كان قرار إقامة كأس أوروبا للأمم في كرة القدم بالتناصف في دولتين من دول اوروبا الشرقية سياسيا بالدرجة الولي والهدف منه منح فرصة لدول شرق أوروبا لبناء منشآت رياضية وتنشيط عجلة الاقتصاد على اعتبار ان هذه الدول متخلفة شوطا كبيرا عن بقية دول غرب اوروبا وعندما اسند الاتحاد الاوروبي ثاني اهم بطولة عالمية بعد المونديال الى كل من بولندا واوكرانيا كان يدرك بان الرهان سيكون صعبا نظرا للمخاطر ومن بينها المسالة السياسية ومسالة حقوق الانسان في كلا البلدين ولم تكن الاصوات المنادية بمقاطعة البطولة لهذه الاسباب وحتى من الساسة مثل فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي المنتخب حديثا وانجيلا ميركل مفاجئة الا ان الاتحاد الاوروبي ورئيسه ميشال بلاتيني أصرا علي الرهان حتى اللحظة الاخيرة. الآن وقد مضي نحو أسبوع عن انطلاق البطولة ما الذي يمكن ان نستخلصه من خلال ما شاهدناه على الميدان في المدن المستضيفة للبطولة ؟ يبدو ان بلاتيني نجح في رهانه الخاص لان البطولة شكلت نجاحا جماهيريا كبيرا بعيدا عن بعض احداث العنف والتي تحدث في كل البطولات
شغف الساحرة المستديرة ألهب حماس الجماهير تختلف عادات وتقاليد شعوب العالم من دولة إلى أخرى، باختلاف المناطق والجهات الموجودة فيها، وطابع أناسها وخصوصياتهم، ما أضفى على ذلك تنوعاً كبيراً في أنماط الزي واللباس وطقوس الاحتفاء ببعض المناسبات التي تخص منطقة دون غيرها ، وتختلف هذه الطقوس والعادات وتتأثر حسب المعتقدات والموروثات الاجتماعية ، كذلك هي كرة القدم فقد تندرج خلفها العديد من العادات والتقاليد فقد أثبتت بطولة كأس الأمم الأوروبية التي تستضيفها أوكرانيا وبولونيا أنها ليست بمجرد بطولة رياضية يتنافس عليها لاعبون يمثلون ستة عشر دولة من مختلف بلدان القارة العجوز، بل ثبت أنها طريقة عيش ونمط حياة ، فلا يمكن أن نذكر كرة القدم دون ذكر الشغف ، فشغف الجماهير بمنتخبها الوطني المشارك في البطولة كان السمة الأبرز خلال ما مضى من مباريات الدور الأول حتى الآن . فعلى الرغم من دعوات العديد من السياسيين الأوروبيين الذين أعلنوا مقاطعتهم لبطولة كأس الأمم الأوربية 2012 أبرزهم رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ، ومفوضة الاتحاد الأوروبي لشئون الرياضة أندرولا فاسيليو ، و المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل احتجاجاً منهم على اعتقال رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو ، والتي حُكم عليها بالسجن سبعة أعوام بتهمة استغلال السلطة، في قضية وصفها المجتمع الدولي بأنها سياسية فقد توافد الآلاف من مشجعي المنتخبات المشاركة في البطولة منذ اليوم الأول على الدولتين المنظمتين من أجل حضور مباريات فرقهم في البطولة العالمية الأهم بعد بطولة كأس العالم. ويزدان الحضور الجماهيري يوماً بعد يوم حيث تتواصل الجموع الحاشدة تواجدها في مختلف مدرجات ملاعب البطولة ، إذ أصبحت البطولة محطّ اهتمام الجماهير الغفيرة وتم رفع سقف المتعة والإثارة إلى أعلى درجة ممكنة ، حيث تكاد أن تتوقف الحركة بشكل كلي في شوارع أوكرانيا وبولونيا كلما عادت إلى الواجهة إحدى مباريات الأورو. ومما لا شك فيه فإن جماهير كرة القدم تعتبر هي اللاعب رقم 12 في منظومة كرة القدم ، لما لها من إمكانية تشجيع وتحميس وشحذ همم اللاعبين حتى يحققوا الانتصارات لبلدانهم ؛ وذلك لأن الجمهور يشكل جزءاً لا يتجزأ من عالم المستديرة الساحرة وتفاعله مع المباريات يعطي للمباراة جمالية خاصة .
لوحة فنية بإمضاء الجماهير ولعل ما قاله الكاتب الأمريكي الساخر الشهير مارك توين في روايته الشهيرة "الغريب الغامض" بأن "التعقّل والسعادة هما مزيج مستحيل" ينطبق جلياً على الأجواء التي تصاحب بطولة كأس الأمم الأوروبية ؛ وذلك لأن التقاليع التي تقدم عليها الجماهير يعد بعضها ضرباً من الجنون والغرابة فيما تميز العديد منها بالطرافة والأحداث المرحة. فشغف جماهير كرة القدم الأوروبية لا مثيل له حيث تختلف عادات وتقاليد شعوب العالم من دولة إلى أخرى، باختلاف المناطق والجهات الموجودة فيها، وطابع أناسها وخصوصياتهم فلم تعد المتعة تثير وهجاً براقاً وحضوراً ساحراً في ملاعب البطولة فحسب ، بل إن ذلك انتقل إلى مدرجات الملاعب .
