هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    14 قتيلا جراء فيضانات... التفاصيل    فيضانات تجتاح البرازيل وتخلّف 39 قتيلا وأكثر من 69 مفقود    الكشف عن موعد كلاسيكو الترجي و النجم الساحلي…التعيينات الكاملة لمباريات الجولة السابعة من مرحلة التتويج    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    حالة الطقس اليوم السبت    تونس تعول على مواردها الذاتية.. تراجع الاقتراض الخارجي بنحو الثلث    دورة كتالونيا الإسبانية المفتوحة للتنس: المصرية ميار شريف، إلى الدورنصف النهائي    التوقعات الجوية لليوم    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    وفاة أحد أهم شعراء السعودية    نابل: الاطاحة بمنحرف شوه وجه عضو محلي بواسطة ألة حادة    أوجيه ألياسيم يضرب موعدا مع روبليف بنهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    توننداكس يرتفع بنسبة 0،21 بالمائة في إقفال الجمعة    اليوم العالمي لحرية الصحافة /اليونسكو: تعرض 70 بالمائة من الصحفيين البيئيين للاعتداءات خلال عملهم    اخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من المهاجرين الافارقة    تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات بجندوبة ..وحجز 41 صفيحة من مخدر "الزطلة"    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها (بودربالة)    كأس تونس لكرة القدم- الدور ثمن النهائي- : قوافل قفصة - الملعب التونسي- تصريحات المدربين حمادي الدو و اسكندر القصري    سليم عبيدة ملحن وعازف جاز تونسي يتحدث بلغة الموسيقى عن مشاعره وعن تفاعله مع قضايا عصره    مركز النجمة الزهراء يطلق تظاهرة موسيقية جديدة بعنوان "رحلة المقام"    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    إفتتاح مشروع سينما تدور    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    الاحتجاجات تمتد إلى جامعات جديدة حول العالم    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    قرعة كأس تونس 2024.    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسين العباسي يعترف: لهذا ساند الاتحاد بن علي ..وقريبا مهدي جمعة يعلن تشكيلته
نشر في الصباح نيوز يوم 19 - 01 - 2014

أجرت صحيفة الوطن القطرية حوارا مع الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي وصرح العباسي في الحوار بأنه رفض قبول ترشيحه لرئاسة الحكومة، ليبقى على مسافة واحدة من الجميع.
واليكم نص الحوار كما ورد في الوطن القطرية:
معالي الأمين العام يلمس كثيرون وأنا واحد منهم نوعا من الإبطاء في تنفيذ مسارات خريطة الطريق، التي تقومون برعايتها.. فأين تكمن العقدة الجدية؟.. ومن المسؤول عن التأخير؟
- بالفعل كما ذكرت أن خارطة الطريق شهدت شيئا من التلكؤ، البطء، التأخير، وفي بعض الحالات ربما كان هناك تأخير متعمد، نتيجة جملة من التجاذبات الحزبية القائمة، والأزمة السياسية ألقت بظلالها على المسارات الاقتصادية، الاجتماعية، والأمنية، والبلاد تقريبا دخلت منعرجا خطيرا، وكل المؤشرات لا تبشر بشيء إيجابي، وإنما تنبئ بالمخاطر، التي تحدق بالبلاد، والتي تمر بفترة قاسية على كل المستويات، ولذلك فنحن أخذنا على عاتقنا أن نقوم بمبادرة، كانت في المرحلة الأولى منطلقة من الاتحاد العام التونسي للشغل، تمت في إطار مبادرة عامة، وبعد ذلك أدخلنا شركاء معنا، وهم الثلاثة الآخرون، وهي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، وعمادة المحامين، وبالتالي أصبحت مبادرة رباعية، وعملنا كثيرا من الاتصالات مع كل الفرقاء السياسيين، بهدف الحوار معهم حول محتوى المبادرة العامة، وأخذنا بعين الاعتبار ملاحظاتهم، واحترازاتهم، واختزلنا المبادرة في ورقتين أطلقنا عليها «خريطة الطريق» أو ورقة حل سياسية للأزمة التي تمر بها البلاد، وعلى هذا الأساس انطلق الحوار، وتبقى حزب خارج المشاركة، من الائتلاف الحاكم هو «المؤتمر من أجل الجمهورية» والذي منه رئيس الدولة الحالي.
ولماذا قاطع حزب رئيس الجمهورية حواركم الوطني؟!
هو لم يقاطع الحوار، ولكن أراد أن يشارك فيه دون التوقيع على النص، بينما شرطنا الأساسي، أنه لا يمكن السماح لأي حزب أن يدخل ويساهم في الحوار إلا إذا التزم بمحتوى النص، وبالتالي لم يشاركوا، بالإضافة إلى حزب آخر «الوفاء»، وهو من البداية لم يقبل بالحوار الوطني، ولايرى أي ضرورة لهذا الحوار من الأساس، وأضف إليهما حزبا آخر، لم يشارك، لكنه حزب غير مؤثر لأن ليس لديه إلا ممثل واحد في المجلس الوطني التأسيسي، وظلت الأحزاب الباقية التي التزمت في هذا الحوار، ويشكل ممثلوها داخل المجلس الوطني أكثر من «190» عضوا من أصل «217».
بعيدا عن التفاصيل التي ذكرتها.. أريد منكم التعرف على هوية الطرف الذي يتعمد حاليا إبطاء تنفيذ خريطة الطريق؟
- في كل مرة يظهر طرف مختلف، مما يعني أن هناك أطرافا عديدة تساهم في ذلك من داخل وخارج الحوار، ولا يريدون للحوار الوطني النجاح، ولكن بصبرنا، وفهمنا للتناقضات، ومحاولات شق صفوف الأحزاب المشاركة، وبفهمنا بعلاقتهم لبعضهم البعض، تمكنا في نهاية المطاف، وبشيء من الصبر، من مواصلة حوارنا، وهذا يفسر لنا السبب في عدم الانتهاء من تنفيذ خريطة الطريق في الآجال التي تم تحديدها منذ التوقيع على النص، حيث شهدت في بعض الحالات توقف الحوار، وأحيانا كنا نعقد مؤتمرات صحفية لتحميل من كان سببا في التأخير والمماطلة، ولكن في نهاية المطاف تغلبنا على الأوضاع، وتوصلنا إلى جمع الفرقاء إلى مائدة حوار واحدة، وواصلنا المسار نحو التقدم في تنفيذ بنود خريطة الطريق، وإن كان بشيء من البطء والتأخير.
أنا أحييك على صراحتك وأريد تسمية الأسماء بمسمياتها لنعرف........ (فيقاطعني) وكأنه فهم مقصدي، فقطع الطريق على سؤالي تفاديا لاستدراجه نحو الافصاح عن أسماء الأطراف المعرقلة.. بقوله:
- المهمة مازالت طويلة بالنسبة لنا، والأزمة قائمة، ونحن كرباعي مهمتنا، نجمع ولا نفرق، ونوحد ولا نشتت، من يخطئ نواجهه وجها لوجه ونحمله مسؤوليته، ولذلك التمس لي العذر في عدم التصريح لك بتسمية «فلان أو ذاك» هو المسؤول عن التعطيل، لأننا مانزال بحاجة إلى توافق بالنسبة لهذه المرحلة، ولهذه الأسباب التي كنت أحكيها لك.. تناقض المصالح، الدفاع عن الفئوية الحزبية الضيقة، علاقة الأحزاب بعضها بالآخر، والتجاذبات الحاصلة، والوضع العام في البلاد وتأثره بالوضع الإقليمي إلى آخره، جعلنا لا ننتهي من الحوار.
