قاد "مجهولون " يفترض بهم أنهم ظنوا أنفسهم أوصياء على "الفضيلة والأخلاق الحميدة" ودعاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حملة منظمة لغلق المواخير في المدن التونسية وفي العاصمة في نهج "عبد الله قش" الذي صار اسمه مرادفا لماخور العاصمة... وتداول "الفايسبوكيون" فيديو لعدد من التونسيين يرددون بصوت جماعي بعد غلق ماخور العاصمة "لبيك اللهم ليك لبيك لا شريك لك لبيك" وهو ما أثار حفيظة الكثيرين... فليس منطقيا أن يرددوا دعاء الطواف بالكعبة الشريفة في عبد الله قش واكتفى المنددون بالتنديد أمام صمت وزارة الداخلية التي لم تعلق على غلق المواخير التي تقنن البغاء العلني كمهنة ينظمها القانون...والموقف ذاته بدا مشتركا بين الأطياف السياسية عموما إذ يبدو أن حساسية الموضوع وارتباطه بالأخلاق ومفاهيم العفة والشرف في مجتمع دينه الرسمي الإسلام، جعلت جل المتحدثين الناطقين باسم الحركات والأحزاب المرابطين في بلاتوهات التلفزيونات يتجنبون الخوض في الأمر فإن هم شجبوا حملات الإغلاق بدوا وكأنهم يشجعون على الرذيلة وإن هم ساندوها ظهروا في ثوب المحافظين أو الداعين إلى الفوضى بتطبيق سياسة "خذ حقك بيدك"... وفي برنامج حزب يساري يعرف صاحبه بأنه شيوعي وردت النقطة التالية "منع ممارسة البغاء العلني"، والنقطة نفسها وردت في برنامج حزب موصوف بأنه إسلامي، وكأن "البغاء العلني" هو أولوية الأولويات في هذه المرحلة الانتقالية من تونس الحرة، وهو من الأهمية بأن يكون ضمن خطة الأحزاب للمرحلة القادمة... أليس أجدر بهؤلاء الحزبيين أن يقدموا برنامجا لتحسين التعليم، والخدمات الصحية، ودفع العجلة الاقتصادية، والحد من البطالة واحترام كرامة المواطن التونسي ومجابهة العصابات التخريبية التي عينت نفسها "رئيس جمهورية" منطقتها، تنهب وتسرق وتشيع الرعب في النفوس، هدفها الاستفادة من الفوضى التي حولت شوارع تونس النظيفة إلى سوق حرة مفتوحة، يبيع فيها "النصابة" ما سرقوه على مدى الأسابيع الماضية... عفوا أيها "الحزبيون المناضلون"، البغاء العلني ليس أولوية الأولويات، ومن يتخذ من المسألة شعارا للتعبئة الجماهيرية، فلا نظن أن التونسي الذي قاد ثورة أذهلت العالم يمكن أن تنطلي عليه حيل الأخلاق الحميدة، لأن مفهوم الأخلاق لا يقف عند منع البغاء العلني، والبغاء ليس حكرا على المواخير... هناك اليوم ما يسمى بالدعارة السياسية يمارسها البعض سرا وعلنا، وأكثرها حدة أولئك الذين يشجعون على الاحتجاج على كل شيء وعلى اللاشيء والاعتصام بسبب ودونه لإسقاط زيد أو عمرو و لشل الحركة الاقتصادية كما قالت إحدى المعتصمات في القصبة... أو لم يكن "صخر الماطري" يبدأ حديثه بالبسملة، وأنشأ إذاعة للقرآن الكريم، وبنكا إسلاميا، وهو في الحقيقة ينهب الوطن وأبناءه باسم الدين والدفاع عن الفضيلة؟؟ الفضيلة ليست شعارا نرفعه، بل هي قيمة ومبدأ نمارسه ولا يحتاج الأمر إلى برنامج حزبي... إن قضية المواخير – إن كانت قضية - لا بد أن تعالج في إطار نظرة شاملة تحترم فيه مواطنة التونسيين كاملة دون تصنيف مسبق... أما المهرولون والراكبون صهوة الثورة بسرج أو دونه فسيسقطون وتتعرى عوراتهم أمام التونسيين "إلي ما عادش يعديها عليهم حد"