في الوقت الذي شهدت فيه الخطوط الجوية التونسية بعد 14 جانفي 2011 صعوبات على جميع المستويات تراجعت معها مختلف المؤشرات في تراجع غير مسبوق جعلها على حافة الانهيار فانه لم يكن من السهل بداية انقاذ المؤسسة في ظل العجز الذي عمقته أكثر الحملات الممنهجة التي استهدفتها من أجل خوصصتها وهو ما استوجب رؤية ناجعة غيرت معها المعطيات تدريجيا نحو الأفضل . قفزة نوعية أكدتها مختلف المؤشرات والأرقام لاسيما بعد ان سجلت الشركة زيادة في العائدات خلال الفترة المتراوحة بين جانفي وجويلية 2017 بقرابة 139 مليون دينار مقارنة ب2016 في ظل آفاق تبدو واعدة حيث من المتوقع تسجيل زيادة ب8 بالمائة خلال الموسم القادم 2018.موسم استثنائي يطوي صفحة الفشل ويقطع مع العجز الذي عاشت على وقعه المؤسسة طيلة الخمس سنوات الماضية التي خسرت خلالها الخطوط الجوية التونسية كل المرابيح التي حققتها منذ تأسيسها سنة 1948 الى سنة2010 والتي تقدر بحوالي 600 مليار وفق مصدر مطلع . نمو في حركة المسافرين سجّلت الخطوط التونسية ارتفاعا في نموّ حركة المسافرين خلال شهر سبتمبر 2017 بنسبة قدرت ب23.1 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2016 . وتتمثل أهم المؤشرات التي سجلتها الشركة خلال شهر سبتمبر 2017 1- تطوّر الحركة التجارية إجمالا من 295.140 مسافر إلى 363 297 مسافرا : - ارتفاع الحركة التجارية المنتظمة بنسبة 8.0 % أي من 270 943 مسافرا إلى 292 698 مسافرا. - ارتفاع الحركة التجارية الإضافية من 4.325 مسافرا إلى 18 031 مسافرا. - ارتفاع الحركة التجارية غير المنتظمة للمسافرين من 8311 مسافرا إلى 42 429 مسافرا. 2- قدرت نسبة التعبئة ب 72.1 % خلال شهر سبتمبر من سنة 2017 . 3- أمّا على مستوى الأسواق المتعامل معها وذلك حسب التقسيم الجغرافي وعلى مستوى الحركة المنتظمة فقد سجّلت الخطوط التونسية المؤشرات التالية: - تطوّر نشاط الأسواق الأوروبية الذي يمثل 77.3 % من النشاط التجاري الإجمالي بنسبة تقدّر ب 5.9 %. - تطوّر نشاط الأسواق الإفريقية الذي يمثل 14.3 % من النشاط التجاري الإجمالي بنسبة تقدّر ب 15.5 %. - تطوّر نشاط الأسواق ببقية الدول ( العربية السعودية، تركيا، لبنان ، مصر ) والذي يمثل% 7.1 بنسبة تقدّر ب 16.8 % - كما بلغ عدد المسافرين على مستوى أمريكا الشمالية ( مونتريال) والذي يمثل %1.3 بنسبة تقدّر ب 17.3 %. خطوة هامة وتأتي النتائج الايجابية التي حققتها الخطوط التونسية رغم الصعوبات على المستويين الوطني والعالمي وهو ما يمثل انجازا قد لا يبرز للكثيرين على الأقل في الوقت الحالي ويعد خطوة هامة على درب انقاذ المؤسسة التي تذبذبت موازناتها المالية و»ترنحت» لسنوات ،ولعل ما يعتبر انجازا ان النتائج التجارية لم تتحقق منذ سبع سنوات رغم محدودية الاسطول في ظل توفر 28 طائرة فقط منها 7 في حالة عطب والامكانيات المالية المحدودة نسبيا . ومما لاشك فيه ان المؤشرات الايجابية للخطوط التونسية التي دعمها نجاح موسم الحج 2017 خلافا للمواسم السابقة لم تتحقق صدفة أو من فراغ وانما كانت ثمرة تطوير استراتيجيتها التجارية وتنفيذ برامج الإصلاح المتعلّقة بمختلف أنشطتها والعمل على تحسين خدماتها برهان يؤكّد إيمانا راسخا بوعي الشركة ممثلة في أعوانها وإطاراتها ومسؤوليها بدورها الفاعل في دفع عجلة السياحة بدءا بالإنفتاح على الجهات الأربع للعالم وتعزيز الربط الجوي مرورا بأخلاقيات التعامل مع الضيف وما دأب عليه الأعوان التجاريون ، فجاهزية الأسطول وما يبذله الفنيون من مجهودات