وماذا عن السقف الزمني الذي تم تحديده للانتهاء من المسارين السياسي والتأسيسي قبل «14 «من الشهر الجاري؟
- السقف الزمني الذي كان محددا أن ينتهي منذ فترة، ولكنه لم يحدث، لأننا اضطررنا قبل ذلك إلى وقفه في لحظة ما، حتى نعطي فرصة أخرى للحوارات الجانبية.
تقصد أنكم تنظمون حوارا جانبيا داخل حواركم الوطني؟
- هو كذلك، حتى نستطيع أن نتجاوز المراحل، حيث كنا صرحاء مع أنفسنا بشكل كبير، إذ حملنا البعض مسؤولياته، ولذلك كنا نتقدم ولم نشعر بالتأخر، وعلى هذا الأساس رأينا انه من أجل تجاوز العقبات، نتوقف ونفتح الحوارات الجانبية، التي بمقتضاها نعود فنستكمل الحوار من جديد.
طالما وصلنا إلى وقف الحوار، ماذا يعني لكم تعليق أشغال مناقشة الدستور بعد الخلاف على استقلالية القضاء، الذي يثير القلق بشأن مستقبل العدالة في تونس في حال تمرير المادة «103» التي تعطي السلطة التنفيذية حق التعيينات العليا في السلطة القضائية؟!
- لقد عادت من جديد التجاذبات والخلافات داخل المجلس التأسيسي، مما أثر على مجريات التوافقات داخله، على مستوى ما يسمى بلجنة التوافقات - التي تتمثل فيها كل الكتل والأحزاب تقريبا- واتفقنا لتسهيل الأمر أنه قبل الدخول للجلسة العامة، أن يتم داخل هذه اللجنة النظر في المشاكل الخلافية، وفي البداية كانت الأمور تسير بشكل عادي، ولكن في المدة الأخيرة هناك مواضيع خلافية بدأت تطرأ وتبرز عند ترحيلها إلى تحت قبة المجلس في الجلسات العلنية، وهذا يعني أن بعض الكتل التي في لجنة التوافقات، توافق ثم يعارض ذلك ممثلوها تحت قبة المجلس التأسيسي.
أفهم من كلامكم أن توافقكم الهش يحتاج إلى توافق؟
- تقريبا هناك مواد تحتاج إلى توافق ومنها المادة «130» التي تحدثتم عنها، تجدها داخل لجنة التوافقات، ولكن عند عرضها على المجلس صار حولها خلاف.
وبماذا تفسرون ذلك؟
- هذا يعني أن الممثلين عن الكتل والأحزاب داخل لجنة التوافقات اتفقوا، ولكن التابعين لهم تحت قبة المجلس ضربوا بكل ذلك عرض الحائط، ولاندري ان كانت هذه انتفاضة فردية، ام انهم قد أوحوا لهم بالقول: إننا توافقنا على هذا، بينما أنتم أحرار لتفعلوا هذا أو ذاك، وبالتالي نجد انه يحدث داخل الجلسة العامة التراجع عما توافقوا عليه في لجنة التوافق.
مازلت يا معالي الأمين العام لم تجبني عن سؤالي حول استقلالية القضاء ومحاولات السلطة التنفيذية الهيمنة على التعيينات القضائية؟!
- فيما يخص استقلالية القضاء.. فإن جمعية القضاة، ونقابة القضاة لديهم تصور بالنسبة لوضع القضاء واستقلاليته، ورأوا أنه لا يمكن في دستور ما بعد الثورة ألا يكون هناك قضاء مستقل، أو أنه تفرض السلطة التنفيذية نفوذها عليه، ولو حدث فإننا وكأنه بالشيء لم يتغير، وتصبح كارثة لا يمكن تقبلها، نحن الآن أمام أمرين، وهناك من القضاة من يريد استقلالية تامة، والتي قد يصفها البعض من الأحزاب، وخاصة التي تحكم بأنها تعني التغول، خاصة إذا اصبح القضاء عنده السلطة العليا يفعل ما يشاء ودون رجعة.
هل هذا يعكس تخوف السلطة الحاكمة من استغلال القضاء لسلطاته لاجراء محاكمات لمرحلة الترويكا؟
- قد يكون هذا، أو شيء آخر، ولذلك قلنا، يجب البحث عن مخرج يحقق التوازن، بحيث لاتتغول السلطة أو تصبح وكأنها تتحكم في رقاب الناس، ولا أيضا يكون للسلطة التنفيذية اليد والنفوذ المطلق فتسلب القضاة استقلاليتهم، وتعيدهم إلى نفس المربع الذي كانوا عليه، والعودة بالفصول إلى عام 1967، ووصولا إلى عهد «بن علي»، حيث كانت السلطة التنفيذية تتولى تعيين القضاة بمختلف تفرعاتهم، فإذا حدث هذا فلن تكون هناك ثمة قيمة للمجلس الأعلى للقضاء، ولا استقلالية.
ماذا عن موقفكم أنتم كاتحاد من هذه الأزمة التي تشوش على مسار الحوار الوطني؟!
- نحن كالاتحاد العام التونسي للشغل، وفي الإطار الرباعي للحوار، نقوم بعملية استطلاع للآراء، نرى أن الجميع مع استقلالية القضاء، ولكن الناس ايضا ليست مع تغول هذه السلطة، ولذا كان مقترحنا بأنه يبقى للقضاة أحقية التعيين لمن يرونه صالحا، ومن حق السلطة «رئيس الدولة»، حينما يتم تقديم قائمة له، فيكون الخروج من هذا المأزق بأحد الحلين، انه في حالة المطلوب تعيين «4» قضاة، تعطى للرئيس قائمة مضاعفة ثلاثة أضعاف أي «8» أو «9» من المرشحين، ويقال له أن السلطة القضائية قامت بترشيح هؤلاء، وأنت اختر من بينهم، وقلنا حلا آخر، أن يختار المجلس بنفسه الأسماء المطلوبة فقط، ويرفعها للرئيس وإذا لم يعترض عليها يقوم فقط بالتوقيع، أما اذا رأى من باب الاحتراز أنه لابد من البحث عن جهة ثالثة تقوم بالتحكيم، لبحث مدى صلاحية هذا من ذاك.
بصفتكم مواطنا تدعم الحريات ولست قاضيا.. ما موقفكم من إضراب القضاة في هذه القضية، ألا تمثل محاولات السلطة التنفيذية الهيمنة على نظيرتها القضائية، اعتداء على مبادئ الثورة التي تطالب بترسيخ الحريات؟!
