رغم أن المسألة بعيدة كل البعد عن عمليات زرع المخ التي يعشقها الشغوفون بالخيال العلمي، إلا أن العلماء قد اتخذوا خطوة واحدة في هذا الاتجاه، إذ قاموا بعزل جين رئيسي خاص بمخ الإنسان ثم زرعوه في فئران التجارب. وفي أول دراسة من نوعها تهدف إلى تقييم كيف يمكن أن يؤثر إضفاء الطابع البشري الجزئي على المخ وعلى الوظائف الإدراكية، قال العلماء: إن الفئران التي نُقل إليها الجين البشري المرتبط باللغة تعلّمت طرقا جديدة في البحث عن الغذاء وسط متاهات تجريبية على نحو أسرع من مثيلاتها من الفئران الطبيعية. ومن خلال عزل آثار جين بعينه تسلط هذه الدراسة الضوء على وظائفه وتشير إلى التغيرات الخاصة بالتطور التي أدت إلى خلق الإمكانات الفريدة للمخ البشري. وقد استعان العلماء في هذه الدراسة بمئات من فئران التجارب التي جرى تعديلها وراثيا لتحمل نسخة بشرية من الجين المسؤول عن اللغة والتخاطب. يشار إلى أنه في دراسة أجريت عام 2009، تكونت لدى فئران تجارب نقل إليها هذا الجين خلايا عصبية أكثر تعقيدا ودوائر اتصال في المخ أكثر كفاءة من غيرها. وبناء على هذه الدراسة فقد قام خبراء في علوم الأعصاب تحت إشراف كريستيان شريفايس وآن جريبيل من معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا بتدريب الفئران على البحث عن الشوكولاته وسط متاهة معملية. وكان أمام الفئران خياران الأول هو الاستعانة بعلامات إرشادية مثل أدوات المعامل والأثاث الذي يظهر من خلال المتاهة والثاني استشعار أرضية المتاهة والاستدلال على الطريق من خلالها. وقال العلماء في دورية الأكاديمية القومية للعلوم، إن الفئران التي تحمل الجين البشري استدلت على الطريق خلال 7 أيام، أما الفئران العادية فقد أتمت هذه المهمة في 11 يوما. إلا أن ما يبعث على الدهشة هو أنه عندما أزال العلماء جميع العلامات الإرشادية داخل حجرة المعمل -حتى تستدل الفئران على الطريق من خلال ملمس الأرضية فقط-تعادلت إمكانات الفئران ذات الجين البشري وتلك الطبيعية. ويعني ذلك أن الفئران ذات الجين البشري تميزت عن الطبيعية عندما تم توفير الأسلوبين معا. وقالت جريبيل إن ذلك يشير إلى أن الجين البشري أسهم في زيادة ما يعرف باسم المرونة الإدراكية المعرفية. وإذا كان هذا الجين البشري يجعل حاسة المرونة الإدراكية المعرفية تتنقل بين صور التعلم المختلفة، فقد يساعد ذلك في تفسير دوره في اللغة والتخاطب. (العرب اللندنية)