في ملف ستنشره في عددها القادم، تلقي مجلة "ليدرز" الضوء على رئيس الحكومة مهدي جمعة في الفترة الأخيرة التي تلت العملية الإرهابية التي جرت في 16 جويلية والتي استشهد فيها 15 جنديا وجرح 20 آخرين من الجيش الوطني، والتي أشارت المجلة أنها كانت عصيبة على رئيس الحكومة خاصة مع تعالي أصوات بعض السياسيين –حسب تعبير "ليدرز"- بضرورة استقالته وتأجيل الانتخابات، مما حتم على جمعة الاختيار ما بين طرحين: مغادرة السفينة أو تحمل المسؤولية. تشير المجلة، الناطقة باللغة الفرنسية، أن مهدي جمعة اختار التحدي في أكبر أزمة شهدتها البلاد، واستعمل كل طاقته في محاربة الإرهاب، وتجفيف منابعه المالية، وكشف خلاياه النائمة وقوى الدعم لها، وحل الجمعيات واغلاق المساجد الداعمة له والمتمردة على الدولة. ويكشف مهدي جمعة في الحوار الذي أجرته المجلة معه جملة الإجراءات التي اتخذها من لقائه للرباعي الراعي للحوار ورؤساء بعض الأحزاب السياسية، واجتماع مجلس الأمن الوطني بحضور الرؤساء الثلاث وتأبين الشهداء، وهو ما مثل حملا كبيرا خاصة بعد –حسب المجلة- أن انسحبت مكونات المشهد السياسي من المسؤولية تاركينها لجمعة، وبعد مغادرة رئيس الجمهورية منصف المرزوقي لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في سوسة اثر تأبين الشهداء، وهو ما جعله يعيش ضغطا كبيرا ونسقا هاما بأشرافه على اجتماعات خلية الأزمة. المجلة تتبعت رئيس الحكومة طوال الأيام التي تلت العملية الإرهابية وكيف تعامل معها رئيس الحكومة مع تتالي التصريحات السياسية والبيانات من مختلف وسائل الاعلام، و مع بدء تطبيق الإجراءات التي اتخذها جمعة في اجتماعاته في خلية الأزمة وخاصة إيقاف المؤسسات الإعلامية المحرضة على الإرهاب عن النشاط. وفي حواره كذلك يؤكد جمعة على أولوياته المقبلة في الفترة المتبقية له على رأس الحكومة وهي محاربة الإرهاب وإعادة الاقتصاد وانجاح الانتخابات. وقال جمعة في حوار ل"ليدرز" التي التقته في غرفة العمليات التابعة للجيش، أنه توجه إليها بعيد وقوع العملية الإرهابية، وهناك "تعلم مفهوم الجيش"، بعد عدة اجتماعات مع كبار الضباط، أين لاحظ وتعلم كيفية عمل الجيش، وكيفية تتواتر المعلومات وكيف تحلل، وكيف توجه إلى تعليمات وأوامر. وفي أول تصريح من نوعه يشير جمعة إلى أنه أحس في اليوم الثاني وبعد أن قرر تشكيل خلية الأزمة اثر حادثة الاعتداء على الجنود بالوحدة لأن لا أحد أعطى أهمية لهذه الفكرة، وأن الاتصالات حولها لم تكن في عمق موضوعها بلكانت موجهة أكثر لتفاصيلها غير المهمة، مضيفا أنها كانت لحظة أحس فيها بالفشل والإحباط، فالكل يحاول النجاة بنفسه، حتى تمر سحابة الصيف. وقال جمعة أنه في تلك اللحظات تصرف بسياسة وكرجل دولة واتخذ القرار بذلك، رغم أن الأمن والجيش ليسا من مهامه المباشرة في الدولة. وحول رحلته إلى تبسة بالجزائر قال رئيس الحكومة أن الرحلة نظمت في ظرف نصف ساعة بعد أن اتصل مباشرة برئيس الحكومة الجزائري عبد المالك سلال، وكان الاختيار على ولاية تبسة الجزائرية الحدودية في الجزائر والمحاذية للشعانبي لدلالتها الرمزية على الإرادة المشتركة لمحاربة الإرهاب، وأعرب لنا سلال والوفد مرافق له على المطالب التونسية وأن الجزائر بكل مجهودها تقف وراء تونس في محاربة الإرهاب. وأعرب جمعة في حواره ان ليبيا تبقى خطرا كبيرا على تونس وأمنها وأضاف قائلا ان "الذي يزيد من تعكير الوضع، أننا لا نعلم مع من نتحاور". وقال جمعة أنه لا توجد استقالات في الحكومة، خاصة وأن الفترة التي تبقت نظريا من عمرها هي 4 أشهر فقط، وأن الفريق الحكومي كاملا سيكمل مهمته، وسينظم الانتخابات في موعدها. من جهة أخرى، كشفت المجلة عن عمل مهدي جمعة على إحداث مؤسسات جديدة ، تعمل كخلايا تفكير للحكومة"Think tanks " تعمل على "تحديد رؤية مستقبلية واستراتيجية للبلاد" مضيفا أنه عندما كان وزيرا للصناعة ثم رئيسا للحكومة لم يجد من يحدد استراتيجية للتنمية وأو رؤية مستقبلية ثاقبة تعمل على تحديد حاجيات الدولة من مطلبات التنمية من برامج ومشاريع..، كما أكد جمعة على أنه يعمل على انشاء جهاز معلوماتي واتصالي يجمع بين مؤسسات الدولة لتسهيل اتخاذ القرار الحكومي صلب الدولة، وهو ما لم يجده عند دخوله القصبة. ويشير جمعة أنه لاحداث هذين المشروعين الكبيرين أنشأ فريق عمل يتكون من أبرز المختصين في الوزارات، يعملون مثل أكبر المختبرات في العالم وبنسق ومراحل وأهداف محددة. وقال جمعة أن المجموعة الأولى في هذين المشروعين ستعمل على تحديد رؤية عامة واستراتيجية عمل والمشاريع الضرورية لها، مضيفا أن تونس بين 2020 و2030 يجب أن تحقق تطورا كبيرا وأنه يجب علينا جميعا أن نعمل على أن يكون هذا الحلم حقيقة. وأضاف أن مجموعة العمل الثانية ستعمل على انجاز جهاز معلوماتي تدمج فيه كل المعطيات والمؤشرات الاجتماعية لمنح المساعدات والدعم والتعويضات لمستحقيه، وكذلك المعطيات المتعلقة بالتنظيم واتخاذ القرار. وقالت المجلة أن مهدي جمعة يحب كثيرا العمل مع هذين المجموعتين في مبنى الهيئة العامة لمراقبة المشاريع العمومية في منطقة البحيرة في الصباح أو في المساء عند عودته من القصبة. وختمت المجلة ملفها بالإشارة أن نتائج عمل جمعة سوف تتوضح في المستقبل مع تركها لملفات جيدة للحكومة المقبلة.