- أنا كمواطن، الإضراب هو آخر عملية نلجأ لها، لأن غايتنا الوصول إلى الحلول عبر الحوار، ولكن إذا تعطل يصبح اللجوء الى الاضراب حقا مشروعا، وأن ثمة مجموعة من القضاة يقولون إنهم توجهوا برسائل بغية اللقاء مع رئيس الدولة، أو الحكومة، أو المجلس التأسيسي، ولكن لم يجب أي أحد على مطلبهم، واللقاء بهم حتى يتحاوروا حول استقلالية القضاء ومطالبهم، ولذلك لم يجدوا أمامهم سوى الإضراب، وهو حق دستوري مكفول، وقد استخدموه، ودعنا نقل إنه كان بغاية الضغط، بحيث أن الذي كان يرفض من قبل يعود فيمتثل، ونحن نرى لو أن السلطة تقبل التحاور معهم حول المشاكل والمطالب، فمن الممكن التوصل فيما بين بعضهم البعض إلى صيغة، ولذا أنا من أنصار الحوار بشرط أن يكون متوفرا، وأما إذا كانت هناك جهة ترفض هذا الحوار، فإنه ليس أمام القضاء سوى القيام بالإضراب، لذلك فنحن بصدد إيجاد حل يرضي كل الأطراف، بحيث لا يترك القضاء يتغول، وفي نفس الوقت يحول دون أن تبسط السلطة نفوذها على استقلالية القضاء، وما بين هذا وذلك لابد من الحل الذي يقبله الجميع ويكون الشعب له مرتاحا، لأنه إذا لم يكن هناك قضاء مستقل فلن تكون هناك عدالة في البلاد، فمثلا حينما يختلف الخصوم، يلجأون إلى القضاء، فإذا كان هذا القضاء تابعا، فالعدالة عندها تغيب وتندثر، وهذا من شأنه ان يثير الاحتجاجات وربما ثورة أخرى.
بصراحة بعد كل التضحيات التي قدمها الشعب التونسي في ثورته، هل هذا هو الدستور العصري الذي تطمحون له بمواده، التي منها ما يسلب استقلالية القضاء؟!
- إذا كان الدستور يسلب استقلالية القضاء، وحريات أخرى، فشيء طبيعي ألا يكون هذا مقبولا، نحن نريد دستور ما بعد الثورة يجب أن يؤسس لدولة ديمقراطية، مدنية، اجتماعية، الحريات فيها مكفولة، واستقلال القضاء ركن أساسي منها بطبيعة الحال، والمؤسف أنه في الفترة الأخيرة، الكل بدأ يعتز برأيه، وحتى داخل مجلس التوافقات، هناك بعض حالات التوافق لم يتم احترامها، ولهذا سوف نطلب من لجنة خبراء لتساعدنا في صياغة الفصول التي تسير حولها التوافقات، ونعطي للمجلس دفعة أكبر ونخرج من التجاذبات القائمة، وننهي الدستور في أقرب الآجال.
ألم يتم وضع سقف زمني للانتهاء من كل هذه الملفات الجدلية وتم اختراقه؟
- لا، «شوف».. لو لم تقع التجاذبات القائمة كان ممكنا أن ننتهي بسهولة.
ماهو الموعد الجديد للانتهاء من هذه الملفات الشائكة التي تعطل الجداول الزمنية المحددة لخارطة الطريق؟
- لا يمكن الآن أن أحدد موعدا مؤكدا.. أنا شخصيا لا أملكه، حيث أنه خارج بعض الشيء عن نطاقنا، لأننا داخل المجلس التأسيسي، وهي مؤسسة منتخبة، ونحن في إطار الحوار موجودون لدعمها، واسنادها، ولإيجاد الحلول للمشاكل الشائكة بين الأطراف، نحن سنبدأ برصد هذه المواضيع الخلافية ما بين ثلاثة الى أربعة مواضيع، وبالتالي اذا توصلنا الى ازالة العراقيل في التوافق عليها نكون انجزنا، فالدستور معطل من كثرة النقاشات فيه، ومن بينها الفصول الخاصة بالسلطة القضائية.
دعني أسألك وفقا لهذه المعطيات: هل يمكن القول إن الأزمة التونسية مازالت قائمة؟
- الأزمة التونسية مازالت مستمرة، ولن تنتهي الا باليوم الذي يتوجه فيه الشعب التونسي إلى صندوق الاقتراع لينتخب رئيس الدولة، والبرلمان ووقتها يمكن القول بأن الازمة انتهت، ومن الآن حتى الوصول لهذه اللحظة فالأزمة تظل قائمة، والوضع هشا، ولكننا الآن أمام مرحلة جديدة مع رئيس الحكومة القادم، الذي وقع اختياره من طرف الحوار الوطني، وهو الآن بصدد تشكيل حكومته، والتي يلزمها أن تتكون من عدد مصغر من الوزراء، لإدارة الأزمة، وسيصلنا خطاب يوجهه رئيس الحكومة إلى الشعب التونسي يبين فيه الحقائق والوضع الاقتصادي، الاجتماعي، السياسي، الامنى، وكيفية ادارته لما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية، وذهابه الى الانتخابات وهي مهمة أيضا، إذ يقع عليه وهو على رأس الحكومة توفير كل المناخ الملائم لهذه الانتخابات الضرورية، بحيث تدور في اطار ديمقراطي، شفاف، نزيه، يقود لفترة الاستقرار اللاحقة، وعموما فهذه الحكومة التي يتم تكوينها لتحمل المسؤولية فيما تبقى من المرحلة الانتقالية، تتكون من شخصيات لديها كفاءات، ومستقلة، بعيدة عن كل الأحزاب، وبالتالي ليس لديها سند حزبي يدعمها ويقف خلفها، والسند يأتي لها من الحوار القائم في البلاد، ومن التزام المجلس التأسيسي بدعمها، ومن التفاف الشعب من حولها، لأن الحكومة حينما تكون عارية من سند حزبي، فهي بحاجة إلى سند آخر، وبالتالي فإذا لجأت أحزاب ما للشوشرة عليها فطبيعي أداء هذه الحكومة سيهتز وتتعرض لصعوبات.
بعد نجاحك في رعاية الحوار الوطني.. يرى كثيرون أنك تتصرف وكأنك رئيس الجمهورية، أو السلطة العليا في البلاد، حيث أصبحت تحدد شكل الحكومة المقبلة وعدد وزرائها.. كيف ترد على ذلك؟!
يضحك قائلا:
- أنت الذي ترى أم الشعب التونسي الذي يرى؟!
يرى كثيرون، وقد التقيتهم في أوساط تونسية بأنك أنت الآن تحدد شكل الحكومة وعدد الوزراء، فأنت أعلنت أن الحكومة لا ينبغي أن تزيد على «15» وزيرا، وهذا على سبيل المثال.. كيف ترد على هذا؟!
- أولا حتى تبقى الأمور واضحة، فهذا موجود في خارطة الطريق، تكون حكومة مصغرة وعدد وزرائها «15» لادارة أزمة من فريق يكون مشهودا له بالكفاءات، شخصيات مستقلة وبعيدة عن كل الاحزاب، والالتزام بالعدد ليس قرآنا منزلا، بل لرئيس الحكومة الحرية، نقص العدد أو زيادته بعض الشيء، ولكن بأي حال من الأحوال لاينبغي أن تكون الحكومة أكبر من اللازم كما الحكومة الحالية، حيث أن البلاد غير قادرة على تحمل النفقات، ولا حتى في القرارات، ومن ثم فلسنا نحن الذي نحدد، وانما خارطة الطريق، ولا ينبغي تحميل فرد المسؤولية، فهو عمل مجموعة والحوار الوطني اشتغل عليه، وثانيا أنا لا دخل لي في تشكيله لحكومته ولا أن نملي عليه وزيرا بعينه، وبالتالي فلست أنا الذي أطالبه وانما الحوار الوطني والشعب التونسي هو الذي يطالب.
