انتظمت عشيّة اليوم بقصر الحكومة بالقصبة ندوة صحفيّة مشتركة أشرف عليها كل من وزير الاقتصاد والمالية حكيم بن حمودة ومحافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري اللذين قدّما ايضاحات حول القرض الرّقاعي الممنوح لتونس بقيمة 500 مليون دولار بما يعادل مليار دينار تونسي بنسبة فائض تناهز 5.75 بالمائة. وأوضح محافظ البنك المركزي الشاذلي العيّاري أن الفائض غير مبالغ فيه وليس فيه مغالاة وهو طبيعيّ جدّا بالنظر إلى المعاملات في الأسواق المالية العالمية ذات العلاقة وأن البنك المركزي والحكومة التونسيّة متحكمان في الدين الوطني وأن هذا القرض يأتي في إطار إدارة الاقتصاد التونسي وتمويل الحياة الاقتصادية وأرجع المحافظ أسباب اللجوء إلى القرض ارتفاع نسبة الدعم بقيمة 5 آلاف مليار من المليمات وضعف نسبة الادخار التي لم تتجاوز نسبة 13 بالمائة من الناتج الداخلي الخام إلى جانب الضغط على المالية العمومية خاصة في ضوء توفير 800 مليون دينار شهريا لتغطية أجور 800 ألف موظف عمومي في البلاد. وأفاد الشاذلي العيّاري أن عمليّة الاعداد للحصول على القرض انطلقت منذ شهر جوان بتنسيق بين البنك المركزي وكل من وزارة المالية وبإشراف مباشر من رئيس الحكومة مهدي جمعة، مؤكدا أن الردّ كان إيجابيّا وأكبر من حجم الطموحات واعتبر أنه من المفاجآت السارّة وغير المتوقعة أنّه تمّ عرض 4.5 مليار دولار بدلا من 500 مليون دولار التي طلبتها تونس زيادة على تمتّع بلادنا بمدّة تتخطى 10 سنوات وتنطلق من سنة 2025 كموعد للبدء في إرجاع القرض. وأضاف محافظ البنك المركزي التونسي أنه بإمكاننا تعبئة موارد الميزانيّة التي تشكو عجزا يراوح 30 في المائة من خلال الضغط على المصاريف والتحكّم في التداين الداخلي وترشيد الدين الخارجي وخاصّة تكثيف الانتاج والنهوض بمستوى الصادرات في مقابل تقليص مستوى الواردات منتهيا إلى التأكيد على أنّ مصادر التمويل الدولية هي ذاتها الأطراف التي تتعامل معها تونس منذ الاستقلال سواء لتمويل المشاريع الاستثماريّة أو لتغطية العجز في الميزانيّة. من ناحيته كشف وزير المالية السيّد حكيم بن حمودة أن بلادنا بعد تقديمها لطلبات عروض بقيمة 500 مليون دولار في شكل سندات وبنسبة فائض تناهز 5.75 بالمائة تلقّت طلبات عروض من 277 مستثمر بقيمة 4.3 مليار دولار وأنّ 10 من أهمّ المستثمرين في العالم وضعوا ثقتهم في بلادنا وأقرّوا العمل بسندات الدولة التونسيّة معتبرا ذلك أكبر من حجم التوقعات ويعكس الثقة الكبيرة للبلدان والمؤسّسات الدوليّة والجهات الاستثماريّة في تونس التي قال الوزير أنّ أسبابها ترجع إلى نجاح الاستحقاقات الانتخابيّة والتحسّن في المناخ الأمني والتقدّم في ملفّ الإرهاب وبالنظر للمجهودات التي قامت بها حكومة مهدي جمعة على جميع الأصعدة وفي شتى القطاعات. وذكّر الوزير بالإطار العام الذي سبق عمليّة الحصول على القرض الرقاعي، مشيرا بالخصوص إلى الاهتمام الكبير الذي حظي به قطاع المالية العموميّة من قبل حكومة مهدي جمعة نظرا للعجز المسجّل به وشرح في الأثناء الاستراتجيّة التي اعتمدتها الحكومة للتعاطي مع عجز المالية العموميّة والمتمثلة في ثلاثة أولويّات كبرى هي إيجاد الآليات الكفيلة بالحدّ من العجز وتعبئة الموارد خاصّة الداخلية وذلك بمقاومة التهريب والتهرّل الجبائي والقضاء على الأسواق الموازية إلى جانب تنويع مصادر التمويل حتى لا تقتصر على التمويل من الاقتراض الداخلي وادخال مسألة الصكوك التي أقرّت في 2011 إضافة إلى الخروج للأسواق العالمية والعودة للأسواق المالية في 2014. واعتبر الوزير أنّ عرض سندات استثمار بقيمة تتجاوز 9 مرّات الطلب الذي قدّمته تونس تعدّ مسألة هامّة وناجعة بكلّ المقاييس وتترجم ثقة البلدان والمؤسّسات الدولية والمستثمرين الخواص في العالم في الوجهة التونسيّة واطمئنان على مستقبل تونس وتجربتها.