كشفت مؤخرا اللجنة التونسية للتحاليل المالية في تقرير لها أن تونس تحتلّ المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد الارهابيين المفتش عنهم دوليا ب1390 ارهابيا من بين 6095 موزعين على 53 دولة. وأشارت اللجنة في تقريرها أيضا إلى أن أغلب الإرهابيين موظّفون وينشطون في القطاع الطلابي والشبابي اضافة الى قطاع الأنشطة الحرة. كما كشفت أن عدد الإرهابيين المحالين على القطب القضائي لمكافحة الارهاب منذ انبعاثه بلغ 5448 إرهابيا بين 2 أكتوبر 2015 و30 نوفمبر 2016 . وأشار التقرير أيضا الى أن عدد المودعين بالسجن بلغ 875 إرهابيا حيث تمّ إيداع 2131 ارهابيا بمختلف السجون التونسية بين سنتي 2011 و2016، كما شمل عدد المفرج عنهم بموجب السراح المؤقت 468 عنصرا. هذه المعطيات التي كشفتها لجنة التحاليل المالية بتقريرها دفعتنا الى التساؤل عن أسباب ارتفاع عدد الإرهابيين في تونس ؟ وعمّن يتحمّل المسؤولية ؟ وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية فيصل الشريف في تصريحه ل"الصباح نيوز" بأن الأمر متوقّع محمّلا المسؤولية للترويكا زمن توليها الحكم، والتي لم تكن لها، حسب قوله، رؤية واستراتيجية واضحة للأوضاع. وأوضح الشريف: "الخطابات في عهدها كانت خطابات تحرض على السفر الى سوريا بالإضافة الى أن جميع الأبواب كانت مفتوحة فلم يتم اتخاذ أي اجراء وقائي أو مراقبة لحدودنا أضف الى ذلك فقد شجّع انعقاد مؤتمر أصدقاء سوريابتونس الشباب على السفر الى بؤر التوتر وفتح الأبواب لهم". وقال فيصل الشريف أيضا "أن حل جهاز أمن الدولة "البوليس السياسي" الذي كان البعض يعتبر أنه أضرّ بالحقوقيين ودعاة الحرية...من الأسباب التي ساهمت بشكل كبير في تزايد عدد الإرهابيين بتونس وتفشي الظاهرة"، محمّلا في ذات الوقت المسؤولية لوزير الداخلية سابقا فرحات الراجحي وأيضا لسهام بن سدرين التي نادت، حسب قوله، بحل "البوليس السياسي" الذي هو جزء من مخابراتنا. كما قال ان "حل جهاز أمن الدولة والخطابات التحريضية زمن الترويكا ليست وحدها من ساهمت في تزايد عدد الإرهابيين بل فرار المساجين من السّجون إبان اندلاع الثورة ساهم بدوره في تزايد عدد المتطرفين، موضحا في هذا الصدد أن "المساجين الذين فروا من السجون التونسية ابان اندلاع الثورة جزء منهم توجه الى سوريا وجزء آخر الى ليبيا والتحق بالجماعات الإرهابية". واعتبر في سياق متّصل أن "المسؤولية سياسية بالأساس"، معتبرا أن "الترويكا مسؤولة تاريخيا لأنه في عهدها لم يتم اتخاذ أي اجراء وقائي ولم يتم الإنتباه الى الخطر الذي كان يحدّق ببلادنا رغم التحذيرات". وشدّد الشريف على ضرورة محاكمة الأشخاص الذين شجعوا على السفر الى سوريا. وقال ان "هناك تبعات سياسية"، محمّلا المسؤولية الى "الأطراف التي قطعت العلاقات مع سوريا والتي شجعت بخطاباتها النارية الشباب على القتال ليس فقط في سوريا بل في جميع بؤر التوتّر". كما أكّد ضرورة عودة المخابرات حتى تقوم بعملها الإستباقي، معتبرا أن "العملية الإستبقاية الأخيرة كشفت بأن جهاز المخابرات عاد الى عمله العادي واستعاد عافيته بدليل أيضا ان العمليات الإستبقاية التي تقوم بها قوات خاصة للحرس الوطني هي عمليات نوعية يمكن أن تدرس في الأكاديميات الأمنية والعسكرية العالمية". ورغم النجاحات الأمنية والعمليات الإستباقية الا أنه من وجهة نظر فيصل الشريف فلا توجد الآن استراتيجية وطنية واضحة تجمع كل القوى من أجل ان تكون لنا رؤية واضحة لمفهومنا للأمن القومي ومكافحة ظاهرة الإرهاب وتبقى المقاربة الأمنية والعسكرية، حسب رأيه، لا تفي بأي حال بالغرض لأنها تكون دائما في آخر المطاف في حين ان العمل الحقيقي يكون في العمق (الذهنيات والعقليات) لدى الشباب من ذلك التعليم والرياضة وفتح الآفاق لدى الشباب.. لكي يحلم من أجل مستقبل أفضل.