إذا أنتم لا تضغطون على رئيس الحكومة المكلف لتوجيهه نحو خيارات وزارية بعينها؟
- نحن في الاتحاد تربينا على الممارسة الجماعية، وبالتالي لا اخلاقنا ولا المنطق يسمح لنا، ونحن تكفينا مشاكلنا الاجتماعية، والتي نحل فيها مع المعنيين صناعة وتجارة، فلاحين، نزل السياحة، البنوك، والحكومة كمشغل، والغاية التي قادتنا هي مصلحة بلادنا.
(ثم يدير ظهره نحو الجدار الخلفي ويشير بإصبعه في اتجاه صورة على الحائط للزعيم النقابي «حشاد»، ويحكي دوره التاريخي، وكيف تم اغتياله في 5 ديسمبر 1952، حينما كان يدافع عن قضية تحرير بلاده، بعد نفي الاستعمار كل زعماء العمل السياسي والزج بهم في السجون).
ويواصل حديثه قائلا: إن زعيم الاتحاد العام للشغل حينما رأى أنه ليس بالبلاد من يقودها، بادر من خلال الاتحاد الذي أسسه لقيادة الحركة الوطنية، وحينما استشعر المستعمر انه يمثل خطرا قام بتصفيته.
طالما وصلنا الى تصفية الزعيم التاريخي حشاد.. ما حقيقة تلقيكم رسائل تهديدات باغتيالكم.. وما هي الجهة التي تستهدف تصفيتكم جسديا الآن في زمن الثورة لا الاستعمار؟
- التهديدات لي باغتيالي أتلقاها باستمرار ولا اعرف مصدرها، سواء بالمكالمات او الرسائل المكتوبة، وكلما تلقينا تهديدا نحيله لوزير الداخلية، والتحقيقات والبحث، فهناك العديد من الذين يريدون اغتيال الثورة وعدم نجاحها، وتونس ما بعد الثورة مدنية واجتماعية، وهم الناس الذين لايحبون للحوار ان ينجح، لأن الارهاب يعشش في جانب الفوضى.
هل هذه التهديدات تلقيتها قبل انطلاق الحوار الوطني أم بعده؟
- هي قبل الحوار الوطني، ولكنها كثرت بعده، لأننا بعد «10» اشهر من انتخابات «23» أكتوبر لاحظنا كثرة الخلافات في البلاد وزيادة منسوب التجاذبات، والسب والشتم بين الاطراف، مظاهر العنف الأولى بدأت تبرز، التجاذبات داخل وخارج المجلس التأسيسي حول مواضيع خلافات، ومالم تكن هناك طريقة لوقف ذلك فربما نصل الى ما لا تحمد عقباه، وقد وصلنا الى هذا في اول عملية اغتيال شكري بلعيد، وقلنا تعالوا يا أحزاب نجلس حول مائدة حوار، ووصلت «6» مواضيع قلنا نوجد لها حلا، حتى التجاذبات تقل، ومنسوب العنف ينخفض، ولكن للاسف البعض تجاوب ورفض الآخر، وبينما نحن نشتغل ولم ننته بعد فاجأتنا حادثة اغتيال بلعيد، وقتها قلنا بدأ العنف، وتعطل الحوار بعدها، ثم جاءت عملية اغتيال البراهمي، وفي اليوم التالي وقبل دفنه، جاء مقتل «8» جنود في الشعانبي والتمثيل بجثثهم.
كنت قبل أيام في القصرين، والتي هي قريبة من الشعانبي، وألقيت خطابا في الاجتماع الجهوي للاتحاد.. هل وجودك في منطقة مستهدفة وتعاني من الإرهاب، يشكل رسالة للأطراف الراعية أو الداعمة للإرهاب، أم هي رسالة طمأنة للرأي العام التونسي، بأن هذه المنطقة آمنة؟!
- ليس إلى هذا الحد، لأنني حينما توجهت لهذه المنطقة كان بهدف الإشراف على مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل في القصرين، ونحن الآن بصدد عقد مؤتمرات داخل الجهات، وبدأناها منذ أشهر، ومن جهة القصرين، كان مؤتمرها محددا الأربعاء، وإن كان في حقيقة الأمر كان من المفترض عقده قبل ذلك، ولكن نظرا للوضع تم تأجيله، بعض الأصدقاء اقترح دعوة النواب من القصرين إلى منطقة مجاورة لعقد المؤتمر، ولكنني تمسكت بأن يكون المكان هو القصرين، لأنها أكبر رسالة يمكن أن نبعث بها للإرهابيين أننا لانخشاهم، ولو غيرنا مكان المؤتمر لربما قيل إننا خشينا الإرهاب، وتخلينا عن مسؤولياتنا، وهربنا من القصرين.
ما حقيقة أن مواطنين اقتحموا المكان، ومنعوك من استكمال كلمتك، وانهم احتجزوك، حتى أنك لم تستطع الخروج إلا بعد تدخل فرقة أمنية؟!
- هذا كله كلام افتراء، وعار من الصحة، تردده مواقع الفيس بوك، والناس الذين لم يعد لديهم مواضيع يتداولونها، فيتتبعوننا ومسألة انهم يخرجونني بالأمن، فمن حيث المبدأ كل تحركاتي تصاحبني فيها ثلاث سيارات حراسات أمنية، حتى لو دخلت الاجتماعات، يكونون ملازمين لي، وهذا الوضع اعيشه منذ اشهر طويلة، وبالتحديد بعد أول خطاب تهديد تلقيته، وبعدما ابلغتني وزارة الداخلية، ومن خلال الأبحاث التي تجريها، أنني مهدد بشكل جاد، وعملوا حراسة أمنية مشددة في تنقلي في أي موقع، حتى أن حريتي الشخصية مسلوبة، ومن العمل حتى المنزل، والاتحاد الجهوي كانت فيه احتياطات أمنية، خاصة والمكان قريب من جبل الشعانبي، وما حدث هناك أنه بمناسبة اشرافي على المؤتمر، وبما ان الناس لها فترة لم تر أحدا من المسؤولين يزورهم، ولذا فهم جاءوا ليشكوا حالهم، وبما أنني لا استطيع الحديث مع الآلاف من الناس، طلبت عنهم ممثلين، وتحاورت معهم، وكل مشاكلهم سببها البطالة، حيث ترتفع النسبة هناك بشكل واضح، مع أن منطقة القصرين كانت من أكثر المناطق التي قدمت شهداء، سواء قبل الثورة أو بعدها، فهذه الجهة التي قدمت «25» شهيدا، مضى «3» سنوات، ولم تشهد لا استثمارا، ولا تشغيلا، ولا استقرارا، وبالتالي جاءوا يشتكون حالهم حتى يصل صوتهم للحكومة، حتى تجد حلولا لمشاكلهم.. وعقب الانتهاء من الخطاب، مكثت ساعتين، حيث كانت أعدادهم كبيرة، وكنت أعطي كل وفد «10» دقائق، ولم يقع ما يسمى الاعتداء، بل العكس كانت الناس تحتضنني وتقبلني وتحملني رسائل بهمومهم، وأن هذه الجهة لم تنل حظها، ومهمشة.
