لم تكن ليلى ولا مهدي يعتقدان ان «إلصاق» عدسات ملونة ستتحوّل الى «كارثة» حقيقية تهدد بفقدان البصر عندما انطلقا في اعداد الاجراءات لذلك ..لكن الواقع يفند ذلك فصيحات «الاستغاثة» التي أطلقتها ليلى عبر «الصباح نيوز» تكشف مأساة العديد ممن تضرروا من هذه العمليات فيما يلي تفاصيلها غير أن الطبيب المتهم نفى الاتهامات التي وجهت اليه. لم تكن الخبيرة المحاسبة ليلى العمدوني تتخيل ولو للحظة واحدة ان مجرد عملية بسيطة لزرع العدسة الملونة قد تجعلها مهددة بفقدان بصرها لتفارقها الابتسامة وتعيش في كابوس ودوامة . ليلى العمدوني قصدت أحد الأطباء في جوان 2014 للخضوع الى عملية جراحية على عينيها وبعد استفاقتها وتحسن حالتها تدريجيا سألها الطبيب «هل أنت في حاجة الى تغيير لون عينيك ؟»..عبرت له عن رفضها الشديد لمثل هذه العمليات، ورغم موقفها فقد حاول الطبيب اقناعها بمزايا العدسات اللاصقة بعيدا عن كل التأثيرات الجانبية المحتملة، بل ظل يؤكد لها ان عيونها ستعود طبيعية في ظرف اسبوع وحيد، وفق قولها. خلايا بصدد الموت.. وعدسات مهربة وكشفت العمدوني انها ترددت على عيادة الطبيب 4 مرات بطلب منه، وتابعت قائلة: «صادفت 5 اشخاص اجانب في العيادة بصدد زرع عدسات لاصقة لتغيير لون عيونهم وبعد حوالي شهر أقنعني بإجراء هذه العملية لكن يا ليتني ما وافقت وما خضعت للعملية الجراحية لمضاعفاتها الخطيرة منذ البداية بعد ان أصبحت أعيش بالأدوية بمعدل مرة في كل ربع ساعة وعلى مدى 3 أشهر بقيت محبوسة داخل المنزل لا اتحمل «الضوء»، ولما اشتكيت له من وضعي الصحي رد علي بجملة وحيدة «تحمل شوية توة ترجع لاباس» لكن حالتي ساءت اكثر وبقيت حتى ديسمبر 2016 استعمل محلول «قطر» بشكل اصبحت فيه عاجزة على مشاهدة التلفزة اضافة الى ان الطبيب منعني من المسبح.» وقد عرضت ليلى نفسها على اطباء آخرين وبعد قيامهم بالفحوصات الدقيقة والتحاليل الطبيبة ثبت ان خلايا العين بصدد «الموت» وهو ما عمق معاناتها وزاد في مخاوفها من فقدان بصرها ، وأضافت: «لما عدت الى الطبيب وواجهته بالحقيقة التي كشفها لي الاطباء أنكر وقال لي «لاباس عليك» وأثناء ازالة العدسة حصلت لي مضاعفات خطيرة باعتبار ان العدسات كان يهربها ودون ترخيص قانوني بما يعني انها دون المواصفات المطلوبة ..اليوم انا في وضع مأساوي لان كل شيء اصبح ممنوعا بالنسبة لي ويمثل خطرا على صحتي». قضية .. وضحايا وكشفت محدثتنا انها رفعت قضية ضد الطبيب الذي تسبب في «كوارث» لعديد الأشخاص، وفق تعبيرها، والغريب انه لا يبالي بتجاوزاته الخطيرة خاصة انها اتصلت بها فتاة خضعت الى عملية عند نفس الطبيب وأكدت لها ان عينها فقدت 1200 خلية بما يجعلها اليوم مهددة بفقدان بصرها. ما بعد ليلي... الأمر لم يقتصر على ليلى، بل تعدى ذلك ، وهو ما كنا سجلناه من خلال فيديو تحصلت عليه «الصباح نيوز» يشير إلى «تورط» الطبيب المختص في طب العيون وشخص آخر في استقطاب اشخاص للقيام بعمليات زرع العدسات». مهدي الشعيبي بدوره أحد المتضررين، انطلقت مأساته بإعلان في قناة تونسية خاصة حول عمليات تجميل العيون.. إشهار