حلت عبير موسي على رأس الحركة الدستورية، كأول إمرأة تقود حزبا سياسيا في تونس،في فترة حاسمة من مسيرة البلاد، إشتد فيها الحنين إلى الماضي بعد تراكم الخيبات، و0رتفعت أسهم الدساترة والتجمعيين، وأخذ اللهاث وراءهم و0ستقطابهم نسقا تصاعديا، الشيء الذي أثار تسابقا وتنافسا كبيرين في هذا المجال وجعل الأحزاب ذات الثقل البرلماني كنداء تونس والمشروع والنهضة وآفاق تونس وغيرها تجنح إلى استقطاب رموز وكفاءات النظام السابق وحزبه الحاكم،التجمع الدستوري الديمقراطي، وإن استفاد حزب نداء تونس من زخم الدساترة أكثر من الأحزاب الأخرى بعد أن أكد،علنا، إنتماءه إلى الإرث السياسي والتحديثي البورقيبي، فإن النهضة والمشروع وآفاق ، بالخصوص، لم يسقطوا حقهم في مواصلة إستدراج الدساترة للإلتحاق بخلاياهم. لكن وبالرغم من هذه المعطيات وتغير الظروف وظهور مؤشرات تحولات كبيرة في الخارطة السياسية ، وتأكيد الأغلبية على ضرورة القطع مع الحقد والكراهية والثأر والثأر المضاد والدعوة إلى إقرار مصالحة وطنية، مازال البعض مصرين على انتهاج مسلك التحريض على الصراع ونشر الإشاعات المغرضة والتخويف من عودة الحزب السابق ومعه عودة الإستبداد المزعوم، وقد أخذت هذه التحذيرات المشحونة بالمبالغة المتعمدة، لدى بعض الأحزاب والتيارات، شكل الشعارات التي لا يكل أنصارها عن ترديدها في كل حين وآن وعند اللزوم وغير اللزوم، وكادت تؤدي، في فترة من الفترات إلى الوقوع في فخ خطأ فظيع قد يكلف البلاد غاليا، وهو إقرار قانون الإقصاء تحت غطاء "حماية الثورة"،لولا هبة وعي أسقطت هذا المشروع الجهنمي. مازال الخوف من عودة التجمع هاجسا مسيطراعلى جانب هام من الناشطين في الساحة السياسية، وكان البعض من أصحاب الأجندات المشبوهة يعملون جاهدين على تذكية هذا الهاجس وإضرام لهيبه بشكل إستفزازي ، في حين عمد البعض الآخر إلى شيطنة الدساترة والتجمعيين لمآرب أخرى، حتى تشكلت،شيئا فشيئا، أسطورة "ماكينة التجمع" التي عادت إلى الدوران، بما في الأسطورة من زيف وتضخيم وترهيب، وبدا وكأن التجمع قد استعاد عافيته و0نطلق في اكتساح الساحة بسرعة وقوة!!! المتأكد هو ان التجمع لن يعود ، ولا أحد، حتى من أنصاره، يرغب في عودته، لذلك فإن عبير موسي مقتنعة شديد الإقتناع، بأن الحزب الذي تترأسه، وبالرغم من مرجعيته الدستورية، لن يكون، بأي شكل من الأشكال، بديلا للتجمع الدستوري الديمقراطي وإن نهل من إرثه واعتمد على إطاراته واستند إلى من تبقى من أتباعه، ولكنها عملت مع مجموعة من المتشبعين بالفكر البورقيبي والم0ثر الدستورية على تثبيت مقومات حزب وسطي معتدل هو إمتداد لتيار وطني متجذر في تاريخ تونس ، بأنتهاجها لهذا التوجه تمكنت عبير موسي من تثبيت أسس حزب ينمو بسرعة محققا أرقاما قياسية على مستوى الإنخراطات في فترة زمنية محدودة وحضور في كافة مناطق البلاد وخطاب سياسي قوي ولكنه بحاجة إلى بعض الليونة والعقلانية والتماهي مع التوجهات " الوفاقية" في البلاد لأن السقوط في الفخ الذي سقط فيه الإقصائون من شأنه عن يلحق الضرر بالحزب الحر الدستوري . على عبير موسي أن تمد يدها إلى خصومها السياسيين في إطار فسيفسائية المشهد السياسي فكما ترفض الإقصاء عليها أيضا أن لا تمارسه ضد الآخرين.