بماذا تفسرون الغياب الواضح، ولا أقول الفاضح للسلطة الحاكمة عن القصرين، وعن الاحتقان الاجتماعي الشعبي الكبير في هذه المنطقة المنسية؟
- هذا الكلام يوجه للمسؤولين أنفسهم، عن سبب عدم توجههم وسماعهم للناس، ولكن ربما لانقول الخوف، ولكن تجنبا لمشاكل قد تحدث اثناء تنقلهم، وعلى أي حال لا استطيع الجزم، ولكن ينبغي على المسؤولين أن ينتقلوا لهم، وليصارحوهم بالحقيقة، وتخصص لهم الاستثمارات اللازمة في الجهات الداخلية، وخاصة جهة كالقصرين، التنمية فيها لم تكن متوفرة في العهد السابق، ثلاث سنوات مضت ولم يتم الالتفات للجهة، وبالتالي فهي كالبركان، والناس لاتنعم بالعيش، بل بدوي القنابل في الليل والصباح، والناس في وضع اجتماعي مأساوي، حتى الذين تم تشغيلهم، جرى ذلك في مناطق لاترقى للوضع الاجتماعي، ولا الأجر المأمول، كلها ذر رماد على العيون، وكل ذلك اعتبروه إهانة لهم، وحينما رجعت من هناك أبلغت السلطات المعنية، وقلت لهم عندكم قنابل موقوتة في الجهات الداخلية ومنها القصرين، وقلت لهم يلزم أن تقفوا بأنفسكم على مشاكل وهموم الناس.
هل أبلغتم رئيس الحكومة المستقيل بحقيقة وخطورة الأوضاع المتفجرة التي رأيتموها في القصرين؟
- نعم أبلغت أطرافا من الوزراء، بل ورئيس الحكومة نفسه حينما التقيته صدفة في قصر قرطاج.
معالي الأمين العام، في اطار حديثنا عن الاوضاع المتفجرة.. ما هو موقفكم من الاحتجاجات العارمة التي سادت البلاد إثر إقرار قانون الضرائب، وكيف تنظرون الى اداء حكومة علي العريض المستقيلة، وما دورها في إشعال الأزمة؟
- بالنسبة لقانون المالية مازالوا يعدون فيه ويحضرون فيه، وطلبنا في الاتحاد العام للشغل من وزير المالية وحتى من رئيس الوزراء علي العريض، وقلنا لهم انتم بصدد اعداد ميزانية، وكل الاخبار التي ترد الينا بأن الميزانية اقل ما يقال عنها انها لاشعبية، وميزانية قد تعصف بآمال الناس، وتحدث عنها ردود فعل خطيرة، ولكن لم يستمعوا لرأينا، وبعد إعداده للميزانية قالوا لنا هذا هو القانون الذي سيتم عرضه، وطلبوا رأينا، فأرسلنا لهم رأينا مكتوبا، خاصة واننا قد تحصلنا على نسخة منه قبل ان يرسلوها لنا، وبطبيعة الحال جمعنا خبراءنا، واعطينا رأينا بأن هذه الميزانية غير مقبولة، وطلبوا منا أن نشارك في الاجتماع، فقلنا لهم ارسلنا لكم رأينا مكتوبا، ومع ذلك ارسلنا لهم خبراء، وناقشوهم حول هذه الميزانية ووضحنا رأينا، وطلبنا من الحكومة بشكل رسمي، وطلبنا منهم اما مراجعة الميزانية او عدم عرضها على المجلس التأسيسي، ونطلب من رئيس الدولة أن يصدر قرارا وهذا له الحق فيه، من أجل ان يتم الصرف حتى لا تتعطل الأمور، ويتم اعادة النظر في الميزانية والمشروع، وتشارك فيه الاطراف المعنية، ولكن لم يستمعوا لكلامنا، قالوا فقط كلامكم مقبول في بعض الجوانب، ولكن لندع هذه الميزانية للتمرير هذه المرة، ونحن مستعدون لعمل ميزانية تكميلية للحكومة من جديد.
هل تقصد أن حكومة العريض المستقيلة تتحمل مسؤولية الاحتجاجات التي سادت البلاد؟
- هذا صحيح وشيء طبيعي، فمسؤولية الحكومة هي مسؤولية جماعية، الترويكا، الثلاثة مع بعضهم، ويتحمل المجلس الوطني التأسيسي المسؤولية بالتصديق عليها، ونحن كاتحاد جاءتنا دعوة من اللجنة المالية في المجلس وارسلنا خبراء، وطلبنا منهم تغيير بعض فصول الميزانية، لاننا رأينا، ولكنهم لم يسمعوا لنا، حتى منظمة الصناعة والتجارة هي الاخرى اعترضت عليها، وكذا كل الاطراف، ومع ذلك ترك كلام الجميع جانبا، وبالتالي فالحكومة تتحمل مسؤوليتها لكونها رفضت تغييرها، والمجلس التأسيسي كذلك لأنه صدق عليها.
وبناء على هذه المعطيات هل ترى أن الأوضاع متأزمة...
فيقاطعني بقوله:
- لدينا تجربة ينبغي أن نأخذ منها الدروس والعبر، وقعت عندنا عام 1984، عندما أقدمت حكومة «مزالي» آنذاك على رفع الدعم على المواد الأساسية، فتحررت الأسعار ولم تعد مدعمة، وحدثت وقتها انتفاضة الخبز، والتي راح ضحيتها مئات من الشهداء، ولهذا حذرناهم مرارا من كثرة الاتاوات، ورفع الدعم ولو جزئيا سواء كان على الطاقة أو المواد الأساسية، فتضرر منه الجميع، وخاصة في هذا التوقيت، ومعنى هذا أن منسوب البطالة مرتفع، والأمور لم تتغير عام 2013، والأسعار ارتفعت بشكل صاروخي جنوني، والدولة ليس لديها القدرة حتى تحد من ارتفاع الاسعار، وتغلق الابواب على المهربين والمسالك غير القانونية وغير الشرعية، وجعلت مجموعة صغيرة تتحكم في السوق والاسعار، لذلك لا بد من زيادة في الاجور، او وقف تدهور المقدرة الشرائية للنقود، ولذلك قلنا بضرورة مراقبة مسالك توزيع العصابات المسيطرة على الاسعار.
بناء على هذا: هل يمكن القول أن حكومة علي العريض فشلت في أداء مهامها؟!
- لا نحكم اجمالا، ولكن في ملفات معينة، وفي هذه الميزانية بالتحديد، يتحمل مسؤوليته فيها، كما هو الحال بالنسبة للمجلس الوطني التأسيسي يتحمل هذه المسؤولية، وبالتالي، المطلوب من رئيس الحكومة القادمة، لأن رئيس الحكومة الحالي ماذا فعل (قام بالتعليق) ولم يلغ وإبطاء له، وطالما هي موارد مالية فستأتي للميزانية من الاجراءات التي اتخذت، معنى ذلك ان مهدي جمعة يشكل حكومته، ولكن الموارد المالية التي كان من المرتقب أن تدخل فلن تأتي، وحينئذ يقولون مسؤولية «مهدي جمعة»، ولكن في كل الحالات فإن «جمعة» مقتنع بأنه لابد من اعداد ميزانية تكميلية يتم فيها معالجة كل مواطن الخلل في الميزانية القادمة، وتسمح له استشراف ما تبقى في السنة هذه، وتعديل الأجور بشكل تتقبله الناس.
