شهدت البلاد في السنوات الأخيرة ، وخاصة بعد الإنتخابات الرئاسية والتشريعية الماضية ظهور تيارين متباينين يمثلان خطرا على الديمقراطية : جماعة التيار الأول يعتقدون أن الشرعية الإنتخابية مطلقة وتمكن أصحابها من التصرف في البلاد كما يتصرف أصحاب الأرض في مزرعتهم ، و جماعة التيار الثاني هم الخاسرون في الإنتخابات الذين تنكروا للمبادئ والشعارات والمقاربات التي كانوا يروجون لها ، وبسقوطهم سقطت الأقنعة التي كانت تغطي حقيقة معدنهم والذي لا يمت للفكر الديمقراطي بأي صلة . صحيح أننا نظمنا إنتخابات ، ولكن لا يعني ذلك ، مطلقا ، أننا ثبتنا أركان ديمقراطية حقيقية ، لأن المسار الديمقراطي لا يختزل في صندوق إنتخاب ، فما دام الجهل بقيم الديمقراطية وشروطها و0لتزاماتها ونسبيتها سائدا في الساحة السياسية فالفوضى ستتسع وتتواصل والشطحات الفلكلورية ستأخذ أبعادا درامية ويكون الوطن المنهك هو الخاسر الأكبر.