الأمين العام لحزب الخضر للتقدّم في حوار ل"الإعلان" التونسيّة الحديث عن افتكاك مناضلين ناتج عن سوء فهم للعمل السياسي وتعلّة لمن لم يرق لهم نجاح حزب فتي : أجرت جريدة "الإعلان" حديثا مطوّلا مع السيّد منجي الخماسي الأمين العام لحزب الخضر للتقدّم ، ونظرا لما جاء فيه من معطيات تهمّ شأن هذا الحزب السياسي المعارض في تونس وجملة مواقفه وعلاقته محليّا وقاريّا تنقلُ "السياسية" نص الحديث الذي أجراه الزميل محمّد علي بن لطيفة:
ترشحت قائمات حزب الخضر للتقدم في 28 دائرة للانتخابات البلدية ولكن تحصلت 14 منها فقط على الوصل النهائي، ألا ترون أن ذلك يمثل امتيازا لحزبكم باعتباره مازال حديث النشأة ويشارك لأول مرة في انتخابات بلدية ؟ بداية، هي أوّل مشاركة لحزبنا في الانتخابات البلدية وقد حرصنا على أن تكون مشاركتنا متميّزة وفي إطار المنافسة الشريفة، إيمانا منّا بمبدأ المشاركة في مسار الإصلاح السياسي الذي تعيشه بلادنا منذ أكثر من عقدين. وعملا بأحكام القانون المنظّم للعملية الانتخابية قمنا خلال الفترة الممتدّة من 11 إلى 17 أفريل الماضي بتقديم ترشحات قائماتنا الانتخابية التي تحصّلت منها 14 قائمة على الوصل النهائي. ويعتبر هذا العدد من القائمات التي تحصّلت على الوصل النهائي نجاحا نسبيا لحزبنا باعتبار أنّها أوّل تجربة لنا في البلديات مقارنة بالعديد من الأحزاب السياسية الأخرى التي لها أكثر من العقدين والتي تساوينا في عدد القائمات مع بعضها وبفارق طفيف مع البقية، لولا بعض الصعوبات التي حالت دون ذلك لكانت النتائج أفضل. كيف ذلك ؟ كنّا نطمح إلى تقديم أكثر من 30 قائمة بلدية لولا الصعوبات التي اعترضت العديد من مناضلينا بما حال دون تمكّنهم من ترسيم قائماتهم. والتي تمثّلت أساسا في العديد من الممارسات التي قام بها عدد من الذين لا تتماشى مصالحهم الضيّقة مع وجود مشهد سياسي تعدّدي وديمقراطي من خلال رفض بعض الإداريين تسليم بطاقات الناخب للعديد من المواطنين الراغبين في الترشّح في القائمات السفرجلية، قائمات حزب الخضر للتقدّم. ولكن يتهمكم عدد من الأحزاب ب"افتكاك" البعض من كوادرها وإطاراتها لتكوين قائماتكم التي ترشحت لخوض سباق الانتخابات البلدية؟ هذا الاتهام ناتج عن سوء فهم للعمل السياسي وتعلّة لمن لم يرق لهم نجاح حزب فتي، فهذا المصطلح افتكاك لا يطلق على الأشخاص خاصة وأنهم ليسوا ببضاعة، وقد صرّحنا إلى الإعلام الوطني بأنّ حزب الخضر للتقدّم لم يفتكّ أي مناضل من أي حزب آخر لكه لا يوصد الباب أمام أي مواطن يريد الانتماء إليه شريطة احترام مبادئه الأساسية التي ننادي بها منذ حصولنا على تأشيرة العمل القانوني، خصوصا وأن بعض الوجوه التي التحقت بنا هي من المتضلّعة في الشأن السياسي من نواب وقيادات سابقة في أحزاب أخرى وما علينا إلا احترام اختيارات هذه الكفاءات الوطنية التي التحقت بنا، وفي إطار إعداد القائمات الانتخابية استقبل الحزب بعض القادمين من أحزاب أخرى لا تتعدى عدد أصابع اليدّ. يتهمكم البعض بموالاتكم للسلطة، بماذا تردون على ذلك؟ حرصنا في حزب الخضر للتقدّم منذ حصولنا على تأشيرة العمل القانوني في 3 مارس 2006 على الانتصار لخيار المراكمة الإيجابية ومعاضدة مجهودات الدولة في كلّ ما هو ايجابي والنقد البنّاء بقوة الحجّة وكلما كانت هناك اخلالات إلا وأشرنا إليها. كما أنّنا نعي جيّدا خصائص وطبيعة التجربة التنموية التي تعيشها بلادنا منذ 22 سنة فالمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تطوّر مستمر وهو سائر نحو الأفضل نتيجة للسياسة الحكيمة التي ينتهجها الرئيس بن علي منذ تولّيه الحكم في 1987 هذه السياسة التي تمكّنت من إنجاح مسارات التنمية وتوسيع هامش المشاركة في جميع المجالات والقضايا والمسائل الكبرى أمام جميع مكونات المجتمع التونسي مهما اختلفت أفكارهم وانتماءاتهم السياسية. وكما سبق وأن أشرت في عديد من المناسبات بأنّ ولاءنا هو للوطن وللتضحيات التي قدّمتها أجيال الحركة الوطنية من أجل بناء صرح الدولة التونسية الحديثة المستقلة والتزمنا في سياستنا في حزب الخضر للتقدم بالابتعاد قدر الإمكان عن الجحود فنقول للمسيء أسأت وللمحسن أحسنت، وحزبنا غير مبني عن المعارضة للمعارضة فنحن ملتزمون بالقانون التأسيسي لحزبنا كحزب معارض مساهم في العملية السياسية والديمقراطية في البلاد ويسعى لإثرائها عبر حضوره في العديد من فضاءات الحوار مع الحكومة ومع سائر مكونات المجتمع المدني والسياسي سواء عبر السلطة التشريعية أو مختلف المجالس الاستشارية العليا وكذلك عبر الاستشارات الوطنية والندوات والملتقيات، وهذا هو الهدف من تعميق الحوار وعلاقات التواصل والتكامل بما يخدم مزيد تطوير البلاد ورقيّها وتحقيق حاجيات المواطنين في مختلف الجهات. ماذا في برنامج الحملة الانتخابية لقائمات حزب الخضر للتقدم للانتخابات البلدية والتي انطلقت يوم أول أمس الأحد ؟ نحاول في هذه الحملة مواصلة تحقيق مزيد الإشعاع لمبادئ حزبنا وذلك عبر البرنامج الانتخابي الذي قمنا بإعداده إلى جانب العمل على استثمار التجربة التي خاضها مناضلو ومناضلات الخضر للتقدّم خلال انتخابات 25 أكتوبر الماضي وعبر مزيد الاقتراب أكثر من الناس والمواطنين ورصد مشاغلهم وانتظاراتهم بالإضافة إلى تشخيص الواقع المعيشي للمواطنين والتقدّم ببدائل عملية وناجعة للمضي قدما في طريق تحسين ظروف العيش والارتقاء بجودة الحياة في مختلف جهات البلاد. كما قمنا على مستوى المكتب السياسي ببرمجة مجموعة من التحركات خلال هذا الأسبوع بهدف مزيد من الاقتراب من مشاغل المواطنين وتحفيزهم على المشاركة في هذا الاستحقاق البلدي خاصّة وأن هذه المحطّة الانتخابية تعتبر مناسبة متجددة لمزيد ترسيخ أسس التعددية والديمقراطية المحليّة التي تعتبر القاعدة الأساسية لبناء مجتمع ديمقراطي. عموما سنركّز في برنامج حملتنا على اللقاء المباشر مع الناخب وتوزيع البيان الانتخابي والاجتماعات العامّة والزيارات الميدانية للأحياء والمناطق البلدية التي سيشارك فيها حزبنا. نأتي إلى موضوع غياب مشاركة حزب الخضر للتقدم في أشغال مؤتمر الخضر الأفارقة الملتئم بالعاصمة الأوغندية كامبالا من 16 إلى 19 أفريل المنقضي، ما هي أسباب هذا الغياب اللافت للانتباه ؟ إنّ حزب الخضر للتقدّم قد غاب بمحض إرادته عن فعاليات هذا المؤتمر ولم يُغيّب كما روّجت له عديد الأفراد الذين لا يمثّلون سوى أنفسهم. وحتى نكون في منتهى الشفافية، فإنّ أسبابا عملية وموضوعية دفعت بحزبنا لعدم المشاركة في فعاليات هذا المؤتمر الأوّل، فتوقيت انعقاده تزامن مع الاستعدادات للانتخابات البلدية وتقديم القائمات الانتخابية، أي أنّ الأولوية توجّهت للاستحقاق الوطني الذي أعلن حزبنا عن التزامه بالمشاركة فيه انطلاقا من إيمانه العميق بأهميّة المشاركة في تطوير التجربة التونسية. ثمّ الأهم من ذلك هو أنّ حزب الخضر للتقدّم رفض الإنزياغ عن مبادئه والانخراط في أجندات أجنبية التي تتأتى عبر الولاء المجاني للغرب الذي عاد من بوابة الدفاع عن البيئة ليرسّخ بوادر استعمار جديد بالحثّ على السبّ المجاني والتحريض على بثّ الفوضى في مجتمعات هذه البلدان من خلال عرقلة نموّها وإبقائها في حالة تبعية للقوى الاستعمارية لمزيد امتصاص ونهب ثرواتنا عبر لوبيات انتصبت في بلدانها باسم أحزاب يسارية متستّرة بشعارات الدفاع عن كونية حقوق الإنسان كآلية للتدخّل السافر في شؤون البلدان المستقلّة. هذه الاتهامات التي توجهونها للبعض من الخضر الأفارقة خطيرة، فهل أنتم واعون بانعكاساتها على علاقاتكم الخارجية؟ ما سبق ذكره ليس بالاتهامات المجانية وإنما هي متأتية من وقائع ملموسة، لذلك ما الداعي من السفر والتحوّل إلى أوغندا مادامت المبادئ التي أسست من أجلها فيدرالية أحزاب الخضر الأفارقة بعيدة كلّ البعد عن الإيكولوجيا كإيديولوجيا يعمل وفق مبادئها خضر إفريقيا؟ أما عن انعكاس هذه التصريحات عن علاقاتنا الخارجية فإننا سنظلّ ثابتين على مبادئنا وعلى منهجنا الوطني. كما أننا نرفض أن يمنح الإشعاع الدولي بشكل اعتباطي وهو ما جعلنا نقاطع هذا المؤتمر. وفي حزبنا حزب الخضر للتقدم متفتحون على جميع أحزاب الخضر في العالم شريطة للتعامل مع هؤلاء من الندّ للندّ وليس من منظور علوي قائم على ثنائية السيّد والعبد. كيف ستواجهون هذه الضغوطات والإملاءات التي يفرضونها عليكم؟ نحن نرفض رفضا باتا الإملاءات الخارجية مهما كانت نتائجها لأنّ ولاءنا يبقى لتونس الوطن لا لتنسيقية الخضر الأوروبية عبر البوابة الإفريقية التي مازالت تفتقر إلى التجربة ولم يشتدّ عودها ومازال أغلبها غير ممثّل إلا في أفراد وتفتقر إلى هياكل مع احترامنا للبعض منها الذي لنا معه علاقات جيّدة وسنتواصل معهم. كما أننا نرفض أن يتمّ وضع استقلاليتنا في ميزان التجاذبات والمساومات مهما كلّفنا ذلك، لأنّ شرعيتنا نكتسبها من المواطن التونسي دون غيره وإرادتنا لن تتزعزع والتاريخ سينصفنا. كيف ترى مستقبل الخضر الأفارقة في ظل هذه الأوضاع ؟ يسعى خضر فرنسا وخضر السويد إلى السيطرة على "تنسيقية الخضر الأفارقة" من خلال إغداق الأموال على هياكلها المختلفة عبر أشخاص من الغرب ينتمون إلى لوبيات الضغط لهم عداء دفين لشعوب المنطقة ممن ساروا في درب التقدّم، التي يعاودها حنين الاستعمار وللأسف مثل هذا الولاء للغرب ينبؤ بفشل مستقبل هذا الهيكل القارّي إن لم يقع التدارك باتجاه استقلالية صنع القرار داخله والذي أصبح يبتعد عن البيئة في عمله مع ذلك سننتظر وسنظلّ ندافع عن استقلالية "خضر إفريقيا" في قراراتهم ومدافعين عن الإيديولوجيا البيئية كأولوية منها ننطلق وإليها ننتهي.