ما حصل في حزب العمال مؤخرا ليس بجديد بل هو يعكس قناعة كاملة لدى قيادات أو زعامات الأحزاب في تونس فكلهم بلا استثناء تقريبا يؤمنون بالديمقراطية كشعارات وجمل فضفاضة لكن عندما يوضعون على المحك كما يقال أي أن يطبقوها في احزابهم تظهر التبريرات والتفسيرات من قبيل الوضع لا يسمح والمرحلة تقتضي أما ماذا تقتضي فهي بقاء الزعيم والا فان الحزب سيضيع وينهار وهي نفس العقلية التي صنعت الديكتاتوريات في كل العالم العربي حيث يأتي عسكري فينقلب على السلطة ويعد في البيان رقم واحد بالديمقراطية والاصلاح وفعلا يفي بوعده الأول فينجز انتخابات لكنها شكلية وصورية تشبثه بالحكم وبعدها علينا أن ننتظر عقودا حتى يغادر الزعيم الخالد المفدى السلطة وهي عادة الى القبر أو بانقلاب آخر من عسكري آخر في تونس جميع الأحزاب تتحدث عن الديمقراطية لكنها للأسف لا تمارسها داخليا فحزب العمال يختار مجددا حمة الهمامي أمينا عاما للعقد الثالث رغم أن نتائج التصويت لم تكن لصالحه وبالطبع فالمرحلة تقتضي والظروف حاليا تحكم بأن يبقى هو الزعيم بالنسبة لحركة النهضة فالأمر لا يختلف كثيرا فالغنوشي مجددا هو الزعيم وبدونه ستضيع النهضة بل يجد له من يبرر كما تبرر بطانات الزعماء العرب وان لزم الامر يمكن تنقيح النظام أو القانون الداخلي للحزب أو ايجاد "فتاوى" لشرعنة بقائه الزعيم النداء وهو حزب ولد بعد الثورة لم يخرج عن القاعدة وصراعاته كلها من أجل الزعامة وحتى عندما تخلى رئيسه عن قيادته بحكم الدستور فانه بقي كذلك من وراء الستار الأمثلة كثيرة بل لا نكاد نجد حزبا واحدا نقل لنا صورة الديمقراطية الداخلية باستثناء التيار الديمقراطي الذي لا نحكم عليه حاليا لأنه لم يذق طعم السلطة بعد وعندها سنعرف هل فعلا هو مثل استثناء أم أنه سيسير مع الركب ولولا الزعيم لضعنا وضاعت البلاد