للحفاظ عليه، فضلا عن تعصيره وتجديده من أجل مردودية أفضل، دون أن ننسى الإرادة التي تحدو الإدارة العامة من اجل إحكام التفكير والتصوّر والتصرّف والتسيير والإنصات للجميع بما يُؤسس لمناخ اجتماعي سليم يضمن المردودية والنجاعة المرجوتين. التخطيط لموسم 2018 ومواصلة لنهجها «الانقاذي» انطلقت المؤسسة في الاعداد والتخطيط من الان للموسم السياحي 2018 الذي يشمل تحضيرات على مستوى إعداد كراسات الشروط والاستراتيجية التجارية لانجاح الموسم السياحي المقبل وموسم العمرة والحج 2018 وذلك عبر إعداد شراكات تجارية وعقود مع وكلاء الأسفار والانكباب على ملف اقتناء وتسويغ الطائرات كبيرة الحجم وذلك لتامين الرحلات ومحاولة التقليص من مدة الإقامة بالبقاع المقدّسة وبالتالي تجنيب حجيجنا الميامين الارهاق والتعب بما يضمن لهم الراحة . ولو انه لا يمكن الحديث عن الآفاق المستقبلية دون التطرق الى هاجس التاخير الذي يتطلب مراجعة واصلاحا عميقا وهو ما تعكف عليه الادارة العامة منذ تسلمها لمهامها على راس الخطوط التونسية حيث تم الانطلاق في اقتناء تجهيزات عصرية وتسويغ طائرات مثلما هو معمول به في اكبر الناقلات الجوية لاسيما انه تم تسويغ طائرتين لانجاح موسم الحج ، بعد ان اتضح جليا ان التاخير يرجع ايضا الى اهتراء البنية التحتية لمطار تونسقرطاج الدولي ومحدودية طاقة الاستيعاب وتقادم الاسطول اذ ان معدل سن الطائرات 15 سنة واكبر طائرة عمرها 26 سنة. توسيع الشبكة وخطوط جديدة سعت الخطوط الجوية التونسية إلى توسيع شبكتها وتنفيذ مخططاتها وذلك بفتح خطوط جديدة سواء في بلدان أفريقية أو غيرها حسب برمجة مدروسة وتخطيط خاضع لعديد المقاييس وهو ما يستوجب جاهزية الأسطول استعدادا للموسم القادم. وبهدف جعل تونس منطقة ربط وعبور أساسية تربط بين القارة الأفريقية والقارة الأوروبية أعدت الخطوط التونسية مخططاً جديداً تحت اسم «تونس أفريقيا 2020»، يقضي بفتح وجهات أفريقية جديدة على خطوطها؛ في السنوات القادمة، على أن تكون الرحلات الجوية المتجهة إلى القارة الأفريقية في حدود 62 رحلة أسبوعياً انطلاقا من مطار تونسقرطاج الدولي. تحسين الخدمات من منطلق حرصها على تقديم خدمات ذات جودة وتوفير ظروف سفر ملائمة من حيث الراحة والسلامة لحرفاء الناقلة الوطنية سعت الخطوط الجوية الى تدارك النقائص التي تّم تسجيلها خاصة على مستوى نظافة الطائرات من حيث التنظيم والموارد البشرية والبنية الأساسية واللوجستية اللازمة كمّا وكيفا. وفي هذا الاطار تم تجديد كامل مقصورات المسافرين مما يجعلها أكثر راحة خلال الرحلة ، كما امضت قبل أسابيع عقدا مع بنكين تونسيين بقيمة 30 مليون أورو لاقتناء محركات جديدة لطائراتها للحد من التأخير المسجل لعدد من الرحلات وهو ما اضر بصورة الشركة التي يؤكد القائمون عليها ان سلامة مسافريها وطواقم طائراتها أهم من كل تأخير. آفاق واعدة رغم التحديات التي تواجهها تبدو آفاق الخطوط الجوية التونسية واعدة بعد تجاوز مرحلة «انحدارها» وتراجع مؤشراتها بتسجيل نتائج ايجابية يمكن البناء عليها لمواصلة الانقاذ لاسيما ان ما تحقق اليوم كان الى حد الأمس القريب بمثابة المعجزة لما شهدته هذه المؤسسة من هزات وما تعرضت له من حملات ،ولو ان هذه النقلة النوعية نحو الأفضل تجسدت بفضل جهود مختلف الأطراف المتداخلة داخل الشركة من أعوان واطارات وغيرهم وليس أمامهم اليوم أي خيار سوى مواصلة تضحياتهم من اجل اعادة اشعاع «الغزالة» التي بدأت تسرتجع «أنفاسها» تدريجيا في انتظار عودتها الى مجدها وعنفوانها.