تحيي تونس اليوم الذكرى التاسعة والعشرون لانتفاضة الخبز والتي توفي فيها العديد من التونسيين وخلّفت عددا كبيرا من القتلى والجرحى. "الصباح نيوز" اتّصلت بالديبلوماسي والسياسي التونسي الذي عاش هذه الانتفاضة أحمد ونيّس، حيث اكّد انّ انتفاضة الخبز 1984 لديها وزن مهم جدا في الانتفاضات التونسية الشعبية، واضاف الونيس انّه عندما قامت الانتفاضة، كانت الدولة قوية وشرعية والحكم حينها لم يكن محل جدل وتساؤل لانّها كانت متجذّرة في صدور التونسيين ولكن الدافع الاساسي لهذه الانتفاضة الشعبية لم يكن اقتصاديا بل كان اجتماعيا لانّ الخبز لم يكن مقطوعا ولم يكن هناك نقص في المواد الاساسية ولكن الاسعار التي لم تعد في متناول القاعدة الشعبية، وقال "أنا اقول ذلك لانّ هناك تشويش وسوء فهم لانتفاضة الخبز". وأضاف محدّثنا انّ النظام السياسي وقتها ومن رغم قوة الدولة بدأ يضعف لاّنه اصبح يستنجد بالامن لحمايته من القاعدة الشعبية التي كانت ثائرة ضد سياسة الحكومة ولذا التجأت الحكومة للامن أو بالاحرى للعنف حيث سقط عديد القتلى والجرحى وهذا مؤشر لاختيارات سياسية خاطئة والاصرار على البقاء في الخطأ من قبل الدولة، وهذا درس يجب ان نأخذ منه العبرة. سنة 1984، حسب ما جاء على لسان محدّثنا، وبعد انتفاضة الخبز السلطة المدنية انهارت وهو ما يدل على شيخوخة النظام السياسي لانه كان من الاجدر به ان يتغذى من اجيال شابة. وتابع "التشويش الثاني الذي لحق بانتفاضة الخبز هو انّ هناك خلط صريح للوعي السياسي لانّ البعض ظّنّ انّ الوزير الاول حينها محمد المزالي كان وراء احداث 1984 غير انّ المتسبب الاول كان بورقيبة الذي الح على المزالي بالزيادة في سعر الخبز، حيث كان يحاوره اكثر من 3 مرات في الاسبوع حول هذا الموضوع وضغط عليه كثيرا وهذا لا يعني انّ المزالي لا لوم عليه ولكن خطأه كان نسبيا، لانّ بورقيبة ظنّ انّ المزالي سيقوم بالزيادة تدريجيا لكن هذا الاخير وتحت ضغط بورقيبة قام بالزيادة في الاسعار مرة واحدة واعلن عليها في ميزانية الدولة لسنة 1984 ولما اخذت الانتفاضة طابعا شعبيا تراجع بورقيبة على هذا القرار، وهذا خير دليل على التناقض الذي كان يعيشه بورقيبة" وبخصوص ارتفاع الاسعار اليوم والذي اصبح يهدد شريحة كبيرة من المجتمع التونسي، قال الونيس انّ كان هناك انتفاضة شعبية ستقع في تونس فانّها لن تكون من اجل غلاء المعيشة بل ستكون من اجل انخرام الساحة السياسية التونسية لانّ تدهور الشؤون الاجتماعية اليوم هو نتيجة سوء تصرف في شؤون الدولة والغضب الشعبي متأت من هذا الانخرام.