قال رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في برنامج "وفي رواية أخرى" على شاشة التلفزيون العربي "نحن الآن في فترة الدولة الوطنية التي تقوم على فكرة المواطنة وليس دولة الخلافة." وأكد الشيخ الغنوشي خلال حواره أنه "لا مجال لتطبيق الإسلام فوق الوطني وفوق القومي في الوقت الحاضر"، كما رأى السياسي التونسي أن "الإمبراطورية الإسلامية أقيمت نسبياً عندما كان النظام العالمي قائماً على الإمبراطوريات"، موضحاً أن المسلمين إخوة لاشك، لكن هذه الأخوة ليست دائما سياسية بل هي أخوة عقائدية. وتطرق رئيس حركة النهضة خلال هذا الجزء من الحوار إلى محطات متعددة من حياته بعد انتقاله من سوريا إلى فرنسا للدراسة في جامعة السوربون في الستينات، قائلاً إنه أمضى حياة شاقة في فرنسا بعد انتقاله إليها من سوريا. وأوضح الشيخ الغنوشي أن المحيط الفرنسي لم يكن ملائماً للبضاعة الفكرية التي حملها معه إلى باريس بعد التحول الفكري الذي عاشه في سوريا. العمل الدعوي تطرق رئيس حركة النهضة خلال الحلقة إلى تعرفه على جماعة التبليغ في فرنسا، معتبراً أنها كانت أهم تجربة إسلامية عاشها في البلد، كما أوضح أن الجماعة كانت مجموعة روحية تمارس العمل الدعوي بين عمال شمال أفريقيا. وقال الشيخ راشد الغنوشي: "كنت أحتاج جماعة التبليغ في فرنسا للحفاظ على حرارة إيماني". وروى الشيخ الغنوشي تجربة انخراطه في العمل الدعوي مع جماعة التبليغ في فرنسا قائلا: "ممارستي العمل الدعوي في فرنسا لم تستهدف الفرنسيين بل العمال المهاجرين حيث لم أتجه إلى العمل لتغيير المجتمع الغربي هناك". وأكد الغنوشي أن عمله الدعوي في فرنسا كان دينياً بحتاً إذ لم تهتم جماعة التبليغ بالشؤون السياسية وكانت تمنع أعضاءها من العمل السياسي. مع هذا قال الغنوشي إن الإسلام السياسي شكل بنيته الفكرية آنذاك. وتحدث راشد الغنوشي عن عودته من فرنسا إلى تونس برفقة شقيقه الأكبر نهاية الستينات، حيث كان طريق العودة عبر الأندلس قائلاً: "مروري بالأندلس ترك فيّ تأثيراً كبيراً، حيث هيبة مسجد قرطبة التي حركت مشاعري فأقمت الأذان والصلاة في المحراب". وقال الغنوشي إنه كان على مستوى غير قليل من التشدد لدى عودته من فرنسا إلى تونس عام 1969، موضحاً أن أسرته رأت في ذلك خطراً عليهم بسبب الاحتقان السياسي الذي عاشته تونس آنذاك." نهاية الحيرة بين "بن نبي" و"سيد قطب" وأوضح الغنوشي أنه بعد العودة إلى تونس توجه إلى الجزائر للقاء المفكر الجزائري "مالك بن نبي" حيث كان يعيش الحيرة بين آرائه وآراء سيد قطب موضحاً: "لم أكن أعرف أيهما على حق". وعن طبيعة الخلاف الفكري بين المفكرين الإسلاميين قال: "إن سيد قطب كان يصف الإسلام بالحضارة ويعتبر غير المسلمين بأنهم غير متحضرين، لكن مالك بن نبي كان يعتبر الإسلام شيئاً والحضارة شيئا آخر." وقال الغنوشي إنه بعد لقائه مالك بن نبي خرج مقتنعاً بأفكاره التي كانت قائمة على أن المسلم يمكن أن يكون متحضراً أو متخلفاً، وأن الإسلام ينتج الحضارة عندما يفهم على حقيقته".(التلفزيون العربي )