أغرى محدّثنا الذي اتصل بمستشارة في طب العيون ظهرت في الإعلان، فكانت أن وجهته إلى الطبيب المعني الذي كان أجرى العملية الجراحية لليلى العمدوني. مهدي توجه للطبيب فكان أن طمأنه، ليجري بذلك العملية سنة 2015، بهدف تغيير لون عدسات عينيه، لتنطلق بذلك المعاناة، وفي أول الأيام بعد إجراء العملية تعرض مهدي إلى تعفن على مستوى عينيه، فكان للطبيب أن يطلب منه استعمال أدوية للغرض مطمئنا إياه، إلا أن التدهور استمر والمعاناة متواصلة إلى اليوم... اليوم مهدي «مهدد بفقدان بصره»، فهو بصدد فقدان حدة البصر، ما دفعه إلى تسجيل فيديو خلسة بتاريخ 3 أكتوبر 2016 مع الطبيب الذي أجرى العملية، وفق الفيديو الذي بحوزتنا، فان مهدي قدم القيمة المالية للعملية التي فاقت 11 الف دينار غير أن الوثيقة التي تحصل عليها من المصحة كتب عليها حوالي ألفيْ دينار فقط. واشار الطبيب في مقطع الفيديو إلى أنه لم يعد يجري مثل هذا النوع من العمليات، وأن المرأة التي تدعى فائزة بصدد استغلال اسمه من أجل إرسال أشخاص إلى مصر لإجراء عملية زرع العدسات. كما كان الطبيب نفى في مقطع الفيديو المسجل الذي بحوزتنا، أن يكون الأشخاص الذين أجروا مثل هذا النوع من العمليات قد تعرضوا لأي عوارض جانبية، وقد كان الطبيب قد طلب من مهدي أن يقوم بنزع العدسات ان كانت تقلقه فعلا. ومن جانبها قالت مساعدة الطبيب، وفق نفس الفيديو، ان مثل هذه العمليات تكتسي خطورة ولكن من المفترض الاعلام منذ البداية، إلا أن مهدي أجابها أن الطبيب لم يعلمه بالمخلفات، كما أقرت بالكلفة الجملية للعملية التي أجراها مهدي والتي ناهزت ال13 ألف دينار. فيديوهات.. واتهامات كما كان هنالك فيديو آخر مسجل للطبيب مع امرأة بتاريخ نوفمبر 2016، تم توثيقه في محضر، حيث أقر الطبيب بأن مهدي له التهاب بعين واحدة فقط وأنه «فرح» بنتيجة العملية. وقال الطبيب للمرأة التي تدعى «اية»، وفق الفيديو: «ما يقوم به مهدي سينما فهذا الشخص بحاجة إلى أموال وأنا لم ابتز مهدي.. هذه العملية حصل منها على 1200 دينارا فقط وانه يقوم بالتصريح على مثل هذه العمليات لدى الصندوق الوطني للتأمين على المرض «الكنام». وعاد مهدي في حديثه مع «الصباح نيوز» للتأكيد على أن الطبيب مازال يجري مثل هذا النوع من عمليات التجميل مما تسبب في إلحاق اضرار بأشخاص بينهم أجانب وانه يقوم بإدخال العدسات اللاصقة إلى تونس بطريقة غير قانونية، مشيرا إلى أنه اتصل بوزارة الصحة وكانت المكلفة بتسيير وحدة الصيدلة والدواء بالوزارة قد أكّدت في مراسلة وجهتها للمتضرر مهدي أن هذه المواد "Implant d'iris " لم يتم إخضاعها للرقابة الفنية لدى وحدة الصيدلة والدواء.. ومن جهة أخرى، وعن نسبة الضرر الذي تعرض له، قال ان 3 أطباء والطبيب الشرعي بمستشفى شال نيكول قدروها ب 10 بالمائة . وقال مهدي ان «القضية التي تقدم بها مازالت تراوح مكانها بالمحكمة الابتدائية بتونس1 منذ سنة 2016». كما أشار ل«الصباح نيوز» إلى أنه تم إجراء مكافحة بينه والطبيب لدى الشرطة الفنية بالحرس الوطني بالعوينة وقد قدم الطبيب وثيقة «مدلسة» للقضاء