باعتباركم تتولون مسؤولية الدفاع عن حقوق العمال التونسيين، ما دوركم في توفير فرص عمل للشباب التونسي العاطل للقضاء على مشكلة البطالة، ولماذا لاتفتحون آفاقا لذلك مع دول الخليج الباحثة عن العمالة المؤهلة؟!
- نحن عملنا محاولة لإنقاذ بلادنا من الأزمة التي تردت فيها، وكنت منذ قليل سألتني، بأنني اتصرف وكأنني السلطة العليا في البلاد، وعموما نحن بالنسبة لنا نرى وأنه لاسبيل للقضاء على البطالة الا بايجاد مناخات ايجابية طيبة، حيث ليس بالهين اليسير على مستثمر ان يأتي للاستثمار في بلاد فيها تشويش وينعدم فيها الاستقرار الأمني، ويأتي ليغامر، في وقت رأس المال التونسي متخوف، فكثير منهم يريد التوجه للاستثمار في المناطق الداخلية، ولكنه يبحث عن الاستقرار والأمن، ولذلك مهمتنا نحن الرباعي مع بقية الاحزاب، والمجتمع المدني، حتى تنعم البلاد بالاستقرار، والأمن والسلم، ويشجع المستثمر، ونحن نرحب بكل مستثمر عربي وأجنبي، ولكن شريطة الالتزام بقوانين العمل الموجودة في البلاد، وليس لنا مطالب أكثر من ذلك.
ومن يقوم بالعلاقات هذه والمعاهدات هذه، هي الحكومة لسنا نحن، ولذا نطرح على حكومتنا القادمة، ان تربط علاقات متينة وتنوع مصادر تمويلها وتشجع الاستثمار على القدوم، وهذا لايمكن الا في ظل مناخ استثماري مشجع، ونحن مع قدوم المستثمرين لأنه بدونه لاحل للبطالة، والمستثمرون يبحثون عن مناطق صناعية قريبة من البنية التحتية، ولذلك نشجع من يريد الذهاب الى المناطق النائية، وفي حال عدم الاقبال فإن على الدولة ان تتحمل مسؤوليتها في هذا الاطار ببعث مشاريع في هذه المناطق التي لايقبل عليها المستثمرون.
ونحن نرحب بكل الاستثمارات ما عدا الاسرائيلية وما يدور في فلكها، وكذلك عدم التدخل في الشأن الداخلي، وتطبيق القانون الموجود في هذا البلد فقط، ولكن مسؤولية من يأتي بهؤلاء تقع على عاتق الحكومة.
من الملاحظ أنه كان لكم دور كبير في حل الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد، ولكن ذلك جاء على حساب دوركم الأساسي في الدفاع عن حقوق العمال.. فما ردكم؟
- على فكرة نحن في الاتحاد العام التونسي للشغل، نعتبر انفسنا كخلية نحل، والأمر ليس موكولا للأمين العام، عندنا مكتب تنفيذي فيه أمين عام ومعه «12» قسما، وعندنا هياكل منتخبة مركزية على مستوى كل القطاعات، وعندنا هياكلنا في الجهات، ولذلك حتى في الظروف العادية، فالأمين العام دوره تنسيقي، وكل في اختصاصه مسؤول عنه، وتبقى مهمتنا لم نهمله، بل الأطراف المسؤولة فيه تقوم بدورها، ونحن دائما حضور في المشهد وحلول المشاكل، وبالتالي هذا الكلام مردود على أصحابه، ونحن في تاريخنا كما قلنا، دائما نلعب دور التوازن، ليس في كل الأوقات، وانما كلما اختل التوازن، فدورنا فقط تعديلي، لا نتردد أن نلعب الدور، ولا ننسي دورنا الاجتماعي، وربما كأمين عام جزء للحوار والآخر الاجتماعي.
طالما وصلنا إلى البعد التاريخي.. يرى كثيرون أن اتحادكم يتحمل مسؤولية تاريخية في تكريس حكم الاستبداد في زمن بن علي، من خلال مساندته لترشيح الرئيس المخلوع في كل الاستحقاقات الانتخابية.. كيف تردون على ذلك؟
- تقصد الاتحاد العام للشغل.. هو تأسس عام 1946، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم تكن كل الفترات التي مر بها زاهية، وايجابية، فثمة فترات عرف فيها الانتصارات، ولعب فيها الدور التعديلي وقال فيها كلمتها، وثمة فترات أصابته فيها انكسارات وفيها وهن، أحيانا كانت مفروضة عليه، وخاض الاتحاد أزمات كثيرة مع السلطة، ومنها عام 1957، وأخرى 1965، وأخرى 1978، حيث معروف 26 أيلول الأسود في تونس، وعام 1986، وغيره، وكل هذه الأزمات نتيجة تشبثه باستقلاليته، ووقوفه ضد كل الخيارات الاقتصادية حينما لاتكون ثمارها غير اجتماعية، ولذا فالسلطة تلجأ معنا للقوة، وحتى أخرجتنا بالسلاح من الاتحاد والزج بالهياكل في السجون، ومن بعدها يأتون بهياكل من صناعتهم لينصبوها على العمال فلا يقبلها العمال، ويبقى النضال في السرية خارج المسارات السلمية إلى حد تتعطل الأمور، فلايجدون هناك من الحلول حتى يعودوا من أجل التفاوض مع القيادات الشرعية.
معالي الأمين العام.. أعود لأسألكم مرة أخرى عن تورط اتحادكم في الترويج لفترة حكم «بن علي» وتثبيت أركان نظامه عبر الاستحقاقات الانتخابية؟
- نعم شهدت مرحلة حكم «زين العابدين» فترة وهن لايشك فيها القاصي ولا الداني، حتى أنه كما قلت كان الاتحاد يسانده في الانتخابات الرئاسية، لكن ما أود أن افصح لك عنه، منذ تأسيس الاتحاد وحتى تاريخنا هذا، كان دوما هناك خط ممانع من داخل الاتحاد ذاته، قدره أن يدافع على طول من أجل تطوير الاداء، والدفاع عن الاستقلالية، وفي نفس الوقت يلعب الدور الاجتماعي السلمي.
هل أفهم من جوابك أنك تريد القول بأنك كنت تقود هذا التيار الممانع داخل الاتحاد؟
- هذا السؤال لا ينبغي أن اجيب عليه، ولكن ربما آخرون يفصحون لك، وعموما فهذا الخط الممانع كان دوما يدافع داخل الاتحاد، وفي بعض الحالات، عادة يكون أقلية ولكن في بعض الأحوال يتحول إلى أغلبية.
من خلال استطلاعات إحدى الصحف التونسية.. بدا عدد الذين يتحسرون على أيام بن علي 35 بالمائة مما يعني نصف الشعب التونسي تقريبا.. فكيف تعلقون على ذلك؟
- أشكك في المنظمات التي تقوم بهذه الاستطلاعات للرأي، ولا نعرف العينات التي تم اختيارها، وبأي منطق أو حسابات تم الاستناد عليها، وعموما دعنا نتساءل: ما هو الشيء الطيب الذي فعله «بن علي» يجعل الناس تتحسر عليه، ولو كان رئيسا رشيدا فلماذا ثاروا على نظامه الفاسد؟ ولا أحسب أن يتحسر عليه إلا من بقي من المنتفعين وانصاره، ولكن أما وأن تقول إن نسبة المتحسرين من الشعب التونسي يمثلون «35» بالمائة فهذا عار، وكأنهم يريدون العودة بالبلاد إلى عهد الديكتاتورية والقمع الأمني والقضاء غير مستقل، واحتقان وصل إلى حد الانفجار في لحظة من اللحظات.
