سنة 2010، كنت مديرة دار الكتب الوطنية، واتفقت ما بعض زملاء العمل على إقامة معرض وثائقي حول مرور عشر سنوات على وفاة بورقيبة... كان الأمر عسيرا زمنها، لكن تجرأنا على ذلك، السيد عبد الرؤوف الباسطي وزير الثقافة آنذاك مد لنا يد العون، قمنا بعمل جبار تحت مراقبة شبه لصيقة من عناصر من الشرطة تزورنا بين الفينة والأخرى...صباح يوم الافتتاح، جاءنا رجل طلب منا حذف الكتب التي تعرض لبورقيبة، رفضت وهجت ومجت وهددت بالاستقالة... مرت الأزمة بهدوء، ومر المعرض كما أردناه مؤرخا لتاريخ تونس في القرن العشرين، تعلمت من هذا المعرض الكثير، وما زلت اذكر شحوب وجه الغرياني اذ فاجأناه بمنحوتة لبورقيبة في مدخل الدار، وبالنشيد الوطني وأغنية: يا سيد الأسياد... اليوم الغرياني، الذي كان أمين عام التجمع آنذاك، وافتتح المعرض بعد أن أشبعنا رجاله تعطيلا، يساند النهضة ومنظومة الديموقراطية "زعمه زعمه"... اما الرجال والنساء الذين عملوا بجد وجهد وتصدوا لتزييف التاريخ من اعوان المكتبة والسيد عبد الرؤوف الباسطي، فجنود خفاء لا يريدون مجدا ولا اعترافا... ذاك هو الفرق بين من يحب الوطن ومن يتزلف الى الموجودين في السلطة... وحتى يموتوا كبار الحومة...