استمعت كما استمع غيري بانتباه الى مداخلة محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري امام نواب المجلس الوطني التأسيسي واكتشفت في الرجل طلاقة لسان وبلاغة في التحليل ووضوحا في الرؤية وصراحة في التعبير ومنهجية في التفكير واستقراء واضحا للمستقبل وتصورا منطقيا للحلول ..كان تدخله الشفوي الذي لم يعتمد فيه على وثيقة ممنهجا واضحا لعموم الناس وللساسة في الان نفسه شدّ الجميع فتابعوه باهتمام بالغ على عكس تدخل وزير المالية الذي اظهرت الصور المباشرة تجاذبا لاطراف الحديث بين النواب ويبدو ان تقطع افكاره وما انتابها من غموض جعلت بعضهم لا يولونه اهتماما بنفس القدر الذي أولوه لتدخل محافظ البنك المركزي إن حديث الدكتور الشاذلي العياري وعلى عكس تدخلات نظرائه من الدكاترة كان بعيدا عن النظريات والتنظير قريبا للعقول مرورا بالقلوب ..هذا التوصيف الذي لم يكن غير الحقيقة جعلني أتساءل لم لا يكون الشاذلي العياري من ضمن المرشحين الأساسيين لرئاسة الحكومة المقبل ...فالرجل كفاءة اكاديمية واقتصادية درّس في جامعات دولية وله دراية بالوضع الداخلي والاقليمي والعالمي والحكومة المقبلة في حاجة الى رئيس كفء متمكنا اقتصاديا ...والرجل صاحب خبرة طويلة في ميدانه والحكومة في حاجة الى خبير متمرّس جاهز للعمل ..والرجل يدير البنك المركزي وعارف بخبايا الاقتصاد الوطني والحكومة في حاجة الى رئيس شخّص الوضع الاقتصادي وله رؤية واضحة لعلاجه ..والرجل مع كل ما يتمتع به من الخبرة وان كان كبيرا في السن فهو ليس بالطاعن فيه ويمتلك بنية صحية تسمح له بالعمل بتفان خلال المدة القادمة وفي أريحية ... وهو الى جانب ذلك وزير سابق لكنه لم يعمل مع بن علي فهو اذا له خبرة بالادارة التونسية وليس بمورط فيما أقدم عليه النظام السابق..وهو سياسي محنك يتقن جيدا الوضع العام لكنه اختار ان يكون محايدا ويقول كل الحقيقة دون ان يمضغ كلامه بما اكسبه احترام العديد اما تونس فهي في حاجة الى كفاءة اقتصادية تسرّع عملية انقاذ ما يمكن انقاذه واعادة ترتيب البيت من الداخل بعيدا عن التجاذبات السياسية وفق رؤية واضحة وممنهجة تبني لمستقبل قريب أفضل...وفي الرجل جل المواصفات اضافة الى انه خضع للتجربة واثبت كفاءته .. واعتقادنا على الاطراف السياسية ان تسرّع بتحديد شخصية رئيس الحكومة المقبل وفق حاجيات المرحلة التي لم تعد تخفى على أحد ..مرحلة تتطلب انسانا متمرسا بشخصية قوية لكنها لينة ،كفؤا وخبيرا بالاقتصاد والادارة التونسية سيتولى مهمتين اساسيتين انقاذ الاقتصاد وتحييد الادارة وفرض الامن بما يمكنه من الوصول بالمرحلة الانتقالية الثالثة الى بر الامان ...فلماذا نبحث بعيدا فينطبق علينا قول المثل الشعبي "الماء حذاها والعطش قاتلها"