بعد مرور عام على وفاة 63 مهاجرا كانوا على متن قارب قبالة السواحل الليبية أقدم بعض الناجين بمساعدة ائتلاف من المنظمات غير الحكومية على تقديم شكوى في فرنسا ضد الجيش الفرنسي بتهمة الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص يهدده خطر. في مارس 2011 كانت ليبيا في حالة اضطراب واضطر آلاف الأجانب إلى مغادرة البلد هربا من أعمال العنف. كان من بين هؤلاء 72 شخصا من أصول إثيوبية وإريترية ونيجرية وغانية وسودانية ركبوا على متن قارب في ليلة 27 مارس متجهين إلى إيطاليا. بعد ساعات من إبحارهم حلقت طائرة استطلاع فرنسية فوق قاربهم وأبلغت خفر السواحل الإيطالي عنهم. وسرعان ما تحولت رحلتهم إلى كابوس. إذ كان ينقصهم الوقود والغذاء والماء الصالح للشرب وفقدوا التحكم في قاربهم. أرسلوا نداءات لطلب النجدة عبر الهاتف تلقاها خفر السواحل الإيطالي الذي أرسل بدوره نداءات إغاثة إلى السفن الحربية الموجودة في البحر الأبيض المتوسط مع تحديد مكان القارب. كانت تلك النداءات ترسل كل أربع ساعات لمدة عشرة أيام. كان هناك حضور مكثف لسفن حربية مجهزة بعتاد فائق التطور قبالة السواحل الليبية. وحلقت طائرات مروحية فوق القارب مرتين. وقامت إحداها بإمداد القارب بقارورات مياه وعلب كعك قبل مغادرة المكان ثم لا شيء. وبعد مرور تسعة أيام من انجراف القارب ووفاة عدد ممن كان على متنه رأى المهاجرون سفينة حربية وأشاروا إليها بأنهم في حالة خطر رافعين جثث الصبيان الذين ماتوا. لكن لم يغثهم أحد. وبعد خمسة عشر يوما وسط المياه انجرف القارب إلى الشواطئ الليبية. نجا من المهاجرين أحد عشر شخصا لكن توفي اثنان منهم بعد وقت قصير من وصولهم إلى ليبيا. توفي 63 شخصا من بينهم 20 امرأة وثلاثة أطفال لعدم تلقيهم المساعدة. قام بعض الناجين بتقديم شكوى أمام القضاء الجنائي الفرنسي في هذه القضية التي ترمز إلى عدم اكتراث الأوروبيين بحالة اللاجئين. فقد تم اليوم تقديم شكوى ضد مجهول بتهمة عدم تقديم المساعدة لشخص يهدده خطر أمام محكمة باريس في تشكيلتها المختصة في الشؤون العسكرية. وسيتكفل القضاء الفرنسي بإلقاء الضوء على مسؤولية الجيش الفرنسي الذي امتنع عن إغاثة أولئك المهاجرين في حين أنه تدخل في ليبيا لحماية المدنيين. لا شك أن القوات الفرنسية قد تلقت نداءات النجدة، وبناء على ذلك يبدو أنها لم تف بالتزاماتها الدولية والوطنية المتعلقة بواجب حماية حياة الأشخاص وخاصة في البحر. إن الاحتقار وعدم الاكتراث اللذان يعامل بهما الأشخاص الذين يحاولون بلوغ أوروبا للنجاة بحياتهم أمر لا يمكن تقبله. وقد أكدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على ذلك بشدة في قرار صدر في 23 فيفري 2012. إن منظماتنا التي تساند الناجين من تلك المأساة تنتظر من العدالة الجنائية الفرنسية أن تسلط عقوبة في قضية انتهاك واجب تقديم المساعدة لشخص يهدده الخطر وترى منظماتنا أنه لا يمكن تبرير ترك إنسان يتعرض لخطر الموت مع العلم بذلك وعدم التعرض للعقاب.