في الكامور، كشفت تطورات الأحداث عن وجود أزمة شاملة ومركبة، اول ما تكشف عنه هو أزمة الدولة الوطنية التي تأسست بعد الاستقلال، التي نلاحظ انها فشلت في تأمين عديد الانتظارات وان منجزها ضعيف ولا يكاد بالادنى يضمن لها حتى الاستمرارية، فهي لم تقطع في تعاطيها مع رعاياها وليس مواطنيها مع ثقافة ومنطق الإيالة العثمانية / المخزن التي كانت تربطه بولايات الداخل علاقة عمودية قوامها دفع الجباية، ذات العلاقة كرسها المستعمر الذي جعل من محافظات الداخل خاصة الصحراوية محميات عسكرية وضع استمر بعد الثورة فلم نلاحظ حتى مجرد نوايا في القطيعة مع الممارسات السابقة، في الحد من التهميش والحقرة عبر تعديل في منوال التنمية، وتكريس المواطنة الحقيقية "لرعايا" الداخل ، وهو ما استبطن الغضب وفجره لاحقا، غضب من استمرارية احتكار المركز او الدولة العميقة، حيث يرى شباب تلك المناطق أنه وضع لم يعد مقبولا ولعل هذا ما يفسر هذا التحول النوعي في الحراك الاحتجاجي من مطالب تقليدية مثل الشغل والتنمية الى فعل " مقاوم" تمثل بالخصوص في رفع شعار " تأميم الثروات". كما تم احياء النزعة المحلية او ما يسميها دوركايم بالتضامن الآلي عبر اللجوء لبني اجتماعية ما قبل الدولة الأمة، مثل العشيرة والقبيلة التي تجلت عبر " الفزعة" ( فزعة الاهالي) في مواجهة الدولة ممثلة في اجهزتها الأمنية والعسكرية التي تفرض بها شوكتها كما يقول ابن خلدون ( المشهد في تطاوين ليلة البارحة)، من خلال احتكار ما يسميه ماكس فيبر وقبله ابن خلدون ب "العنف الشرعي". شرعية الدولة في الكامور رهينة ابتداع حلول تقنع الشباب المنتفض هناك، الذي يستدعي فهمه تواصل وبيداغوجيا خاصة لا تمتلكها السلطات الحالية، وهو ما يستدعي مقاربة سوسيولوجية وانتروبولوجية لفهم هذا الحراك الاحتجاجي الجديد، حينها يمكن التوصل الى حلول او تسويات، بعيدا عن ثنائية ارث ثقافة المركز والاطراف، الثنائية المختلة لفائدة المركز، والتي تتأسس على تأبيد الهيمنة والتهميش.