أجمع عدد من الخبراء في القانون على اعتبار مشروع قانون التحصين السياسي للثورة غير شرعي ولا دستوري ومخالف لمبادئ حقوق الانسان وذلك خلال ندوة نظمتها حركة نداء تونس اليوم الاثنين في العاصمة لمناقشة هذا القانون. وبين عضو الهيئة التأسيسية للحركة لزهر القروي الشابي أن هذا القانون يعد ضربا لحقوق الانسان التي حمتها المواثيق الدولية مشيرا الى أن المقياس التي تصنف به الدول ان كانت ديمقراطية أو دكتاتورية هو مدى احترامها لحقوق الانسان . ولاحظ أن هذا القانون يتعارض مع قاعدة قانونية قال انه متفق عليها دوليا وهي عدم معاقبة شخص ما مرتين بسبب نفس الفعل موضحا في هذا الصدد أنه تمت معاقبة التجمعيين في انتخابات نوفمبر 2011 بحرمانهم من الترشح وأنه لا يمكن معاقبتهم مرة أخرى حسب رأيه. وأشار الى أن هذا القانون مخالف لما ورد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسيةالتي صادقت عليها تونس وهو بذلك فاقد للشرعية وفق القروي الشابي. كما اعتبر قانون تحصين الثورة اقصائيا يستهدف خصما سياسيا بعينه ويحرم مواطنين من حقوقهم المدنية والسياسية ويشكل من وجهة نظره سطوا على سلطة القضاء واعتداء على قاعدة الفصل بين السلط موضحا أن هذا القانون يسلب الشعب حقه في اختيار من ينوبه . ومن ناحيته أثار رافع بن عاشور أستاذ القانون العام وعضو الهيئة التنفيذية لحركة نداء تونس مسالة مشروعية ودستورية قانون تحصين الثورة ملاحظا أن غايته ظاهريا أخلاقية وسامية لوضع حصن لمن يتربص بالثورة من أزلام النظام السابق ورموزه الا أن هذا القانون انتهج منحى انتقائيا دون أن يعرف بشكل واضح مفهوم الالتفاف على الثورة على حد قوله. وبين في نفس السياق أن القوى المضادة للثورة يمكن أن تكون أى تيار سياسي أو ديني أو فكرى وأن النظام الحالي التيوقراطي البيروقراطي والذي استولى على مفاصل الدولة وتغاضى عن ممارسة العنف وتسامح مع الخارجين عن القانون هو من تنطبق عليه هذه المواصفات حسب بن عاشور. وأضاف أن قانون تحصين الثورة مخالف لاحكام قانون التنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي تضمن مقاصده الحريات وحقوقالانسان و مخالف لمشروع قانون العدالة الانتقالية . كما اعتبره منتهكا لعدد من المبادئ العامة الراسخة في قانون البلاد. ولاحظ عضو الهيئة التنفيذية لحركة نداء تونس من جهة أخرى أن هذا القانون يشكل عقوبة جماعية دون حكم قضائي وخرقاسافرا لمبدا قرينة البراءة وشخصية العقوبة وفق تقديره. وأفاد أستاذ القانون العام فرحات حرشاني بأن معظم القوانين التي صدرت بدول شرق أوروبا لمحاسبة رموز الانظمة السابقة اثر سقوط الدكتاتوريات بها تم الغاوها من طرف المحاكم الدستورية بهذه البلدان ملاحظا أن مناقشة هذا قانون تحصين الثورة والتصويت عليه لا يمكن أن يتم الا بعد المصادقة على الدستور واحداث محكمة دستورية من وجهة نظره. وقالت الخبيرة في القانون نادية عكاشة ان قانون تحصين الثورة لا يمثل ممارسة قانونية سليمة بل هو قانون يهدف الى الانتقام والاقصاء ملاحظة أن لجنة البندقية التابعة لمجلس أوروبا أكدت في مقياس تصنف به الدول ان كانت ديمقراطية أو دكتاتورية خلال زيارة الى تونس في جويلية 2012 أنه قانون يخرق حقوق الناخب والمترشح وأنه لا يمكن اقصاء شخص الا بمقتضى حكم قضائي بات تتوفر فيه شروط المحاكمة العادلة حسب روايتها. أما الاستاذة الجامعية رجاء بن سلامة فقد أوضحت أن بناء المؤسسات هو الضمان الوحيد لتحصين الثورة وليس الاشخاص الذين ينصبون أنفسهم حماة للثورة مشيرة الى أن أخطاء الماضي هي محل ادانة لكن الصفح وطي صفحة الماضي تبقى ممكنة على حد قولها. يذكر أن هذه الندوة حضرها بالخصوص عدد من قادة الاحزاب المكونة لائتلاف الاتحاد من أجل تونس .