صفاقس إشكاليات الكازينو محور جلسة بالولاية    أمطار الليلة بهذه المناطق..    إيقاف 3 مروّجين بحوزتهم كمية من الكوكايين..    غدا 140 ألفا و213 مترشحا للدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا    مصر.. مصرع شخصين وإصابة 4 آخرين في انهيار عقار    وزارة النقل.. استعدادات للمساهمة في انجاح الامتحانات الوطنية    التعاون الصحي بين تونس ومصر محور لقاءات ثنائية بين وزير الصحة ونظيره المصري    تقديرات صابة الحبوب للموسم 2023 / 2024 ستكون دون المتوسط مقارنة بالمعدلات العادية    رئيس الجمهورية يهتم بمشروع تنقيح عدد من فصول المجلة التجارية المتعلقة بنظام التعامل بالشيك    سليانة: السيطرة على حريق نشب بأرض زراعية بالكريب    البرلمان السلوفيني يصوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين    وفد من حماس يصل اليوم إلى مصر لبحث مقترح وقف النار في غزة    تصفيات مونديال 2026 - المنتخب التونسي من اجل الفوز الثالث على التوالي والمحافظة على الصدارة    رولان غاروس: انس جابر تودع البطولة بخسارتها امام الامريكية كوكو غوف 1-2    نجم المتلوي يطالب بطاقم تحكيم اجنبي واستعمال الفار في لقائه ضد مستقبل سليمان    سيول .. رئيس الحكومة يلتقي رئيس موريتانيا    تأخير النظر في القضية المرفوعة ضدّ البحيري مع رفض الإفراج عنه    إصدار سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية حول النظم الغذائية المبتكرة    وزارة التعليم العالي تخصص منحا جامعية للدراسة بفرنسا وألمانيا والمعهد التحضيري للدراسات العلمية والتقنية بتونس لفائدة المتفوقين في بكالوريا 2024    الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف: مشاركة 4 أفلام تونسية 2 منها في المسابقة الرسمية    تونس الثقافة والأدب والموسيقى تشع في الصين من خلال زيارة رئيس الجمهورية    في ندوة حول الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي: "ما يُنتجه الذكاء الاصطناعي يشرّع لانتهاك حقوق التأليف"    الاستعداد للحج .. "شوق" وعادات وفيه "منافع للناس"    حصة تونس السنوية من صيد التن الاحمر تقدّر ب3 آلاف طن    وزير الشباب والرياضة يعلق على أحداث الدربي: وصلنا للقاع    منزل منصف المرزوقي بالقنطاوي يتعرض للسرقة    عمال الحضائر دون 45 سنة يطالبون رئيس الدولة بالتدخّل العاجل لحل الملف    عاجل/ الإحتلال يوقّع صفقة مع أمريكا لشراء 25 طائرة "آف 35"    المدينة المنوّرة تسجل ثالث أعلى درجة حرارة على وجه الأرض الاثنين    تفاصيل الدورة 48 لمهرجان دقة الدولي: انماط متنوّعة في دورة التأكيد    ديوكوفيتش ينسحب من فرنسا المفتوحة للتنس بسبب إصابة في الركبة    عاجل/ إعلان سعر الأضاحي بشركة اللحوم وموعد انطلاق البيع    قابس : منهم فتاة ...القبض على 3 أشخاص متهمون بترويج المخدرات    سبيطلة: حجر البرد يتسبب في أضرار لمختلف الزراعات في منطقة الشرايع    هذا موعد رصد هلال شهر ذو الحجة    جريمة بشعة: الأم والأبناء يقتلون الأب ويدفنونه في جدار منذ 6 سنوات!!    4 نصائح لمحبي اللحوم    كرة اليد: طارق بن علي مديرا فنيّا مؤقّتا للجامعة    عاجل/ هذا موعد رصد هلال ذو الحجة..    