كنا تحدثنا ولو بشيء من الاقتضاب عما حصل فيما سمي اجتماع قرطاج وهو احالة في التسمية على اجتماعات وثيقة قرطاج الأولى والثانية وذكرنا كون خلاف حصل بين رئيس الجمهورية ومحسن مرزوق لكن فيما أوردناه فان الأطراف الأخرى غابت لذلك فإننا نعود للموضوع بأكثر توسع والغاية الأساسية ليست خلق الاثارة بقدر ما هي قراءة تطورات المشهد السياسي ومعرفة الى أين يسير في هذه السنة الفارقة أي 2019. هذا الاجتماع كان الهدف منه التوصل الى صيغة أو معادلة أو وصفة سحرية ان صحت العبارة لإخراج البلاد من الأزمة الخانقة التي تمر بها وهو ما أعلنه رئيس الجمهورية في كلمته الأولى والتي لم يتم ايراد الا جزء يسير منها للإعلام وبالتالي للرأي العام وفيها قال الباجي قائد السبسي كون الهدف هو ايجاد توافق بين الأطراف ويقصد هنا أساسا اتحاد الشغل والحكومة ومعها داعموها أو سندها ونقصد النهضة والمشروع وكتلة الائتلاف الوطني . لكن هل تحقق الهدف؟ في التصريحات عقب الاجتماع قيل كون النقاشات كانت بناءة وتم الاتفاق على اجتماع آخر والكل يعرف أن ما قيل هو تصريحات ديبلوماسية لم تعكس حقيقة الاجتماع والذي كان متوترا بين كل الأطراف بل حتى بين الحلفاء . من بين ما حصل أن رئيس الجمهورية حمل مساندي الشاهد والحكومة من ورائه مسؤولية الوضع الذي تمر به البلاد وموقف محسن مرزوق كان أنه لم يحكم الا منذ شهرين أي أنه لم يصبح طرفا في الائتلاف الحاكم الا منذ فترة وجيزة وهنا توتر الوضع مع رئيس الجمهورية . لكن ما يعنينا ليس ما قيل من كل طرف والى أي مستوى وصل التوتر بل لماذا التوتر في حد ذاته؟ كلنا يعرف أن محسن مرزوق هو من بين الشخصيات الفاعلة والرئيسية في تأسيس نداء تونس أو على الأقل هو يرى نفسه كذلك لكنه وجد نفسه خارج الحزب اثر خلافات حادة مع حافظ قائد السبسي أي أنه يرى أن مؤسس الحزب انحاز لنجله على حسابه وعلى حساب شخصيات أخرى خرجت منه وبعضها عاد على غرار رضا بلحاج. هذا الموقف حضر في الاجتماع أي أن هناك خلفيات وموقف متحامل من مرزوق بغض النظر عما كان سيسمعه في قصر قرطاج. الأمر الثاني الذي حصل هو أن رئيس الكتلة البرلمانية المحسوبة على الشاهد ونقصد أحمد بن مصطفى حضر لا كصوت للشاهد بل بان وكأنه منحاز لرئيس الجمهورية أكثر وهو ما مثل مفاجأة ستظهر تبعاتها مستقبلا بل في المستقبل القريب . بمعنى آخر هل سنرى تغييرات في كتلة الائتلاف الوطني وتحركات جديدة وسياحة حزبية مجددا؟ بالنسبة لحركة النهضة وهي الحاضرة بشيخها أو رئيسها راشد الغنوشي فإنها تجد دائما نفسها المستفيد مما يحصل فارتباك في الكتلة المحسوبة على الشاهد سيقوي موقفها وخاصة في مسألة الضغط عليه لعدم الترشح في انتخابات 2019 والالتزام بذلك . ما حصل في اجتماع قرطاج أخرجه عن هدفه المرسوم وهو اخراج البلاد من أزمتها حيث غاب هذا وحضرت مكانه أزمات بين الأطراف الحاضرة أي غابت تونس وحضرت الأحزاب والحسابات. محمد عبد المؤمن