تبدأ اليوم فعاليات المؤتمر الدولي الثاني المعني للتغذية في العاصمة الإيطالية روما والذي سيعقد من 19 حتى 21 من نوفمبر بحضور كبار صناع السياسات في مجالات الزراعة والصحة ومندوبي الوزارات ومنظمات المجتمع المدني. وفي ما يلي مقال رأي ل "جوزيه غرازيانو دا سليفا" المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة أرسله لل"الصباح نيوز". الآن هو الوقت المناسب لمعالجة سوء التغذية وآثارها المكلفة على البشرية تؤثر آفة سوء التغذية على أشد الفئات ضعفا في المجتمع فتزداد أضرارها بشكل أكبر في المراحل العمرية المبكرة. ويشهد العالم اليوم أكثر من 800 مليون شخص يعانون من الجوع المزمن أي حوالي 11 % من سكان العالم. فسوء التغذية يعد السبب الكامن وراء ما يقرب من نصف مجموع وفيات الأطفال، كما أنه يتسبب في إصابة ربع الأطفال بالتقزم نتيجة عدم كفاية التغذية. هذا إلى جانب النقص في المغذيات الدقيقة – بسبب الوجبات الغذائية التي تفتقر إلى الفيتامينات والمعادن، والذى يعرف باسم '' الجوع الخفي '' – ويؤثر على حوالي 2 بليون شخص. شكل آخر من أشكال سوء التغذية يتمثل في البدانة التي تزداد معدلات انتشارها بشكل كبير، حيث يعاني أكثر من 500 مليون من البالغين من السمنة المفرطة نتيجة للوجبات الغذائية التي تحتوي على الدهون الزائدة والسكريات والملح. مما يعرض الناس لخطر أكبر وهو الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري والسرطان والتي تعد أكثر أسباب الوفاة انتشارا في العالم. تواجه كثير من الدول النامية أعباء متعددة بسبب سوء التغذية، فداخل المجتمع الواحد بل وفي بعض الحالات داخل الأسرة الواحدة، يعاني الأفراد من جميع أشكال سوء التغذية، نقص التغذية والجوع الخفي والسمنة. وإلى جانب المعاناة الإنسانية الرهيبة، تؤثر النظم الغذائية غير الصحية على قدرة البلدان على النمو والازدهار، حيث تقدر تكلفة سوء التغذية، بجميع أشكالها, بنسبة 4 إلى 5 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. سيجتمع رؤساء الحكومات والعلماء وخبراء التغذية والمزارعون وممثلو المجتمع المدني والقطاع الخاص من مختلف أنحاء العالم في العاصمة الإيطالية، روما من 19 إلى 21 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري لعقد المؤتمر الدولي الثاني حول التغذية (ICN2). إنها فرصة لا ينبغي اضاعتها : لجعل حق الشعوب في الحصول على وجبات غذائية صحية حقيقة واقعة عالمياً. النظم الغذائية الحالية غير مستدامة وغير صحية إنشاء نظم غذائية صحية ومستدامة هو المفتاح للتغلب على سوء التغذية بجميع أشكاله، من الجوع إلى السمنة. فقد تضاعف إنتاج الغذاء ثلاث مرات منذ عام 1945، في حين ارتفع متوسط توافر الغذاء للفرد الواحد بنسبة 40 % فقط كما نجحت النظم الغذائية لدينا في زيادة الإنتاج. لكن هذه الجهود قوبلت بتكلفة بيئية عالية لتصبح غير كافية للقضاء على الجوع. في الوقت نفسه، تطورت النظم الغذائية بشكل أدى إلى زيادة توافر الأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية عالية ودهون وسكريات وملح. النظم الغذائية لدينا هي ببساطة غير قابلة للاستمرار أو غير صحية اليوم، فما بالك في عام 2050، عندما سيتعين علينا إطعام أكثر من 9 مليارات نسمة. نحن بحاجة إلى إنتاج المزيد من الغذاء ولكن أيضا الطعام المغذي والقيام بذلك بطرق تحافظ على قدرة الأجيال المقبلة على إطعام أنفسهم. ببساطة: نحن بحاجة إلى نظم غذائية صحية ومستدامة تنتج التوازن الصحيح للأطعمة، من حيث الكمية والنوعية الكافية، وبحيث تكون في متناول الجميع إذا أردنا أن يعيشوا حياة صحية ومنتجة ومستدامة. خطة التنفيذ استعدادا للمؤتمر الدولي الثاني حول التغذية (ICN2)، اتفقت البلدان على إعلان سياسي وإطار عمل لحل مشكلات التغذية , وهو ما يشمل توصيات عملية لتطوير السياسات العامة فيما يخص الزراعة، والتجارة، والحماية الاجتماعية والتعليم والصحة لتعزيز النظم الغذائية الصحية وتحسين التغذية في جميع مراحل الحياة . يزود إطار العمل الحكومات بخطة لتطوير وتنفيذ السياسات والاستثمارات الوطنية في مختلف مراحل السلسلة الغذائية لضمان وجبات صحية ومتنوعة ومتوازنة للجميع. كما تشمل تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي خاصة من خلال مزارع الأسرة وصغار المنتجين وربطها بالوجبات المدرسية وذلك للحد من الدهون والسكريات والملح في الأغذية المصنعة. فإن وجود مدارس ومؤسسات عامة تقدم وجبات صحية؛ يحمي الأطفال من الأغذية غير الصحية والمشروبات والسماح للناس باتخاذ خيارات مدروسة بشأن ما يأكلون. وفي الوقت نفسه يجب على وزارات الصحة والزراعة والتعليم في الحكومات أن تأخذ زمام المبادرة لحل مشكلات التغذية لأن هذه المهمة تتطلب من الجميع المشاركة في إنتاج وتوزيع وبيع المواد الغذائية. ويقترح إطار العمل للمؤتمر الدولي الثاني حول التغذية (ICN2) أهمية زيادة الاستثمارات لضمان حصول الجميع على نظم غذائية فعالة مثل حماية وتشجيع ودعم الرضاعة الطبيعية، وزيادة المغذيات المتاحة للأمهات. تستطيع البلدان أن تبدأ تنفيذ هذه الإجراءات من الآن. وتتمثل الخطوة الأولى في وضع أهداف وطنية للتغذية وذلك لتنفيذ المتفق عليه بالفعل من الأهداف العالمية، على النحو المبين في إطار العمل. عقد مؤتمر(ICN2) هو الوقت المناسب والمكان المناسب لإقرار هذه الالتزامات. منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية على استعداد لمساعدة البلدان في هذا الجهد من خلال تحويل الالتزام إلى خطوات تنفيذية والتعاون بشكل أكثر فعالية مع بعضها البعض ومع غيرهم من أصحاب المصلحة، فإن العالم لديه فرصة حقيقية لإنهاء أعباء متعددة تنتج عن سوء التغذية بجميع أشكالها.