مُشاركة 4 أفلام تونسية في الدورة 19 للمهرجان الدولي للفيلم الشرقي بجنيف    اتّجاه نحو مراقبة مشدّدة على المشاريع ذات الكلفة العالية    درّة زرّوق تطلق علامة أزياء مستوحاة من جدّتها    إصابة 3 ركاب في انزلاق سيارة أجنبي بزغوان    رئيس الحكومة يلقي كلمة تونس في افتتاح أشغال القمة الأولى الكورية الافريقية    عاجل : اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور    مجلس النواب: انطلاق أشغال الجلسة العامة للنظر في مقترح القانون عدد 30 لسنة 2023    الرئيس المدير العام لشركة اللحوم يفجرها ويكشف ما فعله "القشارة" بأضاحي العيد..    عاجل : راصد الزلازل الهولندي يحذر من زلزال قوي في هذه الفترة    "كاف" يعلن مواعيد انطلاق النسخة الجديدة لمسابقتي رابطة الأبطال والكونفدرالية    في المعهد العالي للفنون والحرف بتطاوين ...7 آلاف كتاب هبة لمكتبة المعهد    اكتشاف سلالة شديدة العدوى من إنفلونزا الطيور في أستراليا    منها مخزون المياه بالسدود: هذه محاور لقاء رئيس الجمهورية بوزير الفلاحة    صواريخ حزب الله تحرق "كريات شمونة"    رسميا.. جوائز "الأفضل" في دوري أبطال أوروبا    مدرسة الصفايا بالسعيدة والقضية الفلسطينية ... إبداعات تلمذية ومبادرات تنشيطية    بيت الحكمة يُصدر كتابا بعنوان "رحلة اليوسي" لمحمّد العيّاشي بن الحسن اليوسي عن تحقيق الباحث التونسي أحمد الباهي    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سياسيون في النزل وفقراء في الجحيم : نصف مليون تونسي يعيشون بدينار في اليوم !
نشر في الصباح نيوز يوم 20 - 10 - 2014

دأب أغلب السياسيين و الحقوقيين في الثلاث سنوات الماضية على عقد ندوات فاخرة في النزل الفخمة، ندوات مواضيعها ذات خصوصية و تكاليفها بالملايين يحضرها مشاهير السياسة والاقتصاد وتتهافت عليها وسائل الإعلام المحلية والأجنبية لتغطية فعالياتها ورصد كواليسها ونقل التصريحات المتنوعة التي تشجب وتندّد وتؤيد وتقدّم أحيانا التصورات والحلول.. بين جدران نزل الخمس نجوم يكون الفقراء و المهمّشون محور لقاء هذا الحشد من النخبة، يتبادلون الأفكار ..يحللون .. يقترحون ويحتد النقاش أحيانا حول العدالة الاجتماعية والتنمية الجهوية والمسحوقين و المهمّشين والمحرومين والجياع والحفاة والفقراء والريفيات المنسيات ممن يسرن آلاف الكيلومترات لجلب الحطب والماء على ظهورهن وتلاميذ المناطق الحدودية والجبلية والقرى المعزولة من الذين يقطعون يوميا عشرات الكيلومترات للوصول إلى مدرسة نائية أسفل سفح أحد الجبال مدرسة تفتقر للماء الصالح للشراب واليوم أصبحت مهجورة حتى من المعلمين.
صمتا ..إنهم يتحدثون عن الفقر
يتحدّث الجميع بحماس ويتجادلون بصوت عال ،ثم يحتسون القهوة في فترة الاستراحة وأحيانا يتناولون الغداء في النزل طبعا نزل الخمس نجوم- وتنتهي الندوة بتوصيات يحبرها مقرّر الجلسة دون أن يعلم الحضور إلى من ستصل هذه التوصيات يا ترى؟يغادر الجميع قاعة المؤتمرات بالنزل الفخم ويمتطون سياراتهم ويعودون إلى فيلاتهم وشققهم الفخمة في أحياء و ضواحي تونس الراقية..ويبقى الفقراء في فقرهم ! هذه الصورة الميلودرامية ليست ضربا من الخيال أو توصيفا يستبطن تجنّيا على النخبة السياسية والحقوقية بل هو نقل لتفاصيل ووقائع عايشناها في عديد الندوات ،التي خطفت الأضواء بمواضيع بات من المحبّذ للجميع الحديث عنها والخوض في تفاصيلها المؤلمة التي يتناقلها الإعلام بحماس لتحقيق نسب مشاهدة عالية من أؤلئك المتلذذين بآلام الآخرين.
