وفي الوقت المحدد افتح الصندوق واعرضه على بعض من حضروا من الناخبين ليتأكدوا من انه فارغ، ثم اغلقه وتبدأ عملية الانتخاب.. قد تكون البداية فيها اقبال عشرة مثلا ولكن الساعات تمر ويبدأ الاقبال ضعيفا.. هنا يتحرك اعضاء الشعب والعمدة يستسمحونني في ان اسمّي لهم بعض من تخلفوا ليتصلوا بهم.. وحركة الاتصال هذه تؤتي اكلها مع البعض ولا تحقق نتائج من البعض وبما ان السلطة المتحكمة في الانتخابات تريد تسجيل اقبال عدد كبير من الناخبين فما هو الحل؟ يتصلون بي ويعرضون عليّ ان اقبل بطاقات ناخبين دون ان يحضروا.. فأرفض واشهد انني كنت ارفض وآخر انتخابات كلفت برئاسة مكتب فيها هي التي نافست فيها الورقة الخضراء الورقة الحمراء. وفي هذه جاءني من يدعون بأن اباهم مريض وهو يقرئني السلام ويرجوني ان اسمح لولده بالانتخاب عوضا عنه، فرفضت ولأن صاحبنا هذا كان يخاف من حصول ما يضره بسبب غيابه تحامل على نفسه واقبل وانتخب وهو يعاتبني. للتاريخ اقول: بما ان الانتخابات التي ترأست مكتبا من مكاتبها في عهد بورقيبة كانت شكلية ومسرحية لأن كل افراد القائمة ناجحون واقاموا الاحتفالات وتقبّلوا التهاني في بيوتهم قبل الانتخابات فقد كنت لا اطيل الفرز.. ولكن في الانتخابات التي نافست فيها القائمة الخضراء القائمة الحمراء كونت حولي مجموعة من الناخبين الثقات وفتحنا الصندوق بحضور الجميع وبدأ الفرز، ولما انتهينا تبين لنا خطأ فأعدنا الفرز ثانية، وقد بان ان اغلب الناجحين صوّتوا للقائمة الخضراء.. وهنا جاءني من يمثلون حزب بورقيبة وطلبوا مني ان اسمح بالتزوير فرفضت.. وقدمت التقرير كما هو حقا وصدقا والله يشهد على ذلك. وللتاريخ اشهد ان الحزب الشيوعي كان ناديه مواجها الى داري في جندوبة وحين يقرر ان يقوم بحملته الانتخابية بواسطة بوق في سيارة يتجمع حول النادي الشباب ويمنعون السيارة من الخروج. واليوم شهدت وشهدتم وشهد العالم كله حملة انتخابية في تونس شاركت فيها عشرات الاحزاب وعشرات القائمات المستقلة، وخاطب كل واحد الجمهور الذي اقبل عليه بما يريد، وبلغه بحرية الرسالة التي يريد وانتقد منافسيه كما يريد. واشهد ان كل من له مال او من يدعمونه بالمال كان اقدر على عقد اجتماعات انتخابية اكثر، وكان قادرا على تنويع بطاقات اشهاره اكثر، وكانت منابر الاعلام الموازي غير الرسمي تستقبله اكثر وتوفر له ابلاغ صوته وتعد منافسيه اكثر. واشهد ان النهضة في عهد الطاغية المخلوع حاولت ان تعرّف برسالتها في جو ظاهره حرية وباطنه قمع ومطاردة وان التعددية التي ظهرت في الانتخابات في عهد الطاغية كانت مسرحية واشهد ان التعددية في انتخابات اليوم كانت صادقة. وان الذي يدخل الخلوة بنفسه لا يجد حوله من يتجسس عليه كما كانوا يتجسسون على الناخبين في العهدين الماضيين. واشهد ان الاقبال على الانتخابات كان فوق المتوقع وقد سألت بعض الناخبين: لماذا جئتم تنتخبون؟ قال البعض: هذا واجب وطني وقال البعض لأثبت لنفسي انني اليوم اتمنى الحرية وقال البعض: لأدلي بصوتي للحزب الذي اخترته حتى يفوز على غيره.. وقال البعض: جئت من اجل صديق او قريب مترشح. وللتاريخ اشهد اننا كنا نسهر الليل بعد اغلاق مكاتب الانتخابات للاعلان عن النتائج من وزارة الداخلية.. كانوا يوهموننا ان الصندوق اعطى مدينة كذا كذا صوتا والواقع الذي يشهد به من حضروا في وزارة الداخلية ان النتائج كانت تكتب في وزارة الداخلية حسب هوى السلطة. واليوم وانا اكتب مقالي: اعتقد ان النتائج سوف لن تنطق بها وتشهد الا الصناديق ولا يستطيع اي حزب او أية قائمة ان تدعي قبل الانتخابات ان الفوز حليفها وتتقبل التهاني قبل اعلان النتائج. وفي النهاية اسأل: لماذا لم تكن انتخاباتنا الرئاسية والتشريعية امس صادقة، نزيهة، حرة وديمقراطية؟ من المسؤول عن ذلك؟ هل هو رئيس الدولة ام هم المنافقون والوصوليون حول رئيس الدولة وزوجة صاحب كرسي الدولة؟ واليوم: هل بقي فينا النفاق والمنافقون والوصوليون في الاحزاب وحول الاحزاب؟ بالامس كانت النيابة تشريفا واليوم هل ستكون تكليفا ومسؤولية وامانة؟ بالامس كانت المناقشات تحت قبة البرلمان مسرحية وشكلية في الغالب.. واليوم: هل ستتحول قاعة البرلمان الى حلبة ملاكمات لفظية ويدوية كما كان يحدث في لبنان ام ان النواب سينسون لغو خطبهم ومهاترات التشهير ويبحثون عن دستور افضل لتونس لا تكون فيه وسيلة وسيلة قضاء الحوائج ولا ليلى تعذب من تشاء وتقزم من تشاءوتذل من تشاء وتقتل من تشاء وتتعنطز على نساء تونس ورجالها كما تشاء؟ بالامس كانت الانتخابات لا تصرف فيها المليارات من صندوق الدولة واليوم انفقت الدولة على الاحزاب والقائمات وعملية الانتخابات مئات المليارات فهل سيكون الحصاد طيبا ووفيرا و(صابة)؟ اسأل وأحب ان افهم.