يبدو أن أبو بكر البغدادي الزعيم المتواري لآلاف المقاتلين الاسلاميين في سورياوالعراق ومن بينهم غربيون، بدأ يتفوق على زعيم القاعدة ايمن الظواهري ويهدد سلطته، بحسب خبراء. وبات تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" (داعش) الذي يقوده البغدادي والمعروف بتكتيكاته الشرسة، الجهة الاكثر قدرة على محاربة الرئيس السوري بشار الاسد، كما انه سيطر على مدينة عراقية كبرى منذ 5 اشهر بالتزامن مع مجموعات اخرى. وتخشى الحكومات الغربية من ان يتمكن في النهاية من الاقتداء بالقاعدة وتوجيه الضربات في الخارج. لكن خوفها الاكبر حاليا ينبع من عودة المسلحين الاجانب الذين يجذبهم تنظيم "داعش" والبغدادي الى ديارهم. من بين هؤلاء افراد مثل مهدي نموش الفرنسي البالغ 29 عاما وهو متهم بتنفيذ هجوم دام بالرصاص على المتحف اليهودي في بروكسيل في الشهر الفائت، بعد ان أمضى عاما في القتال في صفوف "داعش" في سوريا. وافاد المسؤول السابق في قسم مكافحة الارهاب في جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني "ام آي 6" ريتشارد باريت "منذ عشر سنوات او اكثر و(الظواهري) مختبأ في منطقة الحدود الافغانية الباكستانية ولم يفعل اكثر من اصدار بعض التصريحات ونشر الفيديوهات". في المقابل "نفذ البغدادي الكثير حيث سيطر على مدن وعبأ عددا كبيرا من الناس، وهو يقتل بلا رحمة في العراقوسوريا". وتابع "ان كنت شابا يريد الفعل، فستذهب مع البغدادي"، مشيرا الى ان تحدي زعيم ""داعش لسلطة الظواهري "تطور مثير جدا للاهتمام". واضاف ان "توجه هذه (المنافسة) سيحدد بشكل كبير المنحى الذي ستتخذه (ممارسة) الارهاب". وفي تقرير لمجموعة صوفان الاستشارية التي تتخذ مقرا في نيويورك، قدر باريت بنحو 12 ألف مسلح أجنبي توجهوا الى سوريا، من بينهم 3000 من الغرب. ويبدو ان"داعش" اكثر اغراء حيث قدر بيتر نيومان الاستاذ في كينغز كوليدج لندن ان حوالي 80% من المسلحين الغربيين في سوريا انضموا اليها. وخلافا لمجموعات اخرى تقاتل الاسد، يبدو ان "داعش" تعمل من اجل امارة اسلامية مثالية وهي على عكس تشكيل القاعدة في سوريا، اي جبهة النصرة، تقلل من العراقيل للانضمام اليها. كما سعت "داعش" الى جذب غير العرب، ونشرت مؤخرا مجلتين بالانقليزية بعد ان نشرت تسجيلات فيديو بالانقليزية او مزودة بترجمة انكليزية. وتؤكد المجموعة المتشددة انها ضمت مسلحين من بريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها من الدول الاوروبية، اضافة الى الولاياتالمتحدة والعالم العربي والقوقاز. وعلق نيومان بالقول ان "داعش" "تجسد تلك الايديولوجية العابرة للدول". واضاف ان "كنت شابا بريطانيا او فرنسيا بلا روابط عائلية في سوريا، فلن ترغب في القتال من اجل الشعب السوري... سبب ذهابك الى هناك هو رؤيتك لسوريا على انها مركز جاذبية او مكان الولادة المحتمل لتلك الدولة التي تامل في انشائها". كما يعود الحيز الاكبر من الجاذبية الى البغدادي نفسه، المعروف بقدرته على القيادة وتكتيكاته في ساحة المعركة، وهو تميز مهم له عن الظواهري. ويبدو ان البغدادي انضم الى التمرد الذي اندلع في العراق بعيد الاجتياح بقيادة اميركية للبلاد العام 2003. في أكتوبر 2005، أعلنت القوات الأمريكية انها قتلت "أبو دعاء" وهو أحد ألقاب البغدادي المعروفة، في غارة على الحدود العراقية السورية. لكن اتضح ان هذا الامر غير صحيح، نظرا الى توليه قيادة ما كان يعرف آنذاك بتسمية "دولة العراق الاسلامية" في ماي 2010 بعد مقتل اثنين من قادتها في غارة مشتركة أمريكية-عراقية. منذاك أصبحت المعلومات بشأنه نادرة. وفي أكتوبر 2011 صنفته وزارة الخزانة الأمريكية "ارهابيا" في مذكرة اشارت الى ولادته في مدينة سامراء العراقية في 1971. وفي وقت سابق من هذا العام نشر العراق صورة أكد انها للبغدادي وهي الاولى من مصدر رسمي، بدا فيها رجل ملتح بدأ الصلع يغزو رأسه وهو يرتدي بدلة وربطة عنق. واكد اللواء عبد الأمير الزيدي الذي يتولى قيادة مركز امن الشمال ان قواته تعتقد ان البغدادي يختبأ في محافظة ديالى، لكن مسؤولين آخرين ينفون ذلك. وعندما تولى البغدادي القيادة، بدت جماعته مهددة بعد حملة للقوات الأمريكية وتبدل ولاءات اعيان قبائل سنة، مما وجه اليه ضربة كبيرة. لكن الجماعة عادت للنهوض والعمل في سوريا العام 2013. وسعى البغدادي الى دمج جماعته بجبهة النصرة التي رفضت ذلك، وباتت الجماعتان تعملان بشكل منفصل منذاك. وحث الظواهري "داعش" على التركيز على العراق وترك سوريا لجبهة النصرة. لكن البغدادي ومسلحيه تحدوا زعيم القاعدة وقاتلوا، لا الاسد فحسب، بل النصرة وغيرها من المجموعات المعارضة كذلك. وصرح الخبير في مركز بروكينغز الدوحة تشارلز ليستر ان "تولي (البغدادي)... قيادة (داعش) جعله يدير منظمة تحت ضغط هائل.. لقد نجح البغدادي بشكل مميز في إنعاش قوة جماعته". (أ ف ب)