لقد شاهدنا يوم مقابلة تونس مع انقلترا جيلا من اللاعبين التونسيين الدوليين الذين يلعبون كمحترفين في مختلف البطولات الأوروبية والعربية ويكسبون ما شاء الله من الأموال الخيالية وتتهافت على معرفة اخبارهم واحوالهم مختلف وسائل الأعلام الوطنية والخارجية وقد كنا نظن انهم كرويا في المستوى المطلوب زفي المقام الرفيع المرغوب واذا بنا نراهم ينحنون امام منافسهم العملاق ويؤثرون التراجع وما يشبه الهروب او الانغلاق وقد صدق فيهم والله ذلك البيت الذي حفظناه في كتب الأدب اب عن جد (القاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صولة الاسد) فهؤلاء الملقبون عندنا بالنجوم الساطعة اللامعة لم نجد في اقدامهم حتى مجرد فوانس صغيرة من الدرجة العاشرة اوالثامن اوحتى التاسعة ولقد تذكر الكثيرون من كبار التونسيين بعد تلك المقابلة الضعيفة الهزيلة والتي باتت تونس بعدها ليلتها حزينة كئيبة على الضحضاح والتي ظهر فيها الفريق التونسي وكانه فريق من الأوراق بل من الاشباح قلت قد تذكر التونسيون من كبارالسن والأعمار ابطالا ونجوما حقيقيين برزوا وابدعوا في جيل السبعينات ومتعوا وشرفوا التونسيين في اعسر واصعب واهم المقابلات من امثال عتوقة والعقربي وطارق وتميم وذويب وغيرهم من اصحاب الفنيات والابداعات ولكن لسائل ان يسال عن الفارق الذي ميز ذلك الجيل الجميل عن لاعبي هذا الجيل الهزيل العليل؟ لا شك عندي ان الجواب الأقرب الى الصواب هو ان يقول القائلون ان نوعية التربية والتكوين في ذلك الزمن الماضي الجميل كانت مختلفة عن تربية وتكوين هذا الجيل بالجملة وبالتفصيل فاساس التربية وعمادها فيه ذلك الجيل كان الانضباط والنظام والاجتهاد الحقيقي والصبر الضروري على التكوين والتحصيل الطويل وتجنب كل مظاهر الانحلال والتسيب والفساد والدلال والتدليل عملا تلك الحكمة المعروفة على مدى الأجيال (الدلال ما يخلف كان الهبال) لكن نقول مع الأسف الشديد ان كل مظاهر الفساد والدلال قد انتشرت منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة تقريبا في كل انحاء هذه البلاد فاغلب شبابنا اليوم من الشمال الى الجنوب ومن الجنوب الى الشمال ان لم نقل كلهم قد اصبحوا بلا شك وبلا جدال زاهدين في ماكولاتنا ومشروباتنا التاريخية وغيرها من عاداتنا وتقاليدنا الوطنية وقد تعلقوا في المقابل لذلك تعلقا شديدا بكل مفاتن وإغراءات مستوردات مظاهر الحياة الدخيلة الغربية وكانهم متاثرون وعاملون بقول المارشال رحمه الله في تلك المسرحية ( ياخي هك يدنوا البلدية؟) فهل مازلنا نسمع من شبابنا من مازال يفكر ويسعى ويستعد الى النهوض باكرا وتجنب كثرة وطول السهر وبلوى طول تشغيل الهاتف الجوال في كل لحظة وفي كل حال وعادة اكل البسيسة وشرب زيت الزيتونة في الفجر وبعد السحر على الخواء في الصباح المنصوح به في كل علاج؟ ام اصبحنا نراهم ينامون الى الظهيرة ثم يسارعون الى المقاهي لشرب القهوة السريعة واكل الكرواسون ثم غزو المطاعم لتناول الكسكروت او السندويتش او ربع دجاج ؟الم يقعوا حقا وفعلا في ما حذر منه حكماؤنا منذ قديم الزمان وفي سالف السنوات والأعوام عندما قالوا وعبروا وسطروا(اضاعوا خطوتهم لما ارادوا ان يتبعوا خطوات الحمام)؟ وانني ارى وانني اقول صراحة وجهارا وبالطول والعرض وبالعرض والطول ان كل فشل اصاب ويصيب عاجلا واجلا شبابنا وبلادنا وغيرها من البلاد العربية الاسلامية سببه الأول والاخير المعروف او المجهول هو التخلي عن تكويننا الموروث وتربيتنا القديمة الزمنية الأصيلة واضاعتنا لما ثبت عندنا وافادنا سابقا من الدال والمدلول وارتماؤنا بوعي منا او بلاوعي في وسائل وبرامج و مظاهر تكوينية وتربوية غريبة عجيبة دخيلة مجنونة هستيرية اضعنا بها البوصلة وفقدنا بها الطريق وجهلنا بها معالم الثنية فهل سناخذ الدرس مما وقع لشبابنا من الخيبات المتواصلة في واقعهم الحالي المعيش وما حصل لهم في هذه المسابقة العالمية من الخيبة ومن الفشل؟ ام ستظل الأمور باقية على حالها كما ظلت على حالها من قبل دار لقمان التاريخية؟والتي اشك ان هناك من شباب الكرواسون والبورتابل اليوم من يعرفون تاريخ هذه الدار ولماذا ضرب بها المثل في الثبات والشموخ والاستقرار؟