نقدية تعتمد على الاليات التالية: - اولا : الرفع في نسبة الفائض 'البنكي' - ثانيا : الترفيع في نسبة المخزون الاحتياطي للبنوك للحدّ من قدرتها الاقتراضية - ثالثا : امتصاص فائض السيولة في السوق النقدية - رابعا : تأطير سياسة الاقتراض، وهو ما تجسم في القرارات الأخيرة التي تجبر البنوك على تقليص القروض الشخصية بما يرشد الطلب، معتبرا أن "هذه الالية تمثل الجرعة المرّة من الدواء". وأضاف أنّ هذه السياسة قد تؤثر جزئيا على الاستهلاك، وقد تزيد في مخاوف المواطن مبيّنا أنّ الانهيار التدريجي للاقتصاد ولّد هاجس الخوف لدى المواطن وأجبره على سحب أمواله من البنوك. وفي ذات السياق، قال النوري أنّ معالجة التضخم المالي يمكن ان تمر عبر مسالك اخرى وأهمّها تكثيف المراقبة الاقتصادية ومقاومة التهريب وتنظيم مسالك التوزيع والتشجيع على الاستثمار خاصة مع هروب المستثمرين الأجانب نتيجة للوضع السياسي الذي تعيشه البلاد وكذلك العمل على إعادة الاقتصاد إلى دورته الاقتصادية العادية لخلق توازن بين العرض والطلب. وأرجع فتحي النوري أيضا أسباب التضخم المالي إلى ارتفاع أسعار البضاعات المستوردة "passthrough"، داعيا الدولة إلى مزيد الاهتمام بهذه الظاهرة.
هذا وأكّد أنّه إذا تمت قراءة ظاهرة التضخم بطريقة صحيحة فإنّه سيقع معالجتها، مشيرا في ذات السياق، إلى أن ما تقوم به الحكومة هي سياسات ضرورية . و في رده عن سؤال حول المؤشرات الاقتصادية الأخيرة، أشار النوري أيضا إلى وجود بوادر انفراج مقبولة إجمالا رغم أن العودة للنموّ تعتبر بطيئة في ظلّ استمرار فقدان الاقتصاد توازناته الكبرى على غرار وجود عجز في الميزان التجاري وميزان الدفوعات وميزانية الدولة. وشدّد على ضرورة مزيد الاهتمام بالاقتصاد الذي اصبح ضحية السياسة والسياسين من جراء التجاذبات بهدف كسب مقعد في الانتخابات القادمة ولو على حساب قوت المواطن الذي زُجّ به هو الآخر في صراعات هو في غنى عنها.