بعيدا عن زمن بن علي.. ذكرتم خلال تعثر جلسات الحوار الوطني أنكم ستكشفون «4» حقائق مؤلمة، من الضروري أن يعرفها الشعب التونسي.. لماذا تغاضيتم عن هذا.. أليس من حق التونسيين، أن يعرفوا حقيقة الأوضاع في بلادهم؟
- بالتأكيد.. هناك مثل فرنسي يقول: سأقول أربع حقائق (يشير بعلامة رابعة)
والمثل لا يتقصد تحديد أربع حقائق حرفيا، بل فلسفته تعني أنه ما من شيء سيبقى مخبأ، ومعناها ان الإنسان يقول الحقائق عارية والأسباب والمسببات دون مجاملة لأحد.
ولماذا تغاضيت عن كشف الحقائق التي وعدت الرأي العام التونسي بها؟
- لالا... لم يحدث ذلك.
ولكن مازال حواركم متعثرا وهناك جهات تتعمد تعطيله.. فلماذا لاتكشفها؟
- في الحقيقة قلت البعض منها في أوقات سابقة، حينما تعطلت الامور وسميت الامور للمتسببين عنها.
ولكن حتى الآن لم تفصح عن مسمياتها؟
- بالعكس وقتها سميتها في وقتها، وفي حال فشل الحوار سنكشف الجهات التي تعرقله ولاتريد له ان يتقدم.
باعتباركم الشخص الوحيد القادر على تجميع الأحزاب، على مختلف توجهاتها تحت مظلة اتحادكم، وحول شخصيتكم الكريمة... لماذا رفضتم مقترح الباجي السبسي ترشيحكم لرئاسة الحكومة.. وما مدى صحته؟
- لا نشخصن الأمور، فنحن جمعنا الناس للحوار من أجل إيجاد حلول لمشاكلنا، وهذا هو الأساس.. وليس لدينا طموحات سياسية، ولاغايات، فنحن منظمة اجتماعية تدافع عن الفقراء والغلابة والمتعطلين عن العمل، ونلعب دورنا في تحقيق التوازن كلما استدعى الأمر، وما زاد عن ذلك سيتم عبر الحوار الوطني، ويبقى للاحزاب السياسية أن تتنافس فيما بينها عبر الممارسة الديمقراطية، واما بالنسبة لدورنا هو التوازن فقط وقت الخلل، لا نترشح ولا نفكر في الوصول للحكم لا المدى القريب او البعيد، وبالفعل اقترح الباجي السبسي ترشيحي لرئاسة الحكومة وجاوبته رافضا في نفس اللحظة، وقلت لكل الحاضرين في جلسات الحوار الوطني، نحن كرباعي لسنا من هؤلاء الباحثين عن قيادة البلاد لا الآن ولا مستقبلا، وهذا دور الأحزاب، وطالبتهم أن ابحثوا لنا عن شخصية مستقلة ومتوافق عليها، ليدير ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
عندما أقترح الباجي ترشيحكم للرئاسة.. ما الجهة التي رفضت الترشيح؟
- لم تكن هناك فرصة للتشاور.. أنا حسمت الامر المقترح في لحظتها خلال جلسة عامة في المجلس الوطني، وجاوبته في نفس اللحظة بأننا غير معنيين بالشأن السياسي، ولو لعبنا أي دور غير ذلك لن تثق فينا الناس، وحينذاك لن نستطيع ان نلعب الدور التعديلي ولا التوازن، وحينها يصبح الأمر وكأننا مفتعلون هذا بغية الوصول أو الانقضاض على السلطة، فكلمتنا مسموعة الآن لأننا نقف على مسافة واحدة من كل الناس، وبلادنا تحتاج إلى عناصر ضامنة.
في إطار الحديث عن الضمانات.. ما موقفكم من تمسك الاتحاد لنقابات قوات الأمن ببقاء بن جدو في منصبه كوزير للداخلية لأن ذلك يشكل ضمانة لاستقرار البلاد استنادا الى أنه يملك تجربة اكتسبها في مكافحة الارهاب.. هل لديكم تحفظات؟
- هذا السؤال تجيب عنه النقابات الأمنية لتبرير وجهة نظرهم.. قلنا الحكومة القادمة طبقا لما جاء في خريطة الطريق تأتي من اطراف غير متحزبة وكفاءات وليس لها مواقف وعلى مسافة واحدة من كل الاطراف.
لكن حينما يتم اختيار وزير واحد من حكومة علي العريض المستقيلة.. ألا يعني ذلك اعادة استنساخها؟
- «مهدي جمعة» يعرف انه لن يأتي بأناس متحزبة.. وأي متحزب ليس له موقع في الحكومة القادمة، وغير معنيين بالترشح في الاستحقاقات الانتخابات القادمة، وعموما ليس عندي فكرة عن تشكيلة الحكومة المقبلة، وكيف اختار الرئيس المكلف شكل فريقه، فقد كثر اللغو من هنا وهناك، ونحن ننتظر تشكيلته النهائية ونحكم ما له وماعليه.
متى تتوقع اعلان تشكيلة حكومة الكفاءات المنتظرة التي وعدتم الرأي العام بها؟
- قريبا.. وبحسب التصريحات أنها تبدو وكأنها في الأمتار الأخيرة (الوطن القطرية)
fa�gC:A0S NR s-serif;"طالما وصلنا إلى البعد التاريخي.. يرى كثيرون أن اتحادكم يتحمل مسؤولية تاريخية في تكريس حكم الاستبداد في زمن بن علي، من خلال مساندته لترشيح الرئيس المخلوع في كل الاستحقاقات الانتخابية.. كيف تردون على ذلك؟
- تقصد الاتحاد العام للشغل.. هو تأسس عام 1946، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم تكن كل الفترات التي مر بها زاهية، وايجابية، فثمة فترات عرف فيها الانتصارات، ولعب فيها الدور التعديلي وقال فيها كلمتها، وثمة فترات أصابته فيها انكسارات وفيها وهن، أحيانا كانت مفروضة عليه، وخاض الاتحاد أزمات كثيرة مع السلطة، ومنها عام 1957، وأخرى 1965، وأخرى 1978، حيث معروف 26 أيلول الأسود في تونس، وعام 1986، وغيره، وكل هذه الأزمات نتيجة تشبثه باستقلاليته، ووقوفه ضد كل الخيارات الاقتصادية حينما لاتكون ثمارها غير اجتماعية، ولذا فالسلطة تلجأ معنا للقوة، وحتى أخرجتنا بالسلاح من الاتحاد والزج بالهياكل في السجون، ومن بعدها يأتون بهياكل من صناعتهم لينصبوها على العمال فلا يقبلها العمال، ويبقى النضال في السرية خارج المسارات السلمية إلى حد تتعطل الأمور، فلايجدون هناك من الحلول حتى يعودوا من أجل التفاوض مع القيادات الشرعية.