تثبت ان مهدي قبل بكل ما يمكن أن يترتب عن العملية إلا أنّ مهدي طعن في الوثيقة، وفق نفس المصدر. ومن جهة أخرى، قال مهدي ان فائزة التي ظهرت مع الطبيب في إحدى الاعلانات التلفزية على اساس انها مستشارة في طب العيون ثبت أنها لا تمارس مهنة الطب أو التمريض وان كل ما في الامر أنها مولعة بطب التجميل. كما قال مهدي ل»الصباح نيوز» انه تقدم بقضية ضد صاحبة مصحة العيون أين أجرى العملية والتي نفت علاقة المصحة بما تعرض له وان كل ما يربط المصحة بالطبيب عقد تسوغ لقاعة العمليات. مهدي أكّد أنه اتصل بعميد الأطباء الجهوي وقدم له نسخة من الفيديو المسجل مع الطبيب والذي تضمن اعترافات إلا أنه لم يحرك ساكنا. عميد الأطباء قلق ومن جهته، قال عميد الأطباء منير يوسف مقني في تصريح ل»الصباح نيوز» أن العمادة اشتغلت على الملف وتم الضغط على الطبيب في وقت سابق حيث وجه الأخير مكتوبا للعمادة مفاده انه لم يعد يمارس مثل هذا النوع من العمليات. وأشار الدكتور يوسف مقني إلى أن العمادة تلقت تذمرات من أطباء الاختصاص وليس من المرضى والذين اكدوا أن بعض الأشخاص الذين أجروا مثل هذا النوع من عمليات زرع العدسات تعرضوا لتعكرات صحية. وقال العميد ايضا انه تم التحري بخصوص نوعية العمليات التجميلية هذه التي قال انه ثبت أن بها نسب اخفاق مثلها مثل غيرها من العمليات، مضيفا: «أنا قلق.. العين حساسة.. نحن لا نشجع مثل هذه العمليات وعلى الطبيب ان يوضح نسب الإخفاقات.. مثل هذه العمليات موجودة وتجرى لحالات مرضية ولكن غير منصوح بها تجميليا» الطبيب المتهم ينفي.. ويقاضي هؤلاء وقد أكّد الطبيب «المتهم» والذي نحتفظ باسمه في اتصال مع «الصباح الأسبوعي» ان الفيديوهات التي تحصلنا « عليها «كذب وافتراء» و«وقع التلاعب بفحواها» وأنه قدّم قضية في الغرض عن طريق 3 محامين و»كسب» القضية حيث قضت المحكمة بأن محتوى الفيديو «مدلس»، حسب قول الطبيب. كما أكّد ان العمليات التي أجراها على كل من مهدي وليلى ناجحة وبعد مرور سنوات وب«تحريض» من أطباء» ورجل أعمال، حاولا «المسّ من سمعته» واستهدافه خاصة وأنه كان يرغب في فتح مصحة خاصة إلا أنه توقف عن ذلك، مضيفا أن اجراء مثل هذا النوع من العمليات غير ممنوع، إلا أنه ومنذ 2015 وبتوافق بين الأطباء، توقف عن إجراء هذه العمليات». وقال الطبيب ان كلفة اتعابه لا تتجاوز 1300 دينار بالنسبة للعينين، مشيرا إلى أنّ تدخلاته الطبية موثقة ومصرح بها لدى الهياكل المعنية. كما أضاف أنه لا يقوم باقتناء العدسات وان من يرغب في القيام بعملية الزرع هو من يقوم باقتنائها عن طريق وسيط، مؤكدا أن جميع عملياته ناجحة وأنه لم يخطأ مع أحد وكل من أجرى عملية زرع قام بالإمضاء على وثيقة تتضمن العوارض الجانبية التي تتطلب إلزامية إزالة العدسة. وختم بالقول: «هؤلاء عصابة ويتلاعبون بالكلام ويحاولون ابتزازي.. كما هددني مهدي باختطاف أبنائي إن لم أمكنه من مبلغ مالي مهم.. كما حاولت ليلى ابتزازي ماديا.. والقضاء بت في القضية وأنصفني.. وأنا لم أعد أمارس مثل هذا النوع من العمليات احتراما لزملائي وللطب ولتونس».