أثار اللقاء الأخير الذي جمع بين رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج وقائد الجيش الجنرال خليفة حفتر، ردود فعل متباينة داخل البلاد، فبينما رحبت أطراف به باعتباره «خطوة صحيحة على طريق الاستقرار»، رفضته أخرى معتبرة أنه مقدمة لسحب البساط من حفتر وحكومة طبرق وتسليم صلاحياتهما لحكومة الوفاق. وكان السراج التقى حفتر في أبوظبي، حيث اتفق الطرفان على تشكيل مجلس لرئاسة الدولة يضم كلاً من السراج وحفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، إضافة إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بعد 6 أشهر من الاتفاق، فضلاً عن مواصلة محاربة الإرهاب وحل التشكيلات المسلحة غير النظامية. وتحدث بعض المصادر عن احتمال عقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يزور أبو ظبي، الأربعاء، وكل من فايز السراج وخليفة حفتر، مشيرة إلى وجود لقاء ثانٍ مرتقب بين السراج وحفتر في القاهرة قبل منتصف الشهر الجاري. وأكد 28 نائباً من النواب المؤيدين للاتفاق السياسي الليبي دعمهم للقاء الذي جمع رئيس المجلس الرئاسي بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً «فائز السراج»، مع المشير خليفة حفتر الذي عيّنه مجلس النواب المنتخب قائداً عاماً ل« الجيش الوطني الليبي» ، في العاصمة الإماراتيةأبوظبي الثلاثاء . واعتبر النواب ، في بيان مشترك أصدروه من العاصمة الليبية طرابلس أمس الاربعاء ، أن من شأن هذا اللقاء تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وكسر حالة الجمود السياسي، تمهيداً لاستعادة الاستقرار في البلاد. وأعرب النواب عن أملهم أن تسفر مثل هذه اللقاءات عن مخرجات واضحة وصريحة، في إشارة للقاءٍ سابقٍ كان قد جمع بين رئيس مجلس النواب الليبي «عقيلة صالح»، و رئيس مجلس الدولة «عبدالرحمن السويحلي» في روما قبل أيام. كما طالب النواب الموقعون على البيان هيئة صياغة الدستور الليبي بالعمل على انجاز مهمتها وإحالة مسودّة الدستور إلى مجلس النواب، لكي يطرح للاستفتاء العام، أملاً في إنهاء المرحلة الانتقالية والتأسيس لمرحلة جديدة. واعتبرت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المؤقتة اللقاء الذي عقد الثلاثاء بين القائد العام للجيش خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج في الإمارات خطوة جادة لإعادة الثقة ووضع أسس وفاق وطني حقيقي، بعد إدخال تعديلات علي الاتفاق السياسي الليبي تكرس مشاركة مؤسسات وقوى فاعلة، مشيرة إلى أن هذا اللقاء يمكن أن يحقق إعادة الاستقرار السياسي واستتباب الأمن في ربوع البلاد. وقالت وزارة الخارجية في الحكومة الموقتة في بيان: «تابعنا وكافة أحرار ليبيا اللقاء الذي عقد بين السيد المشير خليفة حفتر والسيد فايز السراج الذي يشكل لبنة هامة في سبيل إيجاد مخرج حقيقي يقود بلادنا من الأزمة التي طال أمدها ودفع الشعب الليبي ضريبة قاسية لحالة الشتات والصراع التي مررنا بها». وأضافت الوزارة : «يعتبر اللقاء رداً قوياً لحملة التشكيك المغرضة التي تعرضت لها القيادة العامة الجيش الوطني الليبي في مواقفها الوطنية الشريفة من بعض القوى الظلامية». ودعت وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة «جميع أبناء ليبيا الأحرار للاصطفاف وراء مسيرة إعادة اللحمة الوطنية ووضع حد للإنقسام السياسي والاجتماعي الذي يئن منه الوطن حاليا». وأصدرت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا» بياناً رحبت فيه بلقاء السراج وحفتر، معتبرة أنه «خطوة ايجابية وجيدة ونقطة تحول ايجابية في مسار تحقيق السلام والتوافق الوطني وتساهم في الإسراع بإنهاء الأزمة الليبية وحالة الانقسام والتشظي الاجتماعي والصراع السياسي الذي كانت وما زالت له تداعياته وأثاره الوخيمة علي الأوضاع الإنسانية والمعيشية والأمنية في حياة المواطنين، وكما يسهم هذا اللقاء في الإسراع من أجل حل الأزمة الليبية الراهنة ويدفع في اتجاه الحل السلمي والسياسي للازمة الليبية من خلال الحوار الوطني». فيما عبّر عدد من المراقبين والنشطاء عن رفضهم لهذا اللقاء، إذا اعتبر المحلل السياسي جمال الحاجي أن الغاية منه «سحب البساط من حفتر لتوحيد الجيش فقط وفق تعليمات السيد والتعليمات في طريقها الى حفتر للمغادرة ولن تتأخر، لا مكان لحفتر في المرحلة القادمة ولا للجهلة والسماسرة». وأضاف الباحث عبدالله مليطان: «فكروا جيداً في مصلحة وطنكم وشعبكم.. الجماعة (السياسيون) بكل تسمياتهم ووظائفهم مجرد كمشية جياع متعطشة للكراسي وأغلبهم للدماء أيضا»، فيما هاجم أحد النشطاء رئيس حكومة الوفاق لأنه «وضع يده في يد حفتر»، مؤكداً أن العسكر لن يحكموا ليبيا، وطالب آخر بعودة الملك محمد الرضا السنوسي ابن ولي عهد ليبيا السابق لحكم البلاد وإلغاء تبعات انقلاب الرئيس السابق معمر القذافي. على صعيد آخر، اعتبرت الخارجية الإماراتية أن لقاء السراج وحفتر «خطوة إيجابية تدعو إلى التفاؤل نحو ضمان حل سياسي تتزعمه ليبيا للأزمة الليبية وحالة عدم الاستقرار التي عانت منها البلاد لسنوات عديدة»، مؤكدة التزامها «بدعم جميع الجهود الرامية إلى البناء على الزخم الحالي للجهود وبما يسهم في إيجاد حل سريع وشامل ومستدام للأزمة الليبية». كما دعت المجتمع الدولي إلى «تجنب خلق وتعزيز المزيد من الانقسامات في ليبيا». (القدس العربي)