فقد رصدتعدسات الكاميرات صوراً لمشجعي كرة القدم المرتدين لملابس تحمل الألوان المختلفة والزاهية والغريبة التي تبدو لافتة للنظر، ومنها ما تحمل ألوان أعلام بلدان المشجعين المؤازرين لبلادهم، كما أصبح للوجه سمة خاصة في هذه البطولات لما يحمله من رسومات وألوان وابتكارات ، فضلاً عن قصات الشعر الغريبة والخارجة عن نطاق المألوف . ولم تخص هذه الاحتفالات منتخباً معيناً ، فقد كانت البسمة مرسومة على محيا جماهير المشجعين ، إلا أن المشجعين الروس كان لهم نصيب الأسد من هذه الاحتفالات فقد أقدم أحد المشجعين على كتابة كلمة "روسيا" على رأسه من الخلف ، فيما اشتهر مشجعي المنتخب البولندي بالضحكة والشعر الملون بلون علمهم إذ جاءت غالبية وجوه المشجعين برسومات تحمل حبهم لوطنهم. وفي غضون ذلك ، لم تقتصر الفرحة على المنتخبات المشاركة فقد دفعت حالة الإحباط التي تسيطر على الجماهير البلجيكية بسبب عدم مشاركة منتخب بلادها في البطولة إلى قيام مجموعة من المشجعين لعرض أنفسهم ل "البيع" لمؤازرة أحد المنتخبات المشاركة في اليورو، خاصة المنتخب الهولندي، مقابل حفنة من الأموال. عشق الكرة تجاوز حدود العقل وفي خضم هذا العرس الكروي الكبير فقد تجاوز عشق كرة القدم أحياناً حدود العقل والمنطق حيث وصل جنون كرة القدم ببعض الأشخاص إلى فعل أشياء غريبة وخارجة عن المألوف يصعب تفسيرها لمن لا يهواها ، حيث قامت مشجعة كرواتية بالكشف عن نهديها خلال الاحتفال بفوز بلادها على جمهورية ايرلندا 3-1 ، لكن هذا العمل الغير أخلاقي قد أغضب وزارة الثقافة حيث تعمل ميكاسا كاتبة ، إذ ذكرت ناتشا بيترينياك المتحدثة باسم الوزارة بأن الشابة قد تعاقب لكسر قواعد السلوك لموظفي القطاع العام ، مشيرةً إلى أن الوزارة يجب عليها الرد لأن موظفة في القطاع العام يجب أن تتصرف وفقاً للقانون ، في حين قالت ناتاشا لصحيفة فيسيرني لست اليومية: " أنا لست نادمة على أي شيء ، بالنسبة لي الأهم هو كيف لعب منتخب بلادي". من جانبه يواجه مشجع كرة قدم بوبوني عقوبة دفع غرامة تصل إلى 500 زلوتي (145 دولار) بسبب قيامه برمي جهاز التلفزيون من نافذة منزله عقب تسجيل المنتخب الروسي هدف التقدم في شباك بولونيا الثلاثاء في مباراة الفريقين. وأشارت قناة "تي في ان24" التليفزيونية البولونية أن الرجل الذي يسكن بمنطقة سوسنوفيتش جنوب بولندا قام برمي جهاز التلفزيون من نافذة شقته بالدور الثالث عندما تقدم المنتخب الروسي أمام نظيره البولندي. وذكرت الشرطة أنه لم يقع أي إصابات إثر سقوط التلفزيون إلى الأرض من الدور الثالث وأضافت أن الرجل كانت تحت تأثير المشروبات الكحولية. وبعيداً عن أوروبا وبالتحديد في شرق آسيا ، فقد ألقت الشرطة الفيتنامية القبض على شخص قتل وسرق أحد أصدقائه بغرض تسديد دين مستحق عليه عقب قيامه بالمراهنة على مباراة إسبانيا وإيطاليا. واعترف تران مانه لوان، الذي شارك في مراهنة على فوز إسبانيا باللقاء الذي انتهى بالتعادل أمام إيطاليا، بارتكاب جريمة القتل الأمر الذي يواجه على إثره عقوبة الإعدام، حسبما ذكر مسؤول بالشرطة المحلية بجنوبي فيتنام . وقام لوان برهن الدراجة النارية التي كانت بحوزته حتى يدفع قيمة المراهنة التي بلغت مليون دونج (48 دولارا أو 38 أورو) بعد انتهاء المباراة بالتعادل بين الفريقين ، ولدى عودة الجاني إلى منزله، نشب نزاع مع أسرته لقيامه ببيع الدراجة النارية المملوكة للعائلة وطلب لوان من أحد أصدقائه استضافته في منزله وخلال الليل طعنه وسرق ثلاثة ملايين دونج (145 دولارا أو 116 يورو).