تكريم يمتد في ذاكرة الأجيال.. متجاوزا بعده الزماني ومساحته المكانية إلى عمق جمعي في ذاكرة الأجيال جيلا بعد آخر..وإلى مساحة تتسع باتساع عدد العابرين في هذا التكريم يوما بعد يوم.. وذلك عندما يطلق اسم شخصية على شارع من الشوارع، فهذا مما يعني حضوره في العين وتردده على الذاكرة.. إلا أن عمق هذا الحضور يظل مرتبطا بصورة ذهنية يصنعها ذلك الشارع في أذهان المارة فيه يوميا حسبما يشاهد العابرون فيه من مقومات. يؤكد عدد من المثقفات والمثقفين بأن إطلاق مسميات الشخوص على الشوارع لا بد وأن يكون وفقا لنوعية في الرؤية،ودقة في الاختيار،ووعي بالمنجز،حتى لا يفقد هذا التكريم في بعديه الإبداعي والجماهيري قيمته على مستوى القيمة التكريمية من جانب، وعلى مستوى الاحتفاء الجماهيري من جانب آخر.. إضافة إلى ما يشكله هذا التكريم من محرض لعامة الجماهير وخاصتهم إلى التعرف بشكل أعمق،ومعرفة أوسع بما قدموه من ريادة استحقوا عليها هذا التكريم.. إلى جانب ما يعززه هذا الاحتفاء من غرس صورة «القدوة» في نفوس النشء.. أما عن واقع شيوع إطلاق تسمية الشوارع المحلية بأسماء الرواد في المجالات الثقافية والتربوية المختلفة.. أشير إلى أن تسمية الشوارع بأسماء لها مكانتها الثقافية والفكرية والإبداعية مما هو شائع لدينا،باعتبار أن هذه التسمية مما يأتي على جانب من التكريم الذي تحظى به القامات الثقافية في بلادنا، سواء كانت هذه الشخصية تاريخية أو أدبية أو أيضا تربوية،ممن كان لهم في الريادة قصب سبق في تاريخنا التونسي العريق قديما أو ريادة معاصرة حديثا. وهنا أقول: تحتاج تسمية الشوارع إلى اختيار أهم الشخصيات ذات المسيرة الرائدة في أي مجال وفي كافة التخصصات، ولكل من له ريادة بمساهمة فعلية مؤكدة وبارزة في مجالها، لأن في هذا تكريما لها واهتماما بما قدمته من إسهامات لتقديمها إلى ذاكرة الأجيال القادمة، ومن هنا فلا بد من وجود لجنة من تخصصات مختلفة تشكل بدورها لجنة تسمية الشوارع،بحيث يستطيع كل من أفرادها أن يقدم قائمة بأبرز الأسماء في مجاله المعرفي، الأمر الذي من شأنه تقديم البارزين إلى جيل اليوم الذي لن يجد في التعرف عليه صعوبة في التعرف على إسهامات أصحاب هذه المسميات من خلال ما توفره لهم التقنية من معلومات سريعة ميسرة المنال.. مختتما حديثه بالتأكيد على أهمية ما تحتاج إليه تسميات الشوارع من عناية ودقة واستقصاء وشمولية في اختيار أسماء الأعلام، لما في ذلك من معاني الوفاء والتكريم، وجعل أسمائهم على الشوارع بوابة للتعرف على مكانتهم كقيمة، وعلى نتاجهم كمنجز، وعلى إسهاماتهم المختلفة كدور بارز أيا كان مجاله. لذا اقترح على السلط الجهوية بتطاوين وبخاصة البلدية أن تجتمع مع مثقفي المناطق لتحديد أسماء الأعلام والذين من الواجب علينا تثبيتهم في ذاكرة المدن والقرى نظير جهودهم الإبداعية والإنسانية, ويمتد أيضا لتحفيز الناس لقراءة نتاجاتهم الإبداعية والتربوية والتعرف على ما قدموه,لذا انتظر أن تبادر-البلدية- بالإهتمام بهذا البعد التكريمي عبر العديد من الشوارع، خاتما حديثي بأن تسمية الشوارع بأسماء المبدعين والمربين الأفاضل يعطيها وهجا ونبضا وروحا وجمالا.. متسائلا في الوقت ذاته بالقول: هل تفعلها -البلدية-أم تظل تحت ربقة التقليد والتكلس ؟! ختاما أتوجه-كما أسلفت-إلى المصالح المختصة ببلدية تطاوين إطلاق إسم الأستاذ الراحل والمربي الفاضل محمد السيوطي المؤدب (الإبن البار لجهة تطاوين) على إحدى الشوارع أو المؤسسات التربوية بجهة تطاوين تخليدا لذكراه،وإعترافا منا جميعا لما قدمه هذا الرجل الفاضل من جليل علم ومعرفة لأجيال متعاقبة وهذا ليس بعزيز على السلط الجهوية بتطاوين.