معالي الأمين العام.. أعود لأسألكم مرة أخرى عن تورط اتحادكم في الترويج لفترة حكم «بن علي» وتثبيت أركان نظامه عبر الاستحقاقات الانتخابية؟
- نعم شهدت مرحلة حكم «زين العابدين» فترة وهن لايشك فيها القاصي ولا الداني، حتى أنه كما قلت كان الاتحاد يسانده في الانتخابات الرئاسية، لكن ما أود أن افصح لك عنه، منذ تأسيس الاتحاد وحتى تاريخنا هذا، كان دوما هناك خط ممانع من داخل الاتحاد ذاته، قدره أن يدافع على طول من أجل تطوير الاداء، والدفاع عن الاستقلالية، وفي نفس الوقت يلعب الدور الاجتماعي السلمي.
هل أفهم من جوابك أنك تريد القول بأنك كنت تقود هذا التيار الممانع داخل الاتحاد؟
- هذا السؤال لا ينبغي أن اجيب عليه، ولكن ربما آخرون يفصحون لك، وعموما فهذا الخط الممانع كان دوما يدافع داخل الاتحاد، وفي بعض الحالات، عادة يكون أقلية ولكن في بعض الأحوال يتحول إلى أغلبية.
من خلال استطلاعات إحدى الصحف التونسية.. بدا عدد الذين يتحسرون على أيام بن علي 35 بالمائة مما يعني نصف الشعب التونسي تقريبا.. فكيف تعلقون على ذلك؟
- أشكك في المنظمات التي تقوم بهذه الاستطلاعات للرأي، ولا نعرف العينات التي تم اختيارها، وبأي منطق أو حسابات تم الاستناد عليها، وعموما دعنا نتساءل: ما هو الشيء الطيب الذي فعله «بن علي» يجعل الناس تتحسر عليه، ولو كان رئيسا رشيدا فلماذا ثاروا على نظامه الفاسد؟ ولا أحسب أن يتحسر عليه إلا من بقي من المنتفعين وانصاره، ولكن أما وأن تقول إن نسبة المتحسرين من الشعب التونسي يمثلون «35» بالمائة فهذا عار، وكأنهم يريدون العودة بالبلاد إلى عهد الديكتاتورية والقمع الأمني والقضاء غير مستقل، واحتقان وصل إلى حد الانفجار في لحظة من اللحظات.
بعيدا عن زمن بن علي.. ذكرتم خلال تعثر جلسات الحوار الوطني أنكم ستكشفون «4» حقائق مؤلمة، من الضروري أن يعرفها الشعب التونسي.. لماذا تغاضيتم عن هذا.. أليس من حق التونسيين، أن يعرفوا حقيقة الأوضاع في بلادهم؟
- بالتأكيد.. هناك مثل فرنسي يقول: سأقول أربع حقائق (يشير بعلامة رابعة)
والمثل لا يتقصد تحديد أربع حقائق حرفيا، بل فلسفته تعني أنه ما من شيء سيبقى مخبأ، ومعناها ان الإنسان يقول الحقائق عارية والأسباب والمسببات دون مجاملة لأحد.
ولماذا تغاضيت عن كشف الحقائق التي وعدت الرأي العام التونسي بها؟
- لالا... لم يحدث ذلك.
ولكن مازال حواركم متعثرا وهناك جهات تتعمد تعطيله.. فلماذا لاتكشفها؟
- في الحقيقة قلت البعض منها في أوقات سابقة، حينما تعطلت الامور وسميت الامور للمتسببين عنها.
ولكن حتى الآن لم تفصح عن مسمياتها؟
- بالعكس وقتها سميتها في وقتها، وفي حال فشل الحوار سنكشف الجهات التي تعرقله ولاتريد له ان يتقدم.
باعتباركم الشخص الوحيد القادر على تجميع الأحزاب، على مختلف توجهاتها تحت مظلة اتحادكم، وحول شخصيتكم الكريمة... لماذا رفضتم مقترح الباجي السبسي ترشيحكم لرئاسة الحكومة.. وما مدى صحته؟
- لا نشخصن الأمور، فنحن جمعنا الناس للحوار من أجل إيجاد حلول لمشاكلنا، وهذا هو الأساس.. وليس لدينا طموحات سياسية، ولاغايات، فنحن منظمة اجتماعية تدافع عن الفقراء والغلابة والمتعطلين عن العمل، ونلعب دورنا في تحقيق التوازن كلما استدعى الأمر، وما زاد عن ذلك سيتم عبر الحوار الوطني، ويبقى للاحزاب السياسية أن تتنافس فيما بينها عبر الممارسة الديمقراطية، واما بالنسبة لدورنا هو التوازن فقط وقت الخلل، لا نترشح ولا نفكر في الوصول للحكم لا المدى القريب او البعيد، وبالفعل اقترح الباجي السبسي ترشيحي لرئاسة الحكومة وجاوبته رافضا في نفس اللحظة، وقلت لكل الحاضرين في جلسات الحوار الوطني، نحن كرباعي لسنا من هؤلاء الباحثين عن قيادة البلاد لا الآن ولا مستقبلا، وهذا دور الأحزاب، وطالبتهم أن ابحثوا لنا عن شخصية مستقلة ومتوافق عليها، ليدير ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
عندما أقترح الباجي ترشيحكم للرئاسة.. ما الجهة التي رفضت الترشيح؟
- لم تكن هناك فرصة للتشاور.. أنا حسمت الامر المقترح في لحظتها خلال جلسة عامة في المجلس الوطني، وجاوبته في نفس اللحظة بأننا غير معنيين بالشأن السياسي، ولو لعبنا أي دور غير ذلك لن تثق فينا الناس، وحينذاك لن نستطيع ان نلعب الدور التعديلي ولا التوازن، وحينها يصبح الأمر وكأننا مفتعلون هذا بغية الوصول أو الانقضاض على السلطة، فكلمتنا مسموعة الآن لأننا نقف على مسافة واحدة من كل الناس، وبلادنا تحتاج إلى عناصر ضامنة.
في إطار الحديث عن الضمانات.. ما موقفكم من تمسك الاتحاد لنقابات قوات الأمن ببقاء بن جدو في منصبه كوزير للداخلية لأن ذلك يشكل ضمانة لاستقرار البلاد استنادا الى أنه يملك تجربة اكتسبها في مكافحة الارهاب.. هل لديكم تحفظات؟
- هذا السؤال تجيب عنه النقابات الأمنية لتبرير وجهة نظرهم.. قلنا الحكومة القادمة طبقا لما جاء في خريطة الطريق تأتي من اطراف غير متحزبة وكفاءات وليس لها مواقف وعلى مسافة واحدة من كل الاطراف.
لكن حينما يتم اختيار وزير واحد من حكومة علي العريض المستقيلة.. ألا يعني ذلك اعادة استنساخها؟
- «مهدي جمعة» يعرف انه لن يأتي بأناس متحزبة.. وأي متحزب ليس له موقع في الحكومة القادمة، وغير معنيين بالترشح في الاستحقاقات الانتخابات القادمة، وعموما ليس عندي فكرة عن تشكيلة الحكومة المقبلة، وكيف اختار الرئيس المكلف شكل فريقه، فقد كثر اللغو من هنا وهناك، ونحن ننتظر تشكيلته النهائية ونحكم ما له وماعليه.
متى تتوقع اعلان تشكيلة حكومة الكفاءات المنتظرة التي وعدتم الرأي العام بها؟
- قريبا.. وبحسب التصريحات أنها تبدو وكأنها في الأمتار الأخيرة (الوطن القطرية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.