الثورة كشفت المستور
عندما أراد الرئيس المخلوع كسب تعاطف العامة بداية التسعينات لم يجد أفضل من دشرة «أولاد بوغانم « من معتمدية فوسانة بولاية القصرين ،تلك القرية النائية وغير المصنّفة جغرافيا على الخريطة والتي تجشّم المخلوع عناء الوصول إليها باستعمال مروحية عسكرية ،صورة المخلوع وهو يفك العزلة عن المنسيين ضللت الرأي العام الذي تعاطف حينها معه،ولتنطلي عليه بذلك أكبر عملية تحيّل في تاريخ تونس الحديث ، صندوق التضامن 26-26 الذي تمعّش منه المخلوع وحاشيته ..لنصدم بعد سقوط النظام في 14 جانفي بخمس التونسيين هم من الفقراء ! وباعتبار أن الثورة التونسية في معاقلها الأولى انطلقت من ولايات الظل ،ومن معتمديات الفقر والتهميش ومن أحياء ومناطق الحرمان والاحتياج خلنا أن نجاحها هو انحياز للفقراء وانصاف للمهمشين.. ولكن تبخرت الأمنيات ونحن نرى كيف تحوّلت أحلام الفقراء البسيطة إلى مادة إعلامية سخية تتاجر بعذابات المنسيين وكيف اتخذتها الأحزاب كذريعة لاستقطاب الناخبين واكتفت بجعلها مجرّد شعارات انتخابية جوفاء. وحتى بعد استقرار الأوضاع السياسية إلى حدّ ما بعد انتخابات المجلس التأسيسي ،لم تبادر لا حكومتا الترويكا الأولى والثانية ولا حكومة «التكنوقراط» إلى إيجاد الحلول الجذرية لنسبة فقر بلغت 15.7 بالمائة حسب ما أكده مدير عام المعهد الوطني للإحصاء خلال جلسة استماع صلب لجنة الإصلاح الإداري و مكافحة الفساد في المجلس الوطني التأسيسي بتاريخ 20 نوفمبر 2013.. لكن أخطر ما قاله رئيس معهد الإحصاء وقتها أن نسبة الفقر المدقع بلغت 4.6 بالمائة ،نسبة مفزعة وصادمة.
لا يملكون ثمن الرغيف..
الفقر المدقع ، حالة اجتماعية قاسية ومؤلمة ،حالة تفقد فيها الحياة كل معانيها وتتحوّل إلى جحيم يومي للفاقة والعوز والكفاف ،وهذه الحالة تقترن عادة حسب الخبراء بآفات اجتماعية أخرى كسوء التغذية والأمراض يستغلها اليوم السياسيون في حملتهم الانتخابية. وارتفاع مستوى الوفيات من الأطفال ومن الحياة المهددة بالجهل وسوء التغذية والمرض وارتفاع مستوى وفيات أطفالنا التي بلغت في تونس حسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء بالنسبة للرضع نسبة 24.6 بالمائة في الألف ولادة ونسبة 26.4 بالمائة في الألف كذلك بالنسبة للأطفال الذين هم دون سن الخامسة،كما أن 2 بالمائة من أطفال تونس يعانون من نقص الوزن و10 بالمائة من التقزّم و3 بالمائة من الهزال وجميع هذه «الأمراض « مقترنة عادة بسوء التغذية، باحتساب عدد السكان الذي أعلنه المعهد الوطني للإحصاء مؤخرا وهو في حدود 10.982.754 ساكنا .إن نسبة ال4.6 بالمائة من التونسيين الذين يعانون الفقر المدقع ،سيفوق عددهم حسابيا 505 ألف تونسي مع الإشارة إلى أن هناك قصورا في الاحصائيات الرسمية التي قدّمها معهد الإحصاء،حيث أنه تحدّث عن عدد السكان وليس عن عدد التونسيين. لكن المؤشرات تشير إلى أن أكثر من نصف مليون تونسي هم تحت خط الفقر باعتبار فقرهم المدقع يتمثّل في العجز عن توفير الحاجيات الضرورية من المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن ،وعالميا حدّد دخل الفرد الذي يعاني من الفقر المدقع بأقل من دولار واحد في اليوم و إذا قمنا بمقارنة ذلك بالوضع في تونس فإن دخل الفرد لن يتجاوز دينارا وفي أقصى الحالات دينارا و نصفا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.