بالقدر الذي كان فيه رباعي الحوار خلال ندوتهم الصحفية حازما وواضحا بالقدر الذي أبدى مرونة مقنّعة تكشف أملا معلّقا أو ربما خشية مخفيّة فحسين العباسي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق باسم إحدى اكبر القوى الحية في البلاد القادرة ان تحرك الملايين بقرار من هيئتها الادارية أكد انه لم يمنح مهلة جديدة لحركة النهضة لان ما تريده النهضة هو التمطيط والتمديد ربحا للوقت بل قال انه ينتظر اجابة واضحة خلال الساعات القادمة او في أقصى تحديد قبل نهاية الاسبوع واعتبر ان الحل لم يعد يبعد الا 5 أمتار وان سياق جملة تضمنها الرد على مبادرتهم يتحمل التأويل تتحوّل جراءه الخمسة أمتار الى 5 كيلومترات موقف الاتحاد هذا الذي أيّدته بقية أطراف الرباعي الحاضر في الندوة الصحفية كانت بمثابة من اغلق الباب وترك المفتاح عالقا بقفله كي يفسح لمن ياتي متأخرا من الدخول ..لكن التأخر غير مسموح به الى ما لا نهاية له والحوار الوطني لا يمكن ان يعقد دون النهضة وفق ما اكده العباسي الذي اعتبر ان اكبر حزب لابد ان يكون حاضرا في الحوار والا فلا معنى له وهنا تكمن المفارقة...لذلك جاء تحذير العباسي الذي أكد انه سيسعى لتنفيذ المبادرة بالتعويل على قواعدهم الخاصة في حين اكد بن موسى ان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ستنظم للشعب ..فأي تحذير هذا يرتقي الى مرتبة التهديد المقنّع وماذا يتضمن يا ترى ؟ عن هذا اجاب العباسي موضحا ان كل الهياكل ديموقراطية وان كلا من الاطراف سيعود لهياكله لتقرر ..ليترك الغموض يسود ورقة الضغط التي ستخرجها تلك الهياكل من تحت الطاولة للضغط على النهضة..فماذا تكون يا ترى ؟ هنا تتعدد الإجابات والاستنتاجات ويدخل منطق الربح والخسارة فان كان الأمر يتعلق بالاضرابات العامة فان الخاسر الاكبر سيكون الوطن وان كانت المواجهة في الشارع فان خطر انضمام السلفيين لصقور النهضة وارد وسيناريو المواجهة الدامية غير بعيد خصوصا وان انصار النهضة بحكم عقيدتهم وتاريخهم قادرون على الدخول في حرب استنزاف طويلة ومكلفة ماديا وبشريا ..وان راوح الامر الاحتجاجات والاعتصامات فان ذلك سيدخل البلاد في نزف متواصل ينتهي بنا الى سيناريو الافلاس المحدق واعتقادنا أن الأطراف الراعية للحوار واعية بكل تلك الخفايا بنفس القدر الذي تعي فيه حركة النهضة ذلك جيدا ، لذلك جاء رد العباسي - الذي سرد تاريخ سنة من الفشل في الحوار علّقه كله على شمّاعة النهضة - متضمنا لأمل معلّق وخشية مخفيّة فكانت الندوة الصحفية بمثابة حشر النهضة في الزاوية خصوصا وانه اعتبر ردي طرفي الترويكا قابلا للنقاش والتطويع ساعيا بذلك الى تحييدهما في المواجهة القادمة..حشر دون التفكير في ترك منفذ للخروج حتى لا يتحوّل الامر الى مواجهة غير محمودة العواقب ..وهنا لابد من الوقوف عند اشارة عميد المحامين الذي طلب من النهضة ان لا تسقط غصن الزيتون من اليد فكأني بالرجل يقدّم نفسه حاملا رسالة سلام ومهددا بها في الان نفسه غير ان واقع الحال يقول أن العميد ليس بعرفات وان النهضة ليست باسرائيل فكلنا ابناء شعب واحد ولا حلّ لنا غير التوافق والا